لا تستبعد أوساط إعلامية بريطانية أن يُسرّع الاعتداء الانتحاري الدامي على موقع لتدريب الشرطة في مدينة زليتن الليبية أول من أمس الخميس، ساعة الصفر لتدخّل عسكري غربي مباشر في ليبيا، ولا سيما بعد إشارات صدرت أخيراً عن عواصم غربية عدة ترجّح احتمال التدخّل عسكرياً في الأراضي الليبية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
ويُقدّر مراقبون غربيون أن الخطوة الغربية للتدخّل مباشرة في ليبيا، ستتزامن مع تقدّم تنظيم "داعش" في مناطق الساحل الليبي بعد سيطرته على سرت، ومحاولاته السيطرة على "المثلث النفطي"، وتكثيف هجماته على المواقع النفطية في ميناءي السدرة ورأس لانوف. وأكّد خبراء بريطانيون لصحيفة "أوبزرفر" البريطانية، أن أوروبا تعيش في كابوس منذ اتّساع نفوذ "داعش" في ليبيا، لأنه إذا تمكّن التنظيم من السيطرة على الثروات النفطية الهائلة فإن ما حدث في العراق وسورية سيبدو مجرّد رحلة لما يمكن أن يفعله في ليبيا، لأن قدرات التنظيم المادية والعسكرية ستتضاعف عدّة مرّات، وخصوصاً أن القدرات النفطية الليبية الحالية التي يسطر عليها داعش تقدّر بنحو 100 مليار دولار.
كما تُسابق الدول الغربية الوقت مع تفاقم الفوضى منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وغياب حكومة مركزية قوية، مما يشكل ملاذاً مثالياً للتنظيمات الإرهابية، وبالتالي تزايد الخطر على ضفاف المتوسط جنوب أوروبا. وتخشى الدول الغربية كذلك استخدام "الجهاديين" ليبيا كنقطة انطلاق لشن هجمات عبر الحدود في تونس ومالي ومصر. وبحسب مراقبين، فإن تنظيم "داعش" يعمل على إعادة تشكيل التنظيم عالمياً، خصوصاً في ظل حملات التجنيد وانضواء عناصر جديدة من السودان وسورية وتونس واليمن إلى التنظيم في ليبيا.
اقرأ أيضاً: موغريني: ليبيا تمثل تحديا أمنيا خطيرا لأوروبا
ويقول محلّلون غربيون إن ليبيا ستكون ساحة الحرب الأهمّ والأخطر بالنسبة للعالم ضد تنظيم "داعش" نظراً لما يشكّله من خطورة كبيرة على أوروبا لقرب ليبيا الشديد منها، فضلاً عن اتّساع جبهة المواجهة سواء في ليبيا ذات المساحة الشاسعة أو في منطقة الصحراء الكبرى، إضافة إلى وجود العشرات من التنظيمات المتطرّفة في شمال أفريقيا ومالي ونيجيريا وفي حال اتحادها مع "داعش" ستشكّل خطراً عالمياً غير مسبوق.
ومع ذلك، لا ترى صحيفة "ديلي ميل" الكثير من الخيارات أمام الغرب في مواجهة تنظيم "داعش"، وتتفق مع هذا الرأي صحيفة "فايننشال تايمز"، والتي ترى أن الدول الغربية تواجه معضلة متنامية في ليبيا، فهي من جهة تراقب تنامي قوة الجماعات المتطرفة المسلحة وترغب في مواجهتها والقضاء على خطرها، ولكن هناك القليل مما يمكن القيام به في ظل غياب حكومة ليبية متماسكة.
كما يخشى بعض المسؤولين الغربيين أن "أي استخدام أوسع للقوة الجوية يمكن أن يُعمّق عدم الاستقرار أو يشعل حرباً أهلية"، كما نقلت "فايننشال تايمز"، عن مسؤول غربي كبير. فضلاً عن استبعاد كل الدوائر الغربية لإمكانية التدخّل الغربي البري على نطاق واسع في ليبيا، خوفاً من تكرار تجارب التدخّل في العراق وأفغانستان حيث تكبدت القوات الغربية الكثير من الخسائر المادية والبشرية من دون تحقيق نتائج سياسية مهمة.
وكانت أبرز مؤشرات اقتراب التدخّل العسكري، ما كشفت عنه صحيفة "ذا ميرور" البريطانية، عن عزم بريطانيا إرسال ألفٍ من جنودها من أجل مواجهة التنظيم. ووفق الصحيفة فإن نخبة من القوات الخاصة البريطانية وصلت إلى ليبيا للتحضير لقدوم ما يناهز ألف مقاتل من جنود المشاة، سيصلون في مهمة التصدي لتنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يحاول توسيع نفوده باتجاه الآبار النفطية الرئيسية في المنطقة. وأوضحت الصحيفة أن القوة البريطانية ستضم جنود مشاة، إضافة إلى خبراء مراقبة من فوج الاستطلاع البريطاني. وإلى جانب القوات البريطانية الخاصة، ستعرف العملية العسكرية، والتي من المقرر أن تقودها إيطاليا، وتدعمها كل من بريطانيا وفرنسا، مشاركة حوالي ستة آلاف عنصر من قوات المارينز الأميركيين والجنود الأوروبيين، بحسب الصحيفة.
اقرأ أيضاً: بريطانيا تعدّ لإرسال قوات برية إلى ليبيا