احتشد مئات المحتجين يوم السبت على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة تضامناً مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث حملوا الأعلام اللبنانية والفلسطينية ورفعوا شعارات تندد بالمجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي وردَّدوا هتافاتٍ داعمة للقضية الفلسطينية وسط تدابير عسكرية مشددة.
وحاول محتجون فلسطينيون تخطي السياج الشائك في محاذاة الحائط الفاصل بين العديسة والأراضي الفلسطينية المحتلة، كما حاولوا تحطيم كاميرات التجسس الإسرائيلية، وسارع الجيش اللبناني إلى إبعادهم وتفريقهم منعاً لحصول أي تطورات أمنية، في حين أقام الجيش الحواجز على كامل الحدود والمناطق الجنوبية المؤدية إليها وعملت العناصر على تفتيش السيارات والتدقيق في هويات المارّة، وأفيد عن منعه وصول عددٍ من المواكب الفلسطينية إلى الحدود.
وانطلقت مواكب وباصات من عددٍ من المناطق اللبنانية ولا سيما من مخيمات نهر البارد والبداوي شمالاً وعين الحلوة والرشيدية جنوباً، بعدما وجهت فصائل فلسطينية وجهات حزبية دعوات للمشاركة الحاشدة في التحركات الاحتجاجية.
وقال أحد اللبنانيين المشاركين في التحركات لـ"العربي الجديد" إنه أتى اليوم لـ"الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وإخواننا في غزة والقدس ومستعدون لتقديم أرواحنا فداءً لفلسطين والقضية الفلسطينية، ونرفض المجازر التي يرتكبها العدو المغتصب بحق الفلسطينيين".
من جهته، قال أحد الفلسطينيين الذي قدم من مخيم عين الحلوة لـ"العربي الجديد": "أتينا بالآلاف اليوم لتوجيه رسائل واضحة إلى الشعوب العربية كافةً بأنه حان الوقت لتصحو وتقف إلى جانب القضية الفلسطينية وترفض التطبيع مع العدو الذي ينتهك ويغتصب أراضي أهلنا وأجدادنا ويحرم الفلسطينيين من بيوتهم وموطنهم"، مشدداً على رفض الجرائم الإسرائيلية في المسجد الأقصى وغزة والقدس، "فنحن خلقنا مجاهدين وسنبقى حتى التحرير والعودة إلى أرضنا".
وينفذ الجيش اللبناني انتشاراً مكثفاً في كفركلا، العديسة، مرجعيون وبوابة فاطمة وعلى كامل الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة وسط إجراءات مشددة لمنع المحتجين من اقتحام السياج الحدودي، كذلك تسير قوات "اليونيفيل" دوريات على طول الخط الحدودي.
وقال مصدر في "اليونيفيل" لـ"العربي الجديد" إنّ "قواتنا موجودة على كامل الحدود منعاً لحصول أي مواجهة مع الجيش الإسرائيلي وللحفاظ قدر الإمكان على الهدوء والحؤول دون تسجيل تصعيد من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، والتواصل قائم بين الطرفين منذ أيّامٍ لضبط النفس خصوصاً بعد سقوط شهيد لبناني أمس الخميس وإطلاق صواريخ جنوباً باتجاه إسرائيل".
تأهب أمني
ونفى "حزب الله" وقوفه وراء إطلاق الصواريخ التي أفاد جيش العدو بأنها سقطت في البحر، وعمد الجيش اللبناني إلى إجراء مداهمات وحملات تفتيش لتوقيف مطلقي الصواريخ، وأكد مصدر قيادي في "حزب الله" لـ"العربي الجديد" أنّ الحزب لا يسعى إلى التصعيد والدخول في مواجهات مع العدو، لكنه يرصد كل التحركات والتطورات وهو في حال تأهب مستمرّة للتصدّي أو الرد على أي حدثٍ أمني متعمّد.
وحذر العدو الإسرائيلي السبت لبنان من المحاولات المستمرّة للمتظاهرين من الجانب اللبناني لاختراق السياج والحدود، محملاً الدولة مسؤولية أي "محاولة للمسّ بسكان إسرائيل".
في السياق، شيّعت بلدة عدلون الجنوبية السبت ابنها محمد طحان الذي استشهد أمس الجمعة نتيجة إطلاق جيش العدو الإسرائيلي الرصاص والقنابل المسيلة للدموع والصوتية في محاولته تفريق المتظاهرين الذين كانوا يحاولون اجتياز السياج الشائك مقابل مستعمرة المطلة، ما أدى إلى سقوط جريح أيضاً نقل إلى أحد المستشفيات الجنوبية.
وشارك المئات اليوم في مراسم تشييع طحان حيث رفعت الأعلام اللبنانية والفلسطينية وأعلام "حزب الله" وصور الشهيد عند مداخل البلدة وفي الشوارع المؤدية إليها، وأكد المشاركون الذين توافدوا أيضاً من المخيمات الفلسطينية أنّ طحان هو "شهيد الحدود اللبنانية الفلسطينية الذي روت دماؤه أرض الأبطال والأحرار وباستشهاده يؤكد مدى تضامن اللبنانيين مع القضية الفلسطينية، وأن رسالة المقاومتين اللبنانية والفلسطينية واحدة".
"عدوان على كل" لبنان
من جهته، أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي لـ"حزب الله" نبيل قاووق خلال التشييع أنّ "قتل العدو للشهيد طحان هو عدوانٌ على كل لبنان"، مجدّداً "العهد للقدس وفلسطين وشعارنا دوماً عالقدس رايحين شهداء بالملايين"، مشدداً على أن "المقاومة في فلسطين تصنع اليوم أعظم الانتصارات وتسقط كل مؤامرات التطبيع وصفقة القرن".
بدوره، قال والد طحان، إنه "قدّم اليوم ابنه من أجل الوطن ومن أجل فلسطين".
وطلب الرئيس اللبناني ميشال عون أمس من وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه "إبلاغ الأمم المتحدة بالاعتداء الإسرائيلي وما أسفر عنه من استشهاد الشاب محمد طحان وإصابة آخر بجروحٍ، تمهيداً لاتخاذ الخطوات اللازمة نتيجة ذلك".
وأشار نائب الأمين العام لـ"حـزب الله" نعيم قاسم خلال زيارته أمس الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إلى أنّنا "في مرحلة صنع معادلة جديدة داخل فلسطين، وهذه المعادلة تؤكد على وحدة الأراضي الفلسطينية ووحدة التحرك الذي يربط بين القدس وأراضي الـ48 والضفة الغربية وغزة بطريقة متساوية ومتفاعلة باللحم الحي وبالصواريخ في آن معاً، ليفهم الإسرائيلي أنّ الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل الاحتلال لأي بقعة من هذه الأرض".