تواصلت الفعاليات الاحتجاجية، اليوم الأحد، على مقتل المعارض السياسي الفلسطيني والمرشح السابق للمجلس التشريعي نزار بنات.
وخرج المئات من الفلسطينيين ونظموا وقفة على ميدان المنارة في مركز مدينة رام الله وسط الضفة الغربية ثم جابوا بمسيرة شوارع رام الله، وهتفوا مطالبين برحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومحاسبة المتورطين بمقتل بنات.
وطالب المتظاهرون، في بيان صادر عنهم، بتحقيق مستقل وعادل ومعلن في قضية بنات، وإقالة الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية وتقديم المتورطين في الاعتداء على المتظاهرين للقضاء، فيما اعتقلت الأجهزة الأمنية اثنين عقب مغادرتهما منطقة الاعتصام.
وقال مدير مجموعة "محامون من أجل العدالة"، مهند كراجة، لـ"العربي الجديد": "إن المباحث العامة التابعة للشرطة الفلسطينية اعتقلت اثنين من بينهما الطالب الجامعي ضياء زلوم من وسط رام الله عقب التظاهرة".
وقال مفيد زلوم والد ضياء لـ"العربي الجديد": "إنه أبلغ عن اعتقال ابنه على بعد عشرين أو ثلاثين متراً من دوار المنارة"، مرجحاً أن يكون ذلك بعد انتهاء الفعالية، وأكد توجه العائلة إلى مقر الشرطة الفلسطينية لمعرفة أسباب اعتقال ابنه دون الحصول على أية تفاصيل، سوى اعتقاله للتحقيق على ذمة المباحث العامة.
ولم يرصد خلال الوقفة أو المسيرة التي خرجت في شوارع مدينة رام الله أية أحداث أخرى متعلقة بمنعها أو اعتقالات إضافية، فيما رفع المتظاهرون لافتة كبيرة كتب عليها "ارحل ارحل يا عباس؛ احنا بدنا انتخابات"، كما رفعوا لافتات كتب عليها "ارحل" و"كلنا نزار بنات"، و"صوتنا عالي".
وتلا أمام الحشد الناشط والمرشح السابق للمجلس فخري جرادات بياناً باسم المتظاهرين، بعد أن قدم إلى ميدان المنارة إثر الإفراج عنه مباشرة من الشرطة الفلسطينية بعد قرار من محكمة صلح رام الله؛ حيث قررت الإفراج عنه وعن نجله أسامة والناشط والمرشح السابق غسان السعدي وكلهم اتهموا بالتجمهر غير المشروع.
وأكد بيان المتظاهرين أن الفعاليات تأتي لكسر القبضة القمعية الأمنية وما أسماه حواجز التخويف والترهيب التي تحاول أجهزة السلطة الفلسطينية فرضها، في إشارة إلى فض التظاهرات التي خرجت بعد مقتل بنات في 24 يونيو/ حزيران الماضي، أثناء عملية اعتقاله من الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وطالب البيان، "بتحقيق مستقل وعادل وشفاف ومعلن في جريمة اغتيال بنات وتقديم كل من ثبت تورطه بالجريمة على كل المستويات إلى العدالة الوطنية والمجتمعية والقانونية، وإقالة قادة الأجهزة الأمنية وإعادة هيكلتها وبنائها وفق عقيدة وطنية تعيد الاعتبار لدورها في خدمة الشعب الفلسطيني، والكف عن القمع والاعتداء على المتظاهرين والمتظاهرات".
كما دعا البيان إلى "تقديم المتورطين في جرائم الاعتداء على المتظاهرين والمعتصمين السلميين إلى القضاء؛ منفذين وراعين لها ومن أصدر الأوامر"، وإقالة الحكومة "كونها تتحمل المسؤولية الأولى عن كل الجرائم والمخالفات والتجاوزات والتقصير والفساد المتراكم"، وتشكيل إطار قيادي وطني تشارك به كل القوى من داخل وخارج منظمة التحرير الفلسطينية وممثلين عن المجتمع المدني والقوائم الانتخابية المستقلة والحراكات الشبابية والأهلية؛ للإشراف على حكومة وحدة وطنية، تشرف على عقد الانتخابات العامة.
وهتف المتظاهرون عدة هتافات أبرزها تكرار "ارحل يا عباس"، وهتاف يلخص جزءاً من مطالباتهم، "مطالبنا شرعية أولها يرحل عباس عن السلطة الوطنية، ثانيها نزار بنات ليش استشهد يا خيي، ثالثها كلاب الشاباك والشبيحة الهمجية؛ تتعلق في هالميدان باسم الثورة الشعبية"، وهتاف "الشعب يريد إسقاط النظام"، وهتافات أخرى تندد بمقتل بنات، وتندد بالتنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقد شارك في الفعالية عدد من الذين اعتقلوا على خلفية دعوات للتظاهر ضد مقتل نزار بنات والقمع الأسبوع الماضي، مثل أبي العابودي، وعمر عساف، وتيسير الزبري، وجهاد عبدو، وعز الدين زعول، وسالم قطش، وغسان السعدي، وفخري جرادات، الذين أفرج عنهم قبل المسيرة بساعات؛ تأكيداً على كسر ما أسموه حاجز الخوف.
وقال الباحث والناشط أبي العابودي لـ"العربي الجديد" الذي سيواجه محاكمة على تهمة التجمهر غير المشروع بعد اعتقاله الإثنين الماضي، على خلفية دعوات لمسيرات وسط رام الله؛ "إن القانون الأساسي الفلسطيني ضمن للفلسطينيين حق التظاهر والتعبير عن الرأي، وإن أي تهمة خارج ذلك هي مخالفة دستورية"، مؤكداً أن محكمة ستعقد له في 2 سبتمبر/ أيلول المقبل، لكنه حضر إلى الاعتصام اليوم، كما قال، للدفاع عن حقه.
بدوره، قال الناشط وعضو الحراك الشعبي للتغيير عمر عساف لـ"العربي الجديد": "إن الحراكات مستمرة في الاعتصام والتظاهر السلمي وفق القانون، بهدف كسر القبضة القمعية الأمنية، التي سحلت الأطفال والشيوخ والنساء، والتي اعتدت عليهم بالغاز والهراوات"، مؤكداً أن المطلب الأول هو العدالة لنزار بنات وحق الفلسطينيين بحياة ديمقراطية وإقامة الانتخابات.
وحول تبرير الشرطة الفلسطينية الأسبوع الماضي، منع التظاهرات بعدم الحصول على تصريح، وتقديم الحراكات إشعاراً لمحافظة رام الله والبيرة حول مسيرة اليوم، قال عساف: "لا ننتظر أن يمنحنا أحد تصريحًا بحقنا، ولا نساوم عليه ولا نفاوض أحداً ولا نطلب إذناً، القانون يقول بالإشعار، نحن قدمنا إشعاراً وفق القانون، ولا ننتظر إذناً من أحد"، مؤكداً أن الإشعار أرفق بتحميل محافظة رام الله والبيرة مسؤولية أي مساس بأمن المتظاهرين وتحديداً من الأجهزة الأمنية سواء بلباس مدني أو عسكري.
أما النائب الثاني السابق لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة فأكد لـ"العربي الجديد"، أن الإشكاليات بدأت بمأزق من السلطة الفلسطينية، عبر إلغاء الانتخابات التشريعية، وثم بعد "انتصار سيف القدس في غزة" حيث يرى خريشة أنه كان يجب أن تستثمر بطريقة إيجابية، لكنه يرى أن ما حصل نتج عن تدخل أوروبي أميركي بالقول: "إنهم سيعززون مكانة السلطة".
وقال خريشة: "أعتقد أن كل الأزمات خلقت وضعاً عاماً بدأ فيه الصوت يرتفع ضد الفساد وللمطالبة بالانتخابات، للأسف استمعت أمس، لأبو جهاد (محمود العالول، نائب رئيس حركة فتح)، وكنت أتمنى ألا أسمع من هذا الرجل هذه الرسائل، ففتح دائماً تلم كل أبنائها وكل الشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن تقول أن من سينزل سيتم عقابه، هذا كلام خطير، وعليه أن يعتذر، لأن فتح ليست هكذا، الكبار يجب أن يتحدثوا بصورة منطقية أكبر".
وأضاف "أتمنى أن تبقى فتح موحدة متماسكة لأنني أؤمن أن التغيير يجب أن يمر من فتح"، في إشارة لتصريحات محمود العالول خلال فعالية مركزية لفتح أمس السبت، وسط رام الله مبايعة للرئيس عباس".
ويسود الشارع الفلسطيني احتقان كبير إثر مقتل المعارض والمرشح السابق للمجلس التشريعي نزار بنات في 24 يونيو/ حزيران الماضي، أثناء اعتقال أجهزة الأمن له في الخليل، فيما أظهر تقرير التشريح الذي أعلنته مؤسسات حقوقية وتقرير لجنة التحقيق التي شكلتها السلطة الفلسطينية أن وفاته غير طبيعية، كما أظهر تقرير التشريح أنه تعرض للضرب في كافة أنحاء جسده.
وخرجت في الضفة الغربية منذ ذلك الحين عدد من التظاهرات التي هتف فيها المشاركون ضد عباس والسلطة الفلسطينية، وبعضها هتف مطالبا برحيل عباس والسلطة الفلسطينية، فيما تم قمع وفض عدد من المسيرات إما من أجهزة الأمن أو من أفراد أمن بالزي المدني.