اعتداءات المستوطنين تتوسع في الخليل بحجة الأعياد اليهودية

27 ابريل 2024
جانب من اقتحام المستوطنين الخليل بحماية قوات الاحتلال 24 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تشهد محافظة الخليل تصاعدًا في اعتداءات المستوطنين خلال الأعياد اليهودية، مستهدفين الأماكن الأثرية الفلسطينية والإسلامية، خاصة خلال "عيد الفصح اليهودي" الذي يتضمن طقوسًا تهدد بالاستيلاء على هذه الأماكن.
- المسجد الإبراهيمي يواجه اعتداءات متزايدة، تشمل تقسيمه وفرض حصار على الفلسطينيين، وتحويل منازل إلى ثكنات عسكرية، مما يعيق حركة وتجارة الأهالي.
- اتساع نطاق الاعتداءات ليشمل مناطق جديدة مثل بركة الكرمل و"سوسيا"، حيث ينفذ المستوطنون طقوسًا تلمودية، مشيرة إلى استغلال الأعياد اليهودية لتنفيذ مخططات استيطانية تهدف للاستيلاء على المزيد من الأراضي وتغيير الهوية الثقافية والدينية.

تتوسع اعتداءات المستوطنين في محافظة الخليل جنوبي الضفة الغربية، حيث يبدو ذلك واضحًا في فترة الأعياد اليهودية، لا سيما في "عيد الفصح اليهودي" الذي تبدأ طقوسه منذ صباح الثالث والعشرين من إبريل/نيسان في كل عام لمدة سبعة أيام حتى نهاية الشهر. ويمارس المستوطنون خلال هذه الفترة أشكالًا مختلفة من الانتهاكات، خاصة الأماكن الأثرية الفلسطينية والإسلامية، ما يهددها بالاستيلاء عليها من خلال الاقتحام المتكرر بحجّة ممارسة طقوس دينية في تلك الأعياد.

وتبدأ اعتداءات المستوطنين بحماية الاحتلال الإسرائيلي في الأعياد اليهودية، من المسجد الإبراهيمي ومحيطه في البلدة القديمة من الخليل، التي لم يتوقف الاحتلال عن فرض سيطرته عليها، تحديدًا منذ المجزرة التي ارتكبها المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين في الخامس والعشرين من فبراير/ شباط 1994. وتعرّض المسجد الإبراهيمي بعد ذلك لتقسيم زماني ومكاني نتج عنه إغلاق المسجد 10 أيام بالكامل من كل عام بحجّة الأعياد اليهودية، بالإضافة إلى الاستيلاء على 63 بالمئة من مساحة المسجد وتحويله إلى كنيس يهودي، فضلًا عن فرض حصار على 5 آلاف فلسطيني يسكنون بمحاذاة البلدة القديمة.

لكن اللافت في الأعياد اليهودية أخيراً هو التوسع في أشكال اعتداءات المستوطنين وسرعة تنفيذها، حيث يقول مدير المسجد الإبراهيمي معتز أبو سنينة، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إن المستوطنين كانوا في السنوات السابقة يقتصرون في طقوسهم على الشق الذي يسيطرون عليه.

ويستدرك أبو سنينة بالقول: "إلا أن الشاهد اليوم هو تعمّدهم الاحتفال في الشق الإسلامي الصغير من المسجد وتركهم وراءهم مخلّفات وقمامة ملقاة على الأرض، وتغيير في معالمه عبر إزالة المصابيح التراثية، في انتهاك صارخٍ بحق مسجد يعتبر رابع أقدس الأماكن الدينية للمسلمين".

وخلال اليومين الثاني والثالث من عيد الفصح اليهودي هذا العام، نفّذ المستوطنون طقوسًا تلمودية ورقصات على وقع أصوات الموسيقى الصاخبة والحفلات في ساحات المسجد الإبراهيمي وبمشاركة من وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير، الذي يستوطن في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي شرق الخليل، التي تعتبر بؤرة التطرف الديني في الضفة الغربية. كما يوضح أبو سنينة الذي يشير إلى أن المستوطنين يتعمّدون إهانة المسجد في طقوسهم عبر تركيب الإضاءات الملوّنة لنزع الصفة الدينية للمكان وجعله أشبه بالنوادي الليلية.

خلال اليومين الثاني والثالث من عيد الفصح اليهودي هذا العام نفّذ المستوطنون طقوسًا تلمودية ورقصات على وقع أصوات الموسيقى الصاخبة والحفلات في ساحات المسجد الإبراهيمي

ولم تتوقف اعتداءات المستوطنين عند هذا الحد، فقد اقتحم المستوطنون باحات البلدة القديمة من الخليل، ومنعوا الأهالي وأصحاب المحال التجارية من الحركة، واستولوا على بعض المنازل وحولوها إلى ثكنة عسكرية في جبل التكروري الواقع جنوب المسجد الإبراهيمي في أعلى قمم البلدة القديمة، بحجّة مراقبة محيط المسجد وتأمين احتفالات المستوطنين، وفق أبو سنينة.

كما نفّذ المستوطنون اقتحامات طاولت منطقة باب الزاوية وسط مدينة الخليل وصولًا إلى شارع بئر السبع، بحجة وجود كهف تحت منزلٍ فلسطيني، يزعم الاحتلال أنه يعود ليهودي سكن فيه قبل مئات السنين يدعى "كهف أوثينال بن كانس". في حين أن هذا الاقتحام يأتي ضمن المسموح به وفق اتفاقية الخليل التي وقّعت عام 1997 بين منظمة التحرير الفلسطينية، والاحتلال الإسرائيلي، حيث اعتبرت هذا الكهف مكانًا دينيًا تحق لليهود زيارته والوصول إليه بشكل سلمي، لكن الاقتحام لا يحصل إلا بإطلاق النار والقنابل الصوتية والغازية.

اعتداءات المستوطنين: طقوس تلمودية ورقصات ماجنة

وإن كانت اتفاقية الخليل سمحت للمستوطنين باقتحام أماكن وسط مدينة الخليل، إلا أنها لم تسمح لهم اقتحام مناطق أثرية في أماكن أخرى مثل بركة الكرمل في مدينة يطا جنوب الخليل. إذ اقتحم المستوطنون ومعهم حاخامات عسكريون البركة واغتسلوا فيها، ونفّذوا طقوسًا تلمودية، ورقصات ماجنة، ورفعوا الأعلام الإسرائيلية والشمعدان اليهودي، رغم أن المنطقة لا تصنف تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، بل تصنف "أ" أي تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة، كما يقول نائب رئيس بلدية يطا جميل عوض في حديث لـ"العربي الجديد".

وبحسب عوض، فإن الاقتحام لم يحصل عبر تنسيق مسبق أو إبلاغ للارتباط الفلسطيني، بل بشكل مفاجئ عبر اقتحام حافلات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يؤمّن اقتحام هذه البركة، التي اقتحموها أكثر من 5 مرات منذ بداية العام، رغم أنها تعود للعهد الروماني ولا علاقة لليهود فيها، وتعمل بلدية يطا على ترميم البركة والعناية بها وجعلها مزارًا وما حولها متنزهًا فلسطينيًا.

كما اقتحم المستوطنون منطقة "سوسيا" في مسافر يطا زاعمين أن هناك كنائس يهودية، كما يقول عوض الذي نفى صحّة الادعاءات الإسرائيلية حيث إن فيها جدرانًا ومواقع وآثارًا تعود للعهدين الروماني والبيزنطي.

وبين عوض أن، في الحقيقة، الاقتحام بمهّد للاستيلاء على المنطقة التي يبني الاحتلال فيها، في هذه الفترة، منشآت ووحدات استيطانية لربطها بمستوطنات "لصيفر، وكرمائيل، وحافات ماعون". ويبدو واضحًا استغلال الاحتلال أعياده اليهودية في تنفيذ مخططات استيطانية، حيث طاولت الاقتحامات بلدة السموع، إذ اقتحم الاحتلال مكانًا أثريًا رومانيًا يعرف باسم "البرج" وأُديت فيه طقوس تلمودية، علمًا أن الموقع الأثري عبارة عن كنيسة رومانية بجانبها آثار محراب ومسجد إسلامي.

المساهمون