قضية اغتصاب أسير في سدي تيمان: إطلاق المتهمين وتحريف الحقيقة

13 اغسطس 2024
عناصر من شرطة الاحتلال أمام المحكمة العسكرية، 30 يوليو 2024 (مصطفى الخاروف/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **إطلاق سراح الجنود المشتبهين وقرار الحبس المنزلي**: تم التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الجنود الخمسة المشتبهين باغتصاب أسير فلسطيني مع وضعهم في الحبس المنزلي حتى استكمال التحقيقات، وسط صعوبات في إثبات التهمة.

- **تحريف التقارير الطبية ومحاولة تزييف الحقيقة**: تحاول جهات إسرائيلية ترويج مزاعم أن الأسير الفلسطيني آذى نفسه، رغم التقارير الطبية الأولى ومقطع الفيديو الذي أظهر لحظة الاعتداء عليه.

- **انتقادات البروفيسور كلوغر للتقرير الطبي**: انتقد البروفيسور يورام كلوغر التقرير الطبي لافتقاره إلى المهنية واعتماده على مواد محدودة دون معاينة الأسير، معتبراً أن الوثيقة لا تشكل أساساً جدياً للمناقشة في المحكمة.

تروّج جهات إسرائيلية مزاعم أن الأسير في المعسكر هو من آذى نفسه

تدّعي وثيقة رأي طبي أن لا دليل على اغتصاب المعتقل في المعسكر

لم يفحص كاتب الوثيقة الأسير ويستند رأيه إلى مواد طبية قُدمت له

أعلنت المرافعة العسكرية الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، توصّلها إلى اتفاق مع النيابة العسكرية في جيش الاحتلال، ينص على إطلاق سراح الجنود الخمسة المشتبهين باغتصاب أسير فلسطيني من قطاع غزة في معتقل معسكر سدي تيمان الذي يوصف بأنه أبشع من معتقل غوانتانامو، فيما صدرت تقارير طبية إسرائيلية تحرّف حقيقة ما حدث، وتزعم إيذاء الأسير نفسه. وسيتم بموجب الاتفاق تسريح الجنود إلى "الحبس المنزلي"، إلى حين استكمال التحقيقات معهم، فيما طلب محامو الدفاع في المرافعة العسكرية إجراء فحص معمّق في إطار القضية، في ظل ادعائهم وجود صعوبات في التحقيقات لإثبات التهمة، وأن المشتبهين "هم جنود في الاحتياط ولديهم عائلات ويجب عدم النظر إليهم أشخاصاً يشكّلون خطراً على الجمهور". 

وأثنت المرافعة العامة على قرار النائبة العسكرية، وعلى التفاهمات التي جرى التوصل إليها، والتي ستعرض على المحكمة العسكرية اليوم. ونقلت وسائل إعلام عبرية عن قريبة أحد الجنود المعتقلين، من دون تسميتها، قولها: "شعب إسرائيل حي. في يوم ذكرى خراب الهيكل (المزعوم) هناك من فهم الصورة وحقق النظام والعدالة. سنستقبلهم بالاحترام الذي يستحقونه أبطالاً بروح مجروحة"، وفق زعمها.

تقارير طبية غير عملية تحرّف حقيقة ما جرى في سدي تيمان

وتحاول جهات إسرائيلية في الأيام الأخيرة، مدعومة بتقارير طبية بناء على طلب فريق الدفاع عن الجنود المعتقلين، ترويج مزاعمَ أن الأسير الفلسطيني في معسكر سدي تيمان هو من آذى نفسه في القضية التي كُشف عنها قبل نحو أسبوعين. ويتنافى هذا مع التقارير الطبية الأولى التي أشارت إلى إدخال شيء في جسم الأسير، ما تطلب نقله للعلاج في أحد المستشفيات، ومع مقطع فيديو أظهر لحظة الاعتداء عليه من قبل الجنود، كما يتنافى مع مختلف الشهادات لمعتقلين خرجوا من سدي تيمان ومحامين زاروه حول ظروف احتجاز الفلسطينيين، والانتهاكات بحقهم، وتكبيلهم معظم الوقت والاعتداءات المتكررة عليهم، ما قد يعني صعوبة وصولهم إلى أي شيء قد يسبّبونه من خلاله إيذاء أنفسهم. يضاف إلى ذلك استشهاد عدد منهم بسبب التعذيب.

وفي إطار محاولة تزييف الحقيقة، على ما يبدو، كُشف خلال تداول المحكمة العسكرية في الآونة الأخيرة عن وثيقة رأي طبي ادعت أنه لا دليل على اغتصاب المعتقل في معسكر سدي تيمان الذي يزعم جيش الاحتلال انتماءه إلى حركة حماس أو إدخال شيء بالقوة في جسمه، وربما سبّب الأذى لنفسه. وكانت المفارقة أن الطبيب الذي كتب التقرير الطبي، وهو طبيب جراح كبير في مستشفى هداسا في القدس المحتلة، لم يرَ المصاب، وفق ما جاء في مقال لجرّاح آخر، نشره موقع والاه العبري، رغم أن كتابة تقرير طبي تتطلب ذلك.

وعلى الرغم من موقفه المعادي لعناصر حركة حماس، انتقد البروفيسور يورام كلوغر، أحد كبار الجراحين الإسرائيليين، الذي سبق أن شغل منصب مدير وحدة الجراحة العامة في مستشفى رامبام في حيفا، انتقد التقريرَ الطبيَّ الذي أصدره رئيس قسم الجراحة في مستشفى هداسا ألون بيكارسكي، من دون معاينة الأسير الفلسطيني، واعتبر في مقال نشره "والاه"، في 9 أغسطس/ آب الحالي، أن التنكيل والاعتداء على الأسرى ليس أمراً غريباً في مختلف الحروب، حتى تلك التي تدار من قبل "جيوش أخلاقية" وجنود في دول متقدّمة، يخرجون غضبهم أحياناً على العدو، وصولاً إلى الأذى الجسدي والتنكيل النفسي بالأسرى. لكنه اعتبر في الوقت نفسه أن "دولة متنوّرة وتحترم القانون، تعاقب الأسرى بعد محاكمتهم وبناء على كتاب القوانين"، مشيراً إلى أن التحقيق الجاري مع الجنود يأتي "بعد اكتشاف مخرب أسير مع تمزّق في المستقيم. وعادةً ما يحدث مثل هذا التمزّق بسبب قوة خارجية على شكل جسم يتم دفعه عبر فتحة الشرج. وعرّضت الإصابة التي تم تشخيصها لدى الأسير حياته للخطر، وكانت مصحوبة بكدمات إضافية تشير إلى تعرضه لصدمة جسدية. التحقيق جارٍ في الموضوع، ويتم جمع الأدلة وجمع النتائج، وليس لديّ أي نية للحكم مسبقاً على مصير الجنود قبل انتهاء التحقيق".

وتكمن المشكلة، في رأي كلوغر، في أن "الحاجة إلى إثبات براءة الجنود المعتقلين، حتى قبل انتهاء التحقيق، أدى إلى توزيع وثيقة طبية يضرّ محتواها وملخصها بالتحقيق، ولكن ليس هذا فحسب، بل إنها تظهر تسرّعاً واستهتاراً وعدم مهنية وإهمالاً". واعتبر كلوغر أن الوثيقة الطبية "ليست سوى قطعة من الورق لا قيمة لها". وقال في هذا السياق إن البروفيسور ألون بيكارسكي سارع إلى كتابة رأي طبي دفاعاً عن الجنود، "يذكر فيه أن احتمال أن يكون التمزّق في المستقيم كما هو موصوف قد حدث بسبب إدخال شيء بالقوة من قبل طرف ثانٍ، منخفض. ولإثبات ادعائه، ذكر أن فتحة الشرج لم تكن مصابة، وأن هذا يدل على أن الإصابة في المستقيم يمكن أن تكون ناجمة عن فعل ذاتي. البروفيسور بكارسكي لم يفحص الأسير، ويستند رأيه إلى مواد طبية قُدّمت له، والتي تتضمن وثائق المكوث في المستشفى وصورة شاشة حاسوب لسجلّات الطبيب من مستشفى الطبيب المعالج. مادة محدودة للغاية".

وأوضح كلوغر أن "الرأي الطبي في المسائل الطبية التي تتم مناقشتها في المحاكم مهم لتحديد رأي القضاة عندما يأتون لتلخيص المناقشات وإصدار أحكامهم على الضالعين. ويجب أن يعتمد الرأي الطبي على مستندات السجل الطبي، كلها، ونتائج التصوير ما وجدت، وتقارير التحاليل والنتائج المخبرية. ويجب على مقدّم الرأي مراجعة موضوع جلسة المحكمة، وتلخيص النتائج، وبناء نموذج طبي متماسك وغير متحيّز، بناءً على النتائج السريرية وخبرته والأدبيات الطبية ذات الصلة. ولم توجد أي من هذه العناصر في رأي البروفيسور بيكارسكي، ومن ثم لا يمكن للوثيقة التي وقّعها أن تشكل أي أساس جدي للمناقشة في المحكمة"، بل إن "ضررها أكبر من نفعها". كما انتقد كلوغر تداول الوثيقة على نطاق واسع، واستخدامها إعلامياً وسياسياً.