اعتمدت جماعة الحوثيين في الاحتفاظ على مواقعها في محافظة تعز على الألغام الأرضية لكبح تقدم القوات الحكومية، في ظل النقص البشري الحاد بصفوف المقاتلين، الذين تعرضوا لاستنزاف غير مسبوق في محافظة مأرب، شرقي اليمن.
ويبدو أن الاستراتيجية الحوثية قد فشلت عقب التقدم الكبير الذي حققته قوات الجيش الوطني في المناطق الغربية لمدينة تعز، والتي تجاوزت حقول ألغام كانت مزروعة بشكل غير مسبوق في مناطق التماس بجبهة الكدحة ومناطق الأشروح.
وقالت مصادر عسكرية حكومية لـ"العربي الجديد" إن خبراء الهندسة العسكرية يعملون على تفكيك شبكات ألغام حوثية في عدد من المناطق التي تمت السيطرة عليها في وقت سابق من الأربعاء، وتحديداً الأشروح وبني بكاري والكدحة، بعد استكمال تحريرها وتأمينها من أي هجوم حوثي محتمل لاستعادتها.
وقد نشر اللواء الخامس حرس رئاسي، الذي يشارك بفاعلية في المعارك، على حسابه الرسمي في فيسبوك، اليوم الأربعاء، صوراً لمخازن ألغام حوثية تم العثور عليها في جبهة الكدحة، تحتوي على عبوات ناسفة وألغام أرضية كانت قد جُهزّت لزراعتها في الأودية والمزارع.
وكانت منطقة الكدحة بالإضافة إلى مديرية موزع وبعض مناطق الحديدة من أكثر المناطق التي فخخها الحوثيون بالألغام، ووفقاً للمركز اليمني لنزع الألغام، فقد سقط خلال العامين الماضيين فقط نحو 140 مدنياً، بينهم 19 طفلاً، ضحية لها.
وذكر المركز الذي نجح في انتزاع 300 ألف لغم حتى الآن، بمحافظتي الحديدة وتعز، أن المليشيات الحوثية تقوم بزراعة الألغام المضادة للأفراد والمركبات في المناطق المأهولة بالمدنيين، حيث تقوم بتعديل الخاصة بالمركبات حتى تنفجر بالأفراد وليس بالدبابات والمدرعات فقط، فضلاً عن صناعتها عبوات ناسفة مموهة على شكل صخور أو جذوع أشجار تنفجر بالمزارعين والمدنيين.
وطيلة فترة الجمود التي شهدتها جبهات القتال في تعز خلال السنوات الماضية، اكتفت المليشيا الحوثية بزراعة الألغام لحماية مناطق نفوذها وقامت بسحب عناصرها إلى الجبهات المشتعلة وخصوصاً الحديدة ومأرب.
وقال مصدر محلي من مقبنة بتعز لـ"العربي الجديد" إن جماعة الحوثيين أسندت مهمة الدفاع عن تلك المواقع إلى عدد من العناصر الذين ينحدرون من المنطقة ذاتها ولم تعد تدفع بتعزيزات من صنعاء وذمار ومناطق أقصى الشمال كما كان حاصلاً في السنوات الأولى للحرب.
ومع التقدم السريع الذي حصل خلال اليومين الماضيين؛ حاول محافظ تعز الموالي للحوثيين، سليم المغلس، تدارك الموقف، وذلك بدعوة أبناء مقبنة إلى النفير العام لمواجهة القوات الحكومية، لكن التجنيد الإجباري لعناصر لا يمتلكون العقيدة القتالية كما هي العناصر القادمة من صعدة إلى تعز، جعل جبهاتهم تنهار بشكل متسارع.
وبعد تأمين الكدحة بشكل كامل، سيكون التقدم نحو مدينة البرح الاستراتيجية بعد تجاوز جبل غباري، هو التحدي الأبرز للقوات الحكومية، التي لا يُعرف حتى الآن ما إذا كانت ستغامر بالدخول إلى منطقة مأهولة بالسكان أم أنها ستكتفي بتأمين المنفذ الجديد الذي يربط مدينة تعز المحاصرة بمديريات الساحل الغربي.
وأعلن الجيش الوطني، في بيان صحافي، أن أهمية تحرير منطقة الكدحة تكمن في أنها تكسر الحصار جزيئاً عن مدينة تعز التي تفرض عليها المليشيا الحوثية الإيرانية حصاراً مميتاً للسنة السادسة على التوالي، إضافة إلى أن هذا التقدم يساعد القوات المسلحة في استكمال تحرير منطقة البرح وفتح الطريق الرئيسة (تعز- المخا).
#تعز
— المركز الإعلامي للقوات المسلحة #اليمن (@Yem_army_media) March 10, 2021
أبطال الجيش والمقاومة، تمكنوا، اليوم، من تحرير قرى الغليل والسحيحة ونقيل الأضوح، بذلك تكون قوات الجيش قد استكملت تطهير منطقة الكدحة بالكامل في الجبهة الغربية.
وخلافاً للمناطق الجبلية المفتوحة التي سهّلت للقوات الحكومية حرية التوغل غرباً؛ تبدو الأمور معقدة بالنسبة للجبهة الشرقية التابعة لمديرية صالة، والتي شهدت مطلع الأسبوع الجاري محاولات للتقدم، وتبادلاً للقصف المدفعي، وسرعان ما توقفت جراء الازدحام السكاني.
ووفقاً لمصادر عسكرية؛ فإن مناطق التماس في محيط القصر الجمهوري ومقر قوات الأمن الخاصة مفخخة بالكامل بالألغام الحوثية، ومن الصعوبة البدء بتفكيكها ما لم يتم تأمين ظهر الفرق الهندسية من القناصة الحوثيين الذين يعتلون السلاسل الجبلية شرقي المدينة.
وأشارت المصادر إلى أن المليشيا الحوثية لجأت إلى تفخيخ المنازل السكنية في مناطق التماس حتى لا يتم اقتحامها واستغلالها كمواقع أمامية للقوات الحكومية في نشر القناصة واستهداف مناطقهم.