منع الأمن الفلسطيني، اليوم الأربعاء، عقد مؤتمر كان من المفترض أن ينظمه "المؤتمر الشعبي الفلسطيني- 14 مليون" لإطلاق عريضة ضد سحب السلطة الفلسطينية مشرع قرار ضد الاستيطان بمجلس الأمن.
واقتحمت الأجهزة الأمنية الفلسطينية مقر "وكالة وتلفزيون وطن" المحلية، صباح اليوم الأربعاء، في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، لمنع عقد مؤتمر صحافي للمؤتمر، وحاولت منع عدد من الصحافيين من دخول المكان، كما حذف رجال الأمن تسجيلات صورها صحافيون من "تلفزيون وطن" وثقت لحظة الاقتحام، ما أدى إلى وقوع مشادات وتدافع، فيما هددوا صحافيين آخرين بتكسير هواتفهم حال التصوير.
واقتحم قرابة عشرة من أفراد الأمن بزي مدني طابقين في البناية يتبعان للتلفزيون، بحثاً عن القاعة التي قرر أعضاء المؤتمر الشعبي نقل مؤتمرهم الصحافي إليها بعدما حاصرت أجهزة الأمن مقره في بناية أخرى في حي الماصيون في رام الله، ومنعتهم من عقد المؤتمر قبل انتقالهم إلى مقر التلفزيون.
كما منع أفراد الأمن الصحافيين من دخول البناية في الماصيون بعد مشادات كلامية على بوابتها قبل ساعات من موعد المؤتمر الذي كان مخصصاً للإعلان عن بيان للرأي العام وقعته 150 شخصية فلسطينية ضد سحب مشروع قرار من مجلس الأمن للمطالبة بوقف الاستيطان، وللمطالبة يوقف ما سموه التفرد بالقرار الفلسطيني، وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية.
وقال عضو المؤتمر فريد مرة لـ"العربي الجديد"، إنّ 15 من رجال الأمن بزيٍّ مدنيّ حاصروا المبنى الذي يحوي مقر المؤتمر في رام الله، ومنعوا أعضاءه والشخصيات المشاركة من دخوله بذريعة أسباب أمنية، دون تسليم أي أوراق رسمية.
وفور نقل المؤتمر إلى مبنى "تلفزيون وطن"، حاول الأمن منع مراسل "العربي الجديد" وعدد من الصحافيين الآخرين من الدخول إلى المقر بالقوة، دون إبراز أي قرارات رسمية، ما أدى إلى وقوع تدافع انتهى بدخول الصحافيين إلى المقر. وحين طلب مراسل "العربي الجديد" أوراقاً رسمية وبطاقات تعريف رجال الأمن بلباس مدني، أظهر أحدهم بطاقته التابعة للمباحث العامة التابعة للشرطة، وقال أحدهم: "اخرج لكي لا تسبب لنفسك المشاكل".
وإثر الاقتحام قرر القائمون على المؤتمر إلغاءه وتعميم بيانهم الصحافي على وسائل الإعلام، بعد نقاش جرى مع رجال الأمن الذين قالوا إن عقد اجتماع أو مؤتمر يتطلب تصريحاً مسبقاً، وهو ما رفضه المشاركون مؤكدين عدم قانونية ذلك، وكان الأمن قد أبلغ "تلفزيون وطن" هاتفياً قبل موعد المؤتمر بقليل بمنع عقده.
وأدانت "شبكة وطن الإعلامية"، في بيان لها، اقتحام قوات من الأجهزة الأمنية بزي مدني مقرها، ومنع المؤتمر، مؤكدة أنّ القوات حاولت منع الصحافيين من دخول الشبكة، وأنّ العناصر حذفوا مقاطع الفيديو التي التقطها الزملاء أثناء الاقتحام، دون تسليم أي قرار مكتوب بمنع المؤتمر، ما اعتبرته الشبكة غير قانوني.
وقال عضو هيئة التوجيه المنبثقة عن المؤتمر الشعبي تيسير الزبري لـ"العربي الجديد"، إنّ "مقرّ المؤتمر مهدد دائماً من الأمن، منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث منع عقد مؤتمر صحافي بداخله حينها، وتم منع عقد مؤتمر شعبي كإحدى المحطات لإعادة إحياء منظمة التحرير الفلسطينية".
وتابع الزبري: "فوجئت اليوم وأنا ذاهب إلى المكان للتحضير للمؤتمر بمجموعة واسعة وكبيرة من الأجهزة الأمنية تمنعني من الدخول، وقالوا إن لديهم أوامر بمنعنا دون أي تبرير، وحين طلبت أوراقاً رسمية رفضوا وقالوا لا نملك أوراقاً".
وأكد الزبري أنه "لم تكن هناك أي جدوى من النقاش السياسي أو التباحث مع عناصر الأمن لأنهم يقولون إنهم ينفذون أوامر من الجهات السياسية العليا ولا يملكون سوى التنفيذ".
واعتبر الزبري ما حصل "سياسة قمعية لا تنسجم ولا تتوافق مع إمكانية مواجهة الاحتلال"، مشيراً إلى أنّ هذا السلوك "يؤدي إلى إضعاف الفلسطينيين ويخدم الاحتلال"، حسب تعبيره، مؤكداً "ضرورة تمتين الجبهة الداخلية واستعادة الوحدة الوطنية من أجل إنهاء الانقسام، وفتح بوابة للعودة إلى الشعب وإجراء انتخابات شاملة".
وطالب البيان الذي كان ينوي أعضاء المؤتمر الشعبي إلقاءه في المؤتمر الصحافي، قبل أن يقرروا توزيعه على الإعلام، بإنهاء ظاهرة التفرد بالقرار الفلسطيني، والعودة إلى الشعب لإجراء الانتخابات التي نص عليها إعلان الجزائر، والالتزام بقرارات الإجماع الوطني بوقف التنسيق الأمني وإلغاء أي التزامات باتفاقات أوسلو.
واعتبر البيان أنّ سحب مشروع المطالبة بوقف الاستيطان عن طاولة مجلس الأمن الدولي في 20 فبراير/ شباط الماضي، "يمثل تنازلاً يضاف إلى سلسلة التنازلات التي اعتادت السلطة على تقديمها مجاناً لأميركا وإسرائيل".
ووفق البيان، "فإنّ قبول السلطة بسحب الطلب من مجلس الأمن الدولي مقابل تعهد أميركي بأن لا تقدم إسرائيل على بناء المزيد من المستوطنات، ولا تشمل تشريع 9 بؤر، ولا التوقف عن هدم البيوت، يضع السلطة في مواجهة مباشرة مع الشعب".
يذكر أن الأمن كان قد اقتحم مؤتمراً صحافياً في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، ومنع استمراره في المقر نفسه، وكان يطالب بإجراء انتخابات المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وسحبت القيادة الفلسطينية مشروع قرار حول الاستيطان كان من المقرر أن يُطرح للتصويت في مجلس الأمن، مقابل وقف هدم منازل الفلسطينيين ووقف الاستيطان الإسرائيلي لثلاثة أشهر.
وبعد مرور أقل من 24 ساعة على إعلان التوصل إلى تفاهمات لسحب مشروع القرار، أصدر ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بياناً رسمياً، نفى فيه أن تكون إسرائيل قد التزمت بوقف عمليات هدم المنازل الفلسطينية "غير المرخصة" في الضفة الغربية.
واستُعيض عن مشروع القرار بعقد اجتماع أمني في العقبة شارك فيه ممثلون عن الأردن ومصر والولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، وسط رفض فلسطيني فصائلي وشعبي واسع.
وأكد المجتمعون في نهاية الاجتماع، بحسب بيان، استعداد الحكومة الإسرائيلية والسلطة الوطنية الفلسطينية المشترك، والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات أحادية الجانب لمدة 3-6 أشهر، بما يشمل ذلك التزاماً إسرائيلياً بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر.
وفي صباح يوم الاجتماع، نفذ فلسطيني عملية إطلاق نار أدت إلى مقتل مستوطنين في بلدة حوارة، جنوب نابلس، لينظم المستوطنون بعد ذلك حملة اعتداءات أحرقوا خلالها عدداً من المنازل والسيارات في البلدة.