تصاعدت الأصوات المعارضة لفتح المعابر بين مناطق المعارضة والنظام السوري شماليّ البلاد، وذلك بعد إعلان روسيا توصلها إلى اتفاق مع تركيا بهذا الشأن، وهو الأمر الذي لم تعلّق عليه أنقرة رسمياً.
ونفى مصدران تركيان رفيعان لـ"العربي الجديد"، الأربعاء، توصل أنقرة وموسكو إلى أي اتفاق بفتح ثلاثة معابر في منطقتي إدلب وحلب شمال غربيّ سورية، إذ أكد مصدر عسكري أن تركيا، بالفعل، تلقت عرضاً روسياً من أجل فتح المعابر، لكنه نفى حصول أي اتفاق على ذلك.
وشدد المصدر على أن الجانب التركي لا يزال يفاوض نظيره الروسي على العرض المقدم، معتبراً أن الحديث الإعلامي الروسي هو للضغط على أنقرة للوصول إلى اتفاق مشترك، كذلك نفى مصدر في الخارجية التركية الأنباء الإعلامية عن حصول أي اتفاق، موضحاً أن هذه الأنباء "غير صحيحة".
وشهدت مناطق عدة في ريف حلب احتجاجات رافضة لافتتاح المعابر مع مناطق سيطرة النظام السوري، حيث خرجت وقفة احتجاجية في مدينة عفرين يوم أمس، ومظاهرة في مدينة أعزاز بريف حلب، رفعت خلالهما لافتات مثل "لا لفتح المعابر"، و"فتح المعابر خيانة لدماء الشهداء".
وتتواصل الدعوات في عموم مناطق الشمال السوري لخروج مظاهرات واسعة في إدلب وريف حلب لرفض الاقتراح الروسي، وسط تحذيرات من خطورة هذه الخطوة.
وأطلق ناشطون أمس وسم "لا للمعابر مع النظام"، محذرين من عواقب فتحها، حيث ستشكل متنفساً اقتصادياً للنظام، كذلك ستؤدي إلى انتقال تجارة المخدرات إلى مناطق سيطرة المعارضة، واختراق مناطق سيطرة المعارضة أمنياً، بحسب تعبير مشاركين في الحملة الذين نشروا صوراً سابقة للمدنيين في أثناء حصار النظام لمناطق عدة في ريف دمشق وحمص.
كذلك رفضت مجموعة من الضباط المنشقين عن النظام فتح المعابر، خاصة في ضوء رفض النظام إبداء أية مرونة في موضوع الإفراج عن المعتقلين، وفق بيان صادر عن هؤلاء الضباط الذين سموا أنفسهم "الضباط الأحرار الأكاديميين" في الداخل السوري، وعددهم 13 ضابطاً.
من جهته، رفض الرائد جميل الصالح، قائد فصيل "جيش العزة"، أحد فصائل الجيش السوري الحر، خطوة فتح المعابر، مذكراً بالحصار الذي فرضه النظام على أهل حمص "عندما تناولوا لحم القطط وأطفال داريا الذين فارقوا الحياة لنقص الحليب، وأهالي الغوطة عندما أكلوا حشائش، وأهالي عين الفيجة الذين حلموا بالدواء، وموت المعتقلين تحت التعذيب جوعاً"، معتبراً في تغريدة له على "تويتر" "النقاش بفتح المعابر خيانة للدين والدماء والأعراض".
ورفض الرائد يوسف خالد حمود، الناطق باسم "الجيش الوطني السوري"، فتح المعابر مع النظام. وقال في تغريدة له على "تويتر": "بالنسبة إليّ، لأن تفشل كل الحلول الدولية، ولأن تقسَّم سورية مليون قطعة، أسهل من أن يفتح معبر تجاري واحد مع عصابة النظام وقاتلنا بوتين"، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكانت روسيا قد اقترحت أمس الأول الثلاثاء على تركيا فتح ثلاثة معابر في مناطق سراقب وميزنار شرقيّ إدلب، ومعبر أبو الزندين شماليّ حلب. ويربط معبرا سراقب وميزنار مناطق سيطرة النظام بمحافظة إدلب وجزء من ريف حلب الغربي، التي تعتبر فيها "هيئة تحرير الشام" صاحبة النفوذ الأكبر، فيما يربط معبر أبو الزندين مناطق سيطرة النظام بمناطق سيطرة "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا.
وحاولت "هيئة تحرير الشام" سابقاً فتح معابر مع مناطق سيطرة النظام بدعوى تنشيط الإنتاج في مناطق سيطرة المعارضة، لكن الضغط الشعبي منع ذلك.
وتزامن تقديم المقترح الروسي مع تكثيف النظام وروسيا قصفهما لمناطق سيطرة المعارضة.
من جانبه، أعلن النظام السوري أنه افتُتح اليوم معبر سراقب الواصل بين مناطق سيطرته، وسيطرة المعارضة في الشمال السوري.
وذكرت وكالة "سانا" التابعة له أن محافظة إدلب افتتحت "بالتنسيق مع وحدات الجيش العربي السوري والهلال الأحمر اليوم ممر ترنبة سراقب في منطقة سراقب بريف إدلب الشرقي بهدف استقبال الأهالي الراغبين في الخروج من مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية إلى بلداتهم وقراهم".
ونقلت الوكالة عمّا سمته محافظ إدلب، محمد نتوف، قوله إن "المحافظة جهّزت طاقماً طبياً كاملاً مع عيادة متنقلة وسيارة إسعاف عند الممر لاستقبال الأهالي الراغبين في الخروج وتقديم الخدمات الطبية اللازمة، فيما جهز الهلال الأحمر العربي السوري فرقاً إضافية ستكون مهمتها تقديم المساعدة"، مشيراً إلى وجود تنسيق مع "الأصدقاء الروس الذين يبذلون الجهد الممكن لمساعدة الأهالي بالخروج إلى حضن الدولة وتقديم كامل التسهيلات لضمان نقلهم إلى حماة، ومن ثم عودتهم إلى قراهم".
وكانت قوات النظام قد أعلنت أنها جهزت الممر في الحادي والعشرين من الشهر الماضي لفتحه بهدف استقبال الأهالي الراغبين في الخروج من مناطق المعارضة، لكنّ أحداً لم يعد إلى مناطق سيطرة النظام.
ويتزامن ذلك مع إقدام قوات النظام على إغلاق المعابر التي تربط مناطق سيطرتها بمناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد).
ونقل موقع "تلفزيون سوريا" عن مصدر مطلع قوله إن معابر الطبقة، والهورة، والسبخة في ريف الرقة مغلقة أمام المدنيين والقوافل التجارية منذ يوم الأحد الفائت، مضيفاً أن عشرات العائلات والقوافل التجارية لا تزال متوقفة عند المعابر في ريف الرقة التي تقع تحت إشراف "الفرقة الرابعة" في قوات النظام.
ورجحت المصادر أن يكون هذا الإغلاق في إطار الضغط على "قسد" مِن أجل تمرير المزيد مِن الوقود نحو مناطق سيطرة النظام، التي تعاني أزمة وقود خانقة.
من جانبها، ذكرت وسائل إعلام مقرّبة من "قسد" أنّ قوات النظام أغلقت معبرين رئيسين يصلان مناطق "قسد" بمناطق النظام في ريف الرقة ومدينة عين العرب (كوباني) شمال شرقيّ حلب.
وذكر موقع "كوردستريب" أن قوات النظام أغلقت معبر الرقة الرئيسي، الذي يقع على طريق الرقة – السلمية شرقيّ حماة من جهة الريف الجنوبي لمدينة الطبقة، كذلك أغلقت معبراً يقع غربيّ الطبقة ويفصل بين قرية البوعاصي التي تسيطر عليها "قسد"، وقرية شعيب الذكر التي تسيطر عليها قوات النظام، فيما بقي معبر الطبقة المنفذ الوحيد لأهالي مدينة عين العرب في الذهاب والوصول إلى مدينة حلب والمناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرة النظام، وذلك بعد إغلاق معبر التايهة في منطقة منبج التي تسيطر عليها "قسد"، شرقيّ حلب.
وتربط العديد مِن المعابر البرية والنهرية مناطق سيطرة قوات النظام بمناطق سيطرة "قسد" في شمال شرقيّ سورية، ويعمل الطرفان بين الحين والآخر على إغلاق هذه المعابر وفتحها بغية الضغط على الطرف الآخر، وسط معاناة يعيشها المدنيون في مناطق سيطرتهما.
من جهة أخرى، ذكر موقع "عين الفرات" المحلي أن جنديين روسيين قُتلا وأُصيب 3 آخرون نتيجة انفجار قنبلة يدوية داخل مدرعة في أثناء وجودها بيد أحد العناصر السكارى في القاعدة الروسية بقرية السكرية جنوبي مسكنة بريف حلب الشرقي، يوم أمس الأربعاء، وهو ما أدى إلى حالة من الاستنفار بصفوف القوات الروسية في المنطقة.
وفي جنوب البلاد، قتل شابان وأصيب آخران، مساء أمس الأربعاء، بهجومين منفصلين في حيّ درعا البلد وبلدة تسيل في الريف الغربي.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن مسلحين مجهولي الهوية أطلقوا الرصاص على الشابين مالك إبراهيم السويدان ومحمد محاميد في حيّ درعا البلد، حيث قتل الأول مباشرة، فيما أُصيب محاميد وشاب آخر كان قرب الحادث. وحسب المصادر، فإنّ السويدان كان يعمل سابقاً ضمن فصائل المعارضة في درعا، قبل إجراء "تسوية" مع النظام عام 2018، وسبق له أن اعتقل في سجون النظام، فيما يُعتقد أن للمحاميد صلة بتجارة المخدرات في المنطقة.
وفي بلدة تسيل بمنطقة حوض اليرموك غربيّ درعا، قُتل الشاب أحمد ناصر المصري برصاص مسلحين مجهولي الهوية، على طريق تسيل - عين ذكر، ويعمل المصري ضمن فرع المخابرات العسكرية التابع للنظام منذ نحو عام تقريباً.