استمع إلى الملخص
- المناظرات الرئاسية التي شملت ستة مرشحين لم تنجح في تغيير الأجواء الانتخابية بشكل ملحوظ، حيث تم التركيز على القضايا الاقتصادية دون إثارة حماس الناخبين، وفقاً للخبير صلاح الدين خديو.
- الشارع الإيراني يترقب المناظرة الثالثة حول الموضوعات الثقافية والحجاب، وسط استطلاعات تظهر عدم متابعة كبيرة للمناظرات وتوقعات بنسبة مشاركة غير مرتفعة في الانتخابات، مع جهود المرشحين لجذب الأصوات دون تأثير كبير حتى الآن.
في حين أن من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية بعد أسبوع، يبدو المشهد الانتخابي باهتاً وسط آمال بـ"تسخين" التيار الإصلاحي الأجواء وحث أصحاب الأصوات الرمادية على اتخاذ قرار بالمشاركة في الانتخابات، وقد أشار استطلاع للرأي في وقت سابق هذا الأسبوع، أن نسبة المشاركة في انتخابات 28 يونيو/ حزيران الجاري، لن تشهد زيادة لافتة بالمشاركة مقارنة بانتخابات 2021 الرئاسية التي سجلت نسبة مشاركة 48.8%.
وأجرى التلفزيون الرسمي، ليل الخميس/الجمعة المناظرة الثانية بين مرشحي الانتخابات الرئاسية الإيرانية الستة (خمسة منهم من مختلف التيارات المحافظة والآخر إصلاحي)، لكن المناظرة التي دارت حول المواضيع الاقتصادية كالمناظرة الأولى، لم تشكل اختراقاً في "تسخين الأجواء"، مما دفع ناشطين إصلاحيين ومحافظين إلى توجيه انتقادات ووصفها بأنها جلسات حوار عادية.
سبب خمود المناظرات
وعن أسباب برودة المناظرات وعدم قدرتها على إحداث موجة شعبية على غرار سابقاتها، يقول الخبير الإيراني صلاح الدين خديو لـ"العربي الجديد"، إن "ثمة تعمداً" في ترتيب المناظرات على أن يجري النقاش فيها بـ"أقل توتراً وبهدوء" للحؤول دون تشكيل "أجواء عاطفية" في المجتمع. ويشير إلى أن المناظرات أصبحت جزءاً من السباق الرئاسي في إيران ولعبت "دوراً حاسماً" في حملتي الدورتين الرئاسيتين عامي 2013 و2017 لمصلحة الرئيس الأسبق حسن روحاني. ويضيف خديو أن سخونة المناظرات ربما ليست مطلوبة هذه المرة في سياق السعي لتمرير الانتخابات بـ"أقل أثمان سياسية"، عازياً ذلك أيضاً إلى وجود رغبة في استمرار حكومة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، حيث تفضي نتائج الانتخابات إلى تشكيل حكومة ثانية له.
كما يقول إن النقاش الذي يجري في المناظرات لم يكن "عميقاً" حتى الآن، والانتقادات التي طرحت بشأن السياسة الخارجية والتعامل مع العالم والعقوبات "كانت كلية ولم تكن تفصيلية ومعمقة" بحيث يحرك الشارع الانتخابي الرمادي الذي يظل الإصلاحيون الأقدر على تحريكه وهو يشكل خزانته التصويتية الكبيرة. ويلفت الخبير الإيراني إلى أن المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان أيضاً لم يخض النقاش بطريقة مثيرة ولم يظهر في المناظرتين قوياً، عكس التوقعات والموجة الأولى التي أثارها نبأ إعلان موافقة مجلس صيانة الدستور على أهليته لخوض السباق الرئاسي. ويشير خديو إلى أن هذه الموجة بدأت بانحسار بسبب أداء بزشكيان في المناظرات.
كما وجّه نائب وزير الرياض والشباب أمين المجلس الشبابي الأعلى، الناشط المحافظ وحيد يامين بور، اليوم الجمعة، في منشور عبر منصة إكس، انتقاداً لطريقة إجراء المناظرات، قائلاً إنها "ربما في هذه الدورة تسبّب خفض نسبة المشاركة خلافاً للتوقعات". وأضاف يامين بور أن "عدم تحقيق التوقعات من مستوى ونوع المناظرات التي غالباً ما هبطت إلى مستوى حوارات عادية بين الخبراء سيؤدي إلى إحباط وخمود، إلا إذا شهدنا شيئاً آخر خلال الليالي القادمة" في المناظرات الأربع المتبقية. ووفق استطلاع للرأي، أجراه مركز "إيسبا" الإيراني، فإن 73% من الإيرانيين لم يشاهدوا المناظرة الأولى التي أجريت مساء الاثنين الماضي.
ماذا جرى في المناظرة الثانية؟
أما المناظرة الثانية، الليلة الماضية، لم تخرج عن الخط المألوف الهادئ في المناظرة الأولى، فحاول المرشح المحافظ المعتدل مصطفى بور محمدي في بدايتها تحريك المياه الراكدة عبر توجيه انتقادات لبقية المرشحين المحافظين والمرشح الإصلاحي، مركزاً على ضرورة العمل على رفع العقوبات والتعامل مع الخارج. غير أن انتقادات بور محمدي لم تنجح في تسخين المناظرة، ولم تستمر. كما أن المرشح بزشكيان بدا كعادته هادئاً، مع تركيزه في حديثه على أنه سيتابع السياسات العريضة للمرشد الإيراني علي خامنئي، وسيركز على ضرورة التلاحم والانسجام الداخليين مع توجيه الانتقادات إلى الوضع الراهن. كما تجنب المرشح المحافظ البارز محمد باقر قاليباف الدخول في نقاشات حادة وتوجيه سهام الانتقاد إلى المرشحين الآخرين، محاولاً الإجابة عن الأسئلة. غير أن المرشح المحافظ عليرضا زاكاني كعادته أصبح يهاجم حكومة روحاني بقسوة، وهو ما دفع مكتب الأخير إلى إرسال رسالة إلى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية لمنحه وقتاً للرد على "اتهامات وافتراء" زاكاني بحق روحاني وحكومته.
ويترقب الشارع الإيراني، المناظرة الثالثة التي سيجريها التلفزيون الإيراني، مساء اليوم الجمعة، حول الموضوع الثقافي وملفاته الساخنة، حيث يتوقع أن تتناول المناظرة موضوع الحجاب في البلاد الذي تحول إلى ملف ساخن وعنوان خلافي بين القوى السياسية في ظل إقرار قوانين تهدف إلى دفع النساء والشابات اللواتي خلعن حجابهن (غطاء الرأس) منذ الاحتجاجات التي شهدتها إيران أواخر 2022 على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام احتجازها في طهران من طرف شرطة الآداب بسبب اتهامها بعدم التقيد بقواعد الحجاب.
أحدث استطلاع للرأي حول الانتخابات الرئاسية الإيرانية
في الأثناء، نشر مركز "إيسبا" لقياس الأفكار التابع لمؤسسة الجهاد الجامعي الحكومية، نتائج أحدث استطلاع للرأي أجري يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين. وبحسب نتائج الاستطلاع، فإن 42.5% من المستطلعة آراؤهم قد أكدوا أنهم سيشاركون حتماً في الانتخابات، فيما كان الرقم 45%، الأسبوع الماضي. وأظهرت النتائج أيضاً أن 7.7% من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم على الأغلب سيشاركون في الانتخابات، كما أن 16.1% لم يقرروا بعد، وثمة احتمال ضئيل بمشاركة 6.5% في الانتخابات، في حين أكد 27.2% أنهم لن يشاركوا في الانتخابات أبداً.
وتصدر المرشح المحافظ سعيد جليلي، نتائج استطلاع "إيسبا" بحصوله على 26.2% وتلاه المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان بـ19.8%، ثم المرشح المحافظ محمد باقر قاليباف بـ19%، ثم المرشح المحافظ أمير حسين قاضي زادة هاشمي بـ2.6%، يليه المرشح المحافظ عليرضا زاكاني بـ2% من الأصوات. وبحسب نتائج الاستطلاع، حصل مصطفى بور محمدي على 0.9%.