البرلمان العراقي يصوت سراً على زيادة رواتب أعضائه: استياء شعبي وجدل

18 اغسطس 2024
جلسة سابقة للبرلمان العراقي، 9 أغسطس 2024 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تصويت سري وزيادة رواتب النواب**: أثار البرلمان العراقي جدلاً بعد تصويته سراً على زيادة رواتب أعضائه لتتساوى مع رواتب الوزراء، مما أثار استياءً شعبياً وسياسياً واسعاً.

- **انتقادات ومخالفات دستورية**: انتقد نشطاء ومراقبون التصويت السري لمخالفته الدستور، واعتبر عضو مجلس النواب أحمد الشرماني القرار باطلاً وسيتوجه للطعن فيه أمام المحكمة الاتحادية.

- **ردود فعل سياسية وشعبية**: عبر العديد من النواب والسياسيين عن استيائهم، ودعا البعض إلى خفض رواتب الوزراء بدلاً من زيادة رواتب النواب، مما زاد من حدة الانتقادات.

استفزّ تصويت البرلمان العراقي بشكل "سري" على زيادة رواتب أعضائه العراقيين وأثار موجة استياء وجدل سياسي وشعبي واسع في البلاد، خاصة أن رئاسة البرلمان لم تكشف عن فقرة الزيادة ضمن جدول أعمال جلساته إلا داخل الجلسة بشكل غير معلن وبعيدا عن الإعلام، وهو الأمر الذي ما زال يتفاعل في الشارع العراقي وقد يدفع باتجاه موجة غضب قد تُترجم على شكل احتجاجات قريبة، وفقاً لمراقبين.

وقبل يوم واحد من انعقاد جلسة البرلمان العراقي في السابع من أغسطس/ آب الجاري، أعلنت رئاسة البرلمان جدول أعمال الجلسة التي تضمنت ست فقرات لم يكن التصويت على زيادة رواتب النواب من ضمنها، وتكتمت الرئاسة على الملف الذي أدرجته بشكل سري أثناء الجلسة، ليتم إقراره ومن ثم يبقى في طي الكتمان.

إلا أن الملف تم كشفه لاحقا عبر تسريب وثيقة صادرة عن رئاسة البرلمان العراقي تتضمن التصويت على القرار. وجاء في الوثيقة أنه "خلال جلسة البرلمان رقم (7) المنعقدة يوم الأربعاء الماضي الموافق 7/8/2024، صوت مجلس النواب على قرار نيابي ينص على زيارة رواتب ومخصصات أعضائه بما يعادل رواتب ومخصصات الوزير، كما تضمن القرار زيادة نسبة الخطورة الممنونة لموظفي المجلس بما يعادل 30% من قيمة الراتب الاسمي".

وانتقد نشطاء ومراقبون للوضع السياسي العراقي قيام البرلمان بالتصويت "سراً" على هذا القرار، مع العلم أن الدستور العراقي ينص على علنية جلساته، كما أكد مسؤولون سابقون أن القرار يستهدف شريحة الفقراء من العراقيين، وقد يدفعهم إلى الغضب، في حين أن آخرين قدموا مقترحات تتضمن التصويت على خفض رواتب الوزراء لتتوحد مع رواتب النواب.

ووجه عضو مجلس النواب العراقي أحمد الشرماني خطاباً لرئاسة البرلمان، واعتبر القرار الأخير "باطلاً"، فيما أكد أنه سيتوجه إلى المحكمة الاتحادية العليا للطعن بالقرار في حال لم تتراجع رئاسة البرلمان عنه. وبحسب خطاب الشرماني، فإن "القرار يخالف مبادئ المساواة بين المواطنين في الدستور، ويخالف قرارات المحكمة الاتحادية بكون البرلمان لا يمتلك صلاحيات إصدار قرارات تشريعية بل قوانين فقط، فضلا عن كونه يخالف المادة 64 من قانون مجلس النواب لعام 2018، والذي ينص على أن يقوم رئيس البرلمان بالتوافق مع نائبيه بإصدار تعليمات تحدد ما يخصص لهم وللنواب وموظفي المجلس، لكن البرلمان لا يمتلك رئيس برلمان حالياً أساساً".

وأضاف الشرماني أن "القرار يخالف المادة 37 من النظام الداخلي التي أشارت إلى تبليغ النواب بجدول أعمال قبل موعد انعقاد الجلسة بيومين، وعدم جواز إدراج موضوع غير مدرج على جدول الأعمال إلا بموافقة ومناقشة أغلبية الحضور، ولم تراع جميع تلك الآليات، ناهيك عن تجاهل الالتزام بتعليمات المرجعية (السيد علي السيستاني) والتي شددت في خطبتها بتاريخ 25/10/2019 على رعاية العدالة الاجتماعية في توزيع الثروات وإلغاء وتعديل الامتيازات الكبيرة للمسؤولين".

من جهته، قال عضو مجلس النواب زهير الفتلاوي إن "الجلسة التي شهدت التصويت على زيادة رواتب أعضاء مجلس النواب بطريقة سرية غير مبررة، وكأنها استفزاز لملايين العراقيين"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "كثيراً من النواب تفاجأوا بطرح هذه الفقرة في الجلسة التي لم تكن موجودة أصلاً على جدول الأعمال، ولم يعترض الكثير من النواب على الإدراج غير المنطقي لهذه الفقرة في الجلسة".

وبشأن الزيادات على الرواتب، ذكر النائب مصطفى سند في بيان أن "النائب باسم خشان قدم دعوى لدى المحكمة الاتحادية على مدراء مجلس النواب (مدعياً) عدم تخفيض رواتبهم حسب قرار مجلس الوزراء رقم 333 بحكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وأن المحكمة الاتحادية قررت تطبيق القرار على المدراء العامين وعلى النواب أيضاً، كون رواتب النواب تُصرف بقرارات سابقة وليست بقانون".

وتابع: "بسبب تطبيق قرار المحكمة الاتحادية، ارتفعت رواتب النواب هذا الشهر من حملة شهادة الدكتوراه بنسبة قليلة، وحافظ أصحاب الماجستير على نفس الراتب، بينما انخفض راتب أصحاب شهادة البكالوريوس والدبلوم والإعدادية"، مستكملاً بيانه: "لغرض معالجة هذا الخلل المفاجئ، قرر مجلس النواب تطبيق المادة 64 من القانون وتضمن المادة إرجاع الراتب كما كان قبل شهر وعدم تجاوز الراتب (راتب الوزير)، وهو قرار قانوني ولا يتحمل تبعات مالية بالنسبة لمجلس النواب، أما الموظفين فتم إرجاع 30 بالمائة التي تم استقطاعها منهم بوقت سابق".

لكن عضو "ائتلاف دولة القانون" والمحافظ الأسبق لمحافظة البصرة خلف عبد الصمد انتقد القرار، وذكر في بيان أنه "من المؤسف أن يقوم مجلس النواب بالتصويت على زيادة رواتب ومخصصات نوابه لتكون مساوية مع راتب ومخصصات الوزير". وأضاف: "كان الأولى بالمجلس أن يصوت على تخفيض رواتب الوزراء لتتساوى مع رواتب نوابه إن كان يبحث عن المساواة وأن يعمل على زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين وأن يدعم الطبقات الفقيرة والمحرومة".

الباحث في الشأن السياسي العراقي مجاهد الطائي علق على التصويت قائلا في تدوينة له على "إكس": "رغم البطالة المقنعة والعمل ضد مصلحة الشعب أحيانا كثيرة… أعضاء مجلس النواب زادوا رواتبهم ومخصصاتهم أسوة بالوزراء".

أما الناشط السياسي وعضو الحزب الشيوعي العراقي أيهم رشاد فبيَّن أن "هذا القرار وغيره من القرارات التي تخدم شريحة السلطة والعاملين على تثبيتها وتقويتها وهي بالأصل مرفوضة من الشعب، ولا تحظى بالشرعية والمشروعية، فهي تنكيل بالشعب وتؤكد أن البرلمان وبقية الرئاسات لا تهتم لمشاعر ملايين العراقيين الذي يرزحون في فقر مدقع"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "هذا القرار قد يكون سبباً ضمن مجموعة أسباب لتحريك الاحتجاجات".

وأكمل رشاد أن "الزيادة في رواتب أعضاء مجلس النواب كان لا بد أن تذهب لصالح مشاريع دعم الفقراء بدلا من تمكين طغمة السلطة"، مشيراً إلى أن "مخصصات النائب تعادل حالياً مخصصات الوزير، وبات النائب يحصل على نسبة 30 بالمائة من راتبه تحت عنوان (الخطورة)، ولا نعرف عن أي خطورة يتحدث البرلمانيون وهم محصنون بالسلاح والحمايات والسيارات المدرعة، وأن هذه القرارات لا تؤدي إلا إلى مزيدٍ من تراجع العدالة الاجتماعية".

لا توضيحات من البرلمان العراقي

وعلى الرغم من موجة الاعتراضات السياسية والشعبية التي قوبل بها التصويت، لم يصدر عن رئاسة البرلمان العراقي أي توضيح بشأن ذلك، كما أنه لم يكشف الأسباب التي دفعته إلى اعتماد التصويت السري والتكتم على الملف، وفيما إذ كان قد تعرض لضغوط من قبل أطراف سياسية معينة من أجل التصويت.

المساهمون