فشل البرلمان اللبناني، اليوم الخميس، للمرة العاشرة منذ سبتمبر/أيلول، في انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً لميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في آخر جلسة لعام 2022.
جاء ذلك خلال جلسة برلمانية حضرها 109 نواب من أصل 128. وحصل ميشال معوّض، مرشح حزب "الكتائب اللبنانية"، على 38 صوتاً، في حين صوّت 37 نائباً بورقة بيضاء، بينما توزعت باقي الأصوات على عدد من الشخصيات اللبنانية، كما ألغيت أوراق أخرى.
وبسبب عدم اكتمال نصاب الدورة الثانية من الجلسة، خرج رئيس المجلس نبيه بري من القاعة من دون تحديد موعد جديد لانتخاب رئيس للبنان، بحسب ما أورت وكالة "الأناضول".
وبحسب المادة 49 من الدستور، يُنتخب رئيس الجمهورية في دورة التصويت الأولى بأغلبية الثلثين 86 نائباً، ويُكتفى بالغالبية المطلقة (النصف +1) في الدورات التالية.
وكان بري، قد دعا، أول من أمس الثلاثاء، إلى عقد جلسة عاشرة لانتخاب رئيس جديد للبلاد الخميس، وذلك إثر تعثر دعوته للحوار للمرة الثانية، لتكون هذه الجلسة الأخيرة لعام 2022 مع دخول البلاد عطلة الأعياد.
وقال مصدرٌ مقرّبٌ من بري، لـ"العربي الجديد"، إن بري تلقى رفض حزب "القوات اللبنانية" (برئاسة سمير جعجع) و"التيار الوطني الحر" (برئاسة النائب جبران باسيل) المشاركة بالحوار الذي دعا إليه عوضاً عن جلسة الخميس، من هنا تراجع عن خطوته، كما فعل سابقاً في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأشار المصدر إلى أن "كتلاً كثيرة أعلنت تلبيتها الدعوة، لكن رفض أكبر كتلتين برلمانيتين مسيحيتين في المجلس يضرب الهدف وراء عقد الحوار، الذي يفترض أن يكون جامعاً، للتشاور والتباحث رئاسياً، بعدما تكررت النتائج نفسها في الجلسات التسع الماضية".
ولفت إلى أن "بري أراد المحاولة مرّة جديدة رغم الاعتراض الذي تلقاه سابقاً، من الطرفين ذاتهما، لأنه يدرك أولاً أن التوافق أساس لملء الشغور الرئاسي، ولتلقيه ثانياً تمنيات من نواب كثر بتجديد الدعوة وإحداث خرق للمشهد قبيل نهاية العام"، مشيراً إلى أن "بري يبحث إجراء مشاورات ثنائية، ومع الكتل النيابية، سواء شخصياً أو عبر موفد لاستطلاع الآراء، لعلمه بمدى دقة المرحلة وخطورة المماطلة والتأخير في انتخاب رئيس".
وطالب حزب "القوات اللبنانية" رئيس البرلمان بـ"سحب دعوته إلى الحوار، والعودة إلى نصوص الدستور اللبناني الواضحة من خلال دعوة المجلس إلى عقد جلسات مفتوحة لا تنتهي إلا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يعيد للشعب أمله بوطنه وللسلطات الدستورية انتظامها".
وقال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في بيان، الثلاثاء، إن "من يعطّل تطبيق الدستور ومن يمدّد عمر الشغور الرئاسي، وبالتالي عمر الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية التي لا يؤدي تعطيل انتخاب الرئيس سوى إلى مفاقمتها، تجب مساءلته أمام الشعب والتاريخ".
على صعيد "التيار الوطني الحر"، تطرّق رئيس التيار جبران باسيل، في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، إلى الحوار الذي دعا إليه بري، وقد دمجه مع الجلسة الوزارية التي شارك فيها وزراء حليفه "حزب الله" و"حركة أمل" (برئاسة نبيه بري)، مشيراً إلى أنه "مع مبدأ الحوار والتشاور، ولكن لنجاح الحوار، يجب أن يتم التحضير له، كذلك لا يمكن أن تضربني بخنجر في مكان ومن ثم تدعوني إلى الحوار"، لافتاً أيضاً إلى أن "هناك جرحاً كبيراً، وبري لا يحتاج إلى من يعلّمه عن الميثاقية التي يصرّ على تطبيقها في مجلس النواب".
باسيل، الذي كان قد طرح يوم الجمعة الماضي، بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، حواراً مسيحياً رئاسياً، تشير أوساطه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحلف مع حزب الله مستمرّ، وإن اهتزّ قليلاً، وانطلاقاً من ضرورة التشاور بين الأفرقاء، قد يحصل لقاء على مستوى عالٍ بين التيار والحزب كجلسة مصارحة وعرض مواقف، فكل فريق له قراره المستقلّ، ويمكن من خلال التباحث الوصول إلى نقطة التقاء".
وكان باسيل قد عبّر أخيراً عن رفضه دعم رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، المرشح غير المعلن من قبل "حزب الله" و"حركة أمل"، كما رفض وصول قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى سدة الرئاسة، علماً أنه من المرشحين "الطبيعيين" في لبنان نسبة إلى طائفته المارونية، وموقعه العسكري، والتجارب الرئاسية التي تجعل من كل قائد جيش مرشحاً للرئاسة.
تجدر الإشارة إلى أن أسهم عون تُعَدّ مرتفعة، مع ما يتردّد من أنباء عن رضا خارجي عنه، في حين هناك ميلٌ داخليٌّ واسعٌ يؤيّد ترشيحه، ولا سيما في حال السير بتسوية رئاسية، بما في ذلك حزب "القوات اللبنانية"، الذي أكد رئيسه أن لا فيتو على قائد الجيش.
وشهدت جلسة الخميس الماضي عجز البرلمان عن انتخاب رئيس جديد للبلاد، في سيناريو مكرّر لعقد الدورة الأولى وتطيير نصاب الدورة الثانية، لكن تمايز "التيار الوطني الحر" غيّر النتيجة، التي أفضت للمرة الأولى إلى تعادل في الأصوات بين الورقة البيضاء ومرشح الأحزاب المعارضة النائب ميشال معوض على خطّ الـ39 صوتاً، من دون أن تؤدي في المقابل إلى انتخاب رئيسٍ.
وبالنسبة للجلسات البرلمانية السابقة لانتخاب رئيس للبلاد، فقد عُقدت في 29 سبتمبر و20 و24 أكتوبر/ تشرين الأول، و3 و10 و17 و24 نوفمبر/تشرين الثاني، وفي الأول والثامن من ديسمبر/كانون الأول من العام الحالي.