ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، اليوم الجمعة، أنّ قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن استقدمت تعزيزات جديدة إلى سورية عبر الحدود البرية مع العراق تضم 13 شاحنة محمّلة بمعدّات عسكرية ولوجستية، بالإضافة إلى صناديق مغلقة وصهاريج وقود، وأدخلتها من معبر الوليد الحدودي إلى قاعدة قسرك في ريف محافظة الحسكة، شمال شرقي سورية.
وأدخلت قوات التحالف خلال أقل من 15 يومًا أكثر من 100 شاحنة محمّلة بمعدّات عسكرية ولوجستية وصناديق مغلقة وصهاريج وقود عبر المعبر الحدودي بين العراق وسورية، وفق تقرير منفصل للمرصد، بالإضافة إلى أكثر من عشر طائرات من العراق تحمل إمدادات عسكرية أيضًا وصواريخ مضادة للطائرات.
في سياق متصل، أوضح الإعلامي جان علي، لـ"العربي الجديد"، أن المضادات الأرضية في قاعدة حقل "كونيكو" في الريف الشمالي لمحافظة دير الزور، شرق سورية، تصدت اليوم لطائرات مسيّرة أطلقتها المليشيات الإيرانية باتجاه القاعدة، مشيرًا إلى أن المنطقة شهدت تحليقًا مكثفًا لطيران التحالف الدولي.
وأوضح الباحث في مركز جسور للدراسات رشيد حوراني، في تصريح له، أن الهدف من وراء هذه التعزيزات العسكرية إيصال رسالة إلى إيران بأن التحالف الدولي يعمل على "مبدأ تكامل المهمة مع إسرائيل، التي تتمثل في تقليص النفوذ الإيراني في سورية، باعتبار أن المنطقة (شرق سورية)، تُعدّ ممرًا بريًا هامًا لإمدادات السلاح للمليشيات في سورية". وأكد حوراني أن "التعزيزات تصب في مصلحة تعزيز القدرة العسكرية لقواعد التحالف الدولي في المنطقة تحسبًا لردود فعل المليشيات الإيرانية، التي كرّرت استهدافها لتلك القواعد بأسلحة مختلفة، برية وجوية، خاصة أن إيران لم تُظهر حتى الآن تنازلاً عن حضورها في سورية بشكل خاص، ومشروعها في المنطقة بشكل عام"، على حد تعبيره.
وأشار حوراني إلى سيناريوهات محتملة لهذه التعزيزات العسكرية، "مثل مساعدة روسيا في ضبط التحركات الإيرانية على غرار ما فعلته في جنوب سورية، حيث عملت روسيا أخيرًا على إقامة حاجز لمنع عناصر المليشيات الإيرانية من الدخول إلى القرى السبع التي تسيطر عليها إيران في شرق الفرات، إضافة إلى دعم الحاضنة الاجتماعية ضد الوجود الإيراني في المنطقة، بدليل هجوم عشيرة الحسون في البوكمال أخيرًا على مقرات المليشيات الإيرانية وطردها، بعد تطاول عناصر تلك المليشيات على أحد شيوخ العشائر في المنطقة".
وأضاف حوراني أن من أهدافها قصف المعابر الشرعية وغير الشرعية التي تستخدمها إيران في تهريب السلاح، على غرار ما تقوم به إسرائيل على الحدود السورية اللبنانية، وكذلك التعاون مع الجانب العراقي لضبط الحدود، الذي بدأ أخيرًا بإنشاء جدار إسمنتي في منطقة الطريفي، غربي الأنبار، وتزويده بكاميرات مراقبة وتعزيزه بوسائل الضبط والمراقبة عبر الطائرات المسيّرة.
رسائل التحالف الدولي
وعلى عكس ما يُشاع حول انسحاب أميركي وشيك من سورية، ذهب الباحث والحقوقي أبو عمر البوكمالي إلى التأكيد على أن التعزيزات هي رسالة مباشرة بأن الجانب الأميركي لن يتخلى عن المنطقة، وقال لـ"العربي الجديد": "هذه التعزيزات قد تهدف إلى قطع التواصل الإيراني مع غرب العراق. كما تحمل هذه التعزيزات رسالة إلى العراق، وتؤكد أن الحكومة الأميركية لديها أهداف أقوى مما صرّحت به سابقًا"، وأردف: "من المستبعد وقوع حرب تقليدية في المنطقة بين الجانبين الأميركي والإيراني، ولكن يبدو أن الهدف هو تعزيز القوة وتوجيه رسائل إلى إيران، حيث قد تصبح المواجهة متعددة الجبهات بناءً على السياسة الجديدة".
وأضاف البوكمالي أنه من المحتمل أن تكون هذه التحركات ذات بُعد إعلامي أيضًا، بينما تراقب إيران هذه التحركات بجدية تامة، معتبراً أن "هذه المسألة قد تثير نوعًا من الخوف لدى أنصار إيران في المنطقة، وخاصة في شرق سورية، حيث أعداد الإيرانيين أنفسهم قليلة، لكن أنصارهم في المنطقة ينظرون إلى هذه التطورات بقلق". ولفت البوكمالي إلى أن هذه المسألة تتعزز في غرب العراق أيضًا، حيث يُعتبر شرق سورية وغرب العراق منطقة ذات أهمية متشابكة في التفكير الدولي، مشيرا إلى هناك دولاً عدة تكفلت ببناء جدار حدودي يمتد لمسافة طويلة من جهة الحسكة.
وأضاف: "لكن في النهاية، حتى لو تم بناء بوابة واحدة، فلن يُغير ذلك الكثير. حاليًا يتم تهريب الأسلحة عبر منفذ القائم الحدودي الرسمي باستخدام سيارات تحمل الخضار والفواكه، وبطريقة رسمية مغطاة. بالتالي، لا تعتمد القوات الإيرانية كثيرًا على الطرق البرية غير النظامية، ولكن الرسالة الأهم من هذه التحركات الأميركية هي التأكيد على استمرار اهتمامها بالمنطقة. بل ربما تُظهر الحكومة الأميركية اهتمامًا أكبر وجدية في حسم الأمور بالمنطقة، خصوصًا في ما يتعلق بإنهاء النفوذ الإيراني".
وختم البوكمالي أن هذه الرسائل الموجهة لإيران تُعتبر واضحة، خاصة من خلال شرق سورية، بالنظر إلى أن الخطر الرئيسي الذي يهدد مناطق "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ليس النظام السوري، وإنما المليشيات الإيرانية التي تتحكم فعليًا بالنظام في شرق سورية، وتحديدًا في الميادين، ودير الزور، وأطراف الرقة.