استدعي 3 نواب من البرلمان التونسي المنحل، اليوم الجمعة، للتحقيق أمام فرقة البحث في قضايا الإرهاب بضاحية بوشوشة بالعاصمة تونس، من بينهم أصغر نائبين، هما النائبة نهى العيساوي (23 سنة) وعبد الحميد المرزوقي (24 سنة).
ويأتي التحقيق مع هؤلاء في إطار مواصلة التحقيقات التي كانت شملت عدداً من نواب شاركوا في الجلسة العامة في نهاية شهر مارس/آذار الماضي.
وتوجه النواب بعد استكمال التحقيق برسالة لرئيس الجمهورية مفادها أنه بدل الحوار الذي كان قد وعد به سعيد الشباب، فإنهم يُحاكمون بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وقالت النائبة نهى العيساوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنهم "لبوا الدعوة وحضروا التحقيق، وأجابوا على الأسئلة التي وجهت لهم حول مشاركتهم في الجلسة العامة"، مشيرة إلى أن "ما يحز في نفسها أن يمثل شباب في مثل سنهم أمام التحقيق، فقط لرغبتهم في خدمة جهاتهم وممارسة قناعاتهم بعيداً عن الممارسات السياسوية".
بدل الحوار الذي كان قد وعد به سعيد الشباب فإنهم يحاكمون بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام
وأوضحت العيساوي أنه "وجهت لهم أخطر التهم، وهذا موجع لأي شاب ورسالة سلبية لأن أي شاب يرغب في المشاركة في الشأن العام والترشح لمجلس نواب الشعب مستقبلاً، وربما بسبب مشاهدته لما حصل معهم اليوم فإنه سيعدل عن المشاركة في الانتخابات القادمة، ولن يتشجع لدخول عالم السياسة".
ولفتت إلى أنها "سبق وأن توجهت كنائبة وخلال إحدى الجلسات العامة بطلب إلى رئيس الجمهورية ليستمع إلى الشباب وينصت لمقترحاتهم بعيداً عن الانتماءات الحزبية، ولكنه لم يرد على نداءهم، ويبدو أن الرد وصلهم اليوم من خلال دعوتهم من قبل فرقة مكافحة الإرهاب"، مضيفة أن "ما يؤلم أنه نفس المكان الذي يحقق فيه ضد إرهابيين يستهدفون الوطن".
وبينت أنهم "لن يخافوا ما دام أن ما قاموا به غير مخالف للدستور ولا لقناعاتهم"، مضيفة أنهم "أقسموا على الدستور لخدمة الوطن وبالتالي هم مقتنعون بما قاموا به".
وقال النائب عبد الحميد المرزوقي إن "هذه المرحلة تاريخية حيث سيتم الفرز مَن مع القانون والدستور، ومن مع الدكتاتورية؟"، مضيفاً في تصريح إذاعي أنه بالفعل أصغر نائب شاب، ولكنه سيظل فخوراً بمشاركته في الجلسة العامة وقد اختار مقاومة الانقلاب،
وأعرب عن خشيته من أن ما حصل لن يشجع الشباب على المشاركة في السياسة مستقبلاً.
وعبّر سياسيون عن تضامنهم مع أصغر النواب في المجلس، حيث قال مساعد رئيس مجلس نواب الشعب، المكلف بالإعلام والاتصال، ماهر مذيوب، في تدوينة له: "كل التضامن مع أصغر نائبين في مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، عبد الحميد المرزوقي والسيدة نهى العيساوي اللذين يمثلان اليوم أمام فرقة البحث في قضايا الإرهاب بتهم تصل عقوبتها للإعدام". وأضاف :" لا بد لليل أن ينجلي، ولا بد للقيد أن ينكسر".
وعبر النائب أسامة الخليفي عن مساندته للنواب، مؤكداً في تدوينة له: "يمثل أصغر النواب بمجلس نواب الشعب التونسي عن (حزب) قلب تونس النائبة الشابة ابنة سيدي بوزيد نهى العيساوي، وعبد الحميد المرزوقي ابن جندوبة، أمام فرقة مكافحة الإرهاب بتهمة حضور الجلسة العامة ليوم 30 مارس، كل التضامن معكم أختي وأخي زملائي الأعزاء".
وأضاف :"ظنوا أنه باستدعائكم وأنتم أصغرنا سناً أنهم سيرهبونكم ولكنهم لا يعلمون أن أصغرنا قادر على أن يتحدى ظلمهم وجبروتهم وجهلهم وتخلفهم ويقاوم بكل ثقة في الله وفي نفسه لأنه لم يسرق ولم يتعد على أحد ولكن مارس ما يمليه عليه ضميره والقسم الذي أداه".
الجرندي يطمئن ممثلي مجموعة السبع على "مستقبل الديمقراطية"
على صعيد آخر، أكد وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، ظهر يوم الخميس، في لقائه بسفراء مجموعة السّبع الكبار، اطمئنانه على "مستقبل مسار الديمقراطية" في تونس، مؤكدا على خيار التشارك والحوار.
وقدم الجرندي لممثلي مجموعة السبع، سفراء الولايات المتحدة الأميركية، اليابان، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، كندا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى سفير الاتحاد الأوروبي، صورة عن الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد.
وأكد الوزير بحسب بلاغ رسمي أن "الديمقراطية في تونس مسألة محسومة وأن الاستحقاقات السياسية المقبلة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية تمثل كل منها محطة نحو تكريس نظام ديمقراطي سليم ومستدام يستجيب لتطلعات الشعب التونسي ويضمن حقوقه وحرياته".
وفي رده على عدد من التساؤلات التي أثارها السفراء، لا سيما بخصوص أهمية المقاربة التشاركية للمسار والحيز المتاح للمجتمع المدني والعمل الجمعياتي، أكد الجرندي أنّ "الاستحقاقات الانتخابيّة القادمة ستجري في موعدها وتحت إشراف الهيئة المستقلّة للانتخابات وسيسبقها حوار وطني اعتماداً على مخرجات الاستشارة الوطنيّة" مشيراً إلى أنها "كانت مفتوحة لجميع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم لإبداء آرائهم في التوجهات والإصلاحات الكبرى إضافة إلى عرض هذه الإصلاحات على الاستفتاء حتى يقول الشعب التونسي كلمته الأخيرة فيها.".
من جهتهم، أكد سفراء مجموعة السبع بحسب بيان الخارجية التونسية على "أهمية مواصلة الحوار مع مختلف الفاعلين ومكوّنات المجتمع التونسي حول القضايا السياسية والاقتصادية بما يضمن التوافق حول الحلول المقترحة واستدامتها".
وجدّدوا بحسب الخارجية التونسية "التزام دولهم بدعم تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي"، مبرزين "أهمية الاستفادة من الاجتماعات المقبلة مع الصندوق من أجل الإعلان عن برنامج شامل ومستدام وقابل للتطبيق للإصلاحات التي تعتزم تونس القيام بها".
وكان اللقاء "مناسبة لتبادل وجهات النظر حول عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي وما يتبعها من تحديات متعددة الأبعاد الإنسانية والأمنية والسياسية والاقتصادية، إلى جانب تطورات الوضع الداخلي ببلادنا في ضوء الاستحقاقات السياسية المقبلة".
وقد دار اللقاء بحسب نفس المصدر "في جو من الصراحة والشفافية حيث أكد الوزير أن علاقات تونس مع مجموعة السبع هي علاقات استراتيجية قائمة على الثقة والاحترام المتبادلين وأن بلادنا قد برهنت على انفتاحها على جميع شركائها الإقليميين والدوليين وفي تواصل مستمر معهم حول جميع المسائل المطروحة أو التي قد تبدو غير واضحة لديهم، كل ذلك في إطار احترام سيادتها الوطنية واستقلالية قرارها".
واستعرض الجرندي أهمّ "الجهود المبذولة لإنعاش الاقتصاد الوطني وإرساء دعائم نمط جديد للتنمية يستجيب للتّحدّيات الرّاهنة ويضمن العيش الكريم للتّونسيين من خلال الانطلاق في الإعداد للمخطّط الثّلاثي للتّنمية 2023-2025 ورؤية تونس في أفق 2035". مشيراً في هذا الإطار إلى "تقدّم مسار المفاوضات مع صندوق النّقد الدّولي مؤكّداً تطلّع تونس للاستفادة من دعم شركائها قصد التّوصّل إلى اتّفاق مع هذه المؤسّسة الماليّة".
وعلى المستوى الإقليمي والدولي، أكد الوزير على أن "استقرار ليبيا هو مسؤولية جماعية باعتبار الارتدادات السلبية على المنطقة ككل في صورة أي تعثر محتمل للعملية السياسية".
وشكلت تطوّرات النّزاع الرّوسي الأوكراني أيضاً إحدى محاور اللقاء، حيث تم التأكيد على "عدم القبول بالتدخل العسكري لحل المشاكل بين الدول وضرورة إيجاد تسوية سلمية ومستدامة لهذا النّزاع في إطار الشّرعيّة الدّوليّة ومبادئ ميثاق الأمم المتّحدة والقانون الدّولي". بحسب البلاغ.