مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها الثاني، تجد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نفسها محرجة، في ظلّ استمرار التعنّت الإسرائيلي ورفض أي هدنة إنسانية تمهّد لدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع، وتسهّل المفاوضات حول الإفراج عن المحتجزين لدى حركة "حماس"، فضلاً عن استمرار القصف الإسرائيلي العنيف على القطاع، والذي خلّف أكثر من 10 آلاف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء.
ويتحدّث مساعدون لبايدن، وفق صحيفة "نيويورك تايمز"، عن أن الأخير فوجئ بعدم رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التراجع في مسألة الهجمات على المناطق الحضرية المكتظة، مشيرين إلى زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة إلى إسرائيل، والتي لاقى فيها رفضاً إسرائيلياً جديداً لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.
وكانت الإدارة تأمل في أن تحمل المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل، والبالغة سنوياً 3.8 مليارات دولار أميركي، التأثير الكافي على تكتيكات رئيس الوزراء، الأمر الذي لم يحصل، إذ رفض نتنياهو، في مكالمة هاتفية الاثنين، مسعى بايدن لبذل جهد أكبر لتجنّب سقوط ضحايا مدنيين، ومضى قدماً في ما سماه "الانتقام العظيم" لعملية "طوفان الأقصى"، مستخدماً قنابل ضخمة لهدم شبكة أنفاق حركة "حماس"، حتى لو أدّت أيضاً إلى انهيار أحياء بأكملها في غزة.
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن تأثير بايدن على كيفية قيام حلفائه بخوض الحروب مقيد أكثر بكثير ممّا كان متوقعاً، نظراً لدوره المركزي كمورّد للأسلحة والمعلومات الاستخباراتية.
ومع توجيه الأميركيين نصائح للإسرائيليين حول كيفية إدارة القتال في المناطق الحضرية، مع تقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى الحدّ الأدنى، جاء الردّ الإسرائيلي بأنّهم يقاتلون بالأسلحة المتوفرة لديهم، وهي عبارة عن قنابل زنتها 1000 و2000 باوند، وهي الكبرى في أي ترسانة عسكرية، وفق ما أوردته "نيويورك تايمز" الاثنين، نقلاً عن مساعدي بايدن.
وبحسب الصحيفة، لم يكن من المتوقع أبداً استخدام هذه الأسلحة في مناطق حضرية مكتظة بالسكان، لافتة إلى أن واشنطن تحاول إرسال قنابل أصغر بكثير إلى إسرائيل، وأكثر ملاءمة لاختراق الأنفاق، دون التسبّب بأضرار جانبية كبيرة.
ولا يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي مستعدّ للتراجع في وقت قريب، إذ يقرّ مسؤولون أميركيون تحدثوا لصحيفة "واشنطن بوست"، الاثنين، بأن الإسرائيليين مصرّون على مواصلة الضغط على حركة "حماس"، مشيرين إلى أنه مع تطويق مدينة غزة، فإن القوات الإسرائيلية ستتخذ نهجاً أكثر عدوانية، مما سيؤدي على الأرجح إلى زيادة الخسائر، سواء من المقاتلين أو المدنيين، في حرب المدن المكتظة.
وتعمل الولايات المتحدة، وفق دبلوماسيين أميركيين، على زيادة أعداد شاحنات المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى قطاع غزة، والذي يحتاج وفق تأكيدهم إلى 600 شاحنة يومياً، في وقت يصله اليوم ما بين 100 و120 شاحنة. ويتحدث المسؤولون المشاركون في المفاوضات حول المساعدات إن العائق هو إنشاء نظام فعّال يلبّي المطالب الإسرائيلية بعدم السماح بتهريب معدات عسكرية لـ"حماس".
ومع تزايد أعداد الشهداء في غزة، والصور المتداولة للأطفال الشهداء والمصابين، يتزايد الضغط على بايدن، الذي بدأ بعض أعضاء حزبه بحثه على تبنّي وقف لإطلاق النار، وليس فقط هدنة إنسانية. ووفق "نيويورك تايمز"، من المتوقع أن تتزايد هذه الضغوط مع إعلان وزارة الصحة في غزة استشهاد أكثر من 10 آلاف مدني فلسطيني منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، من بينهم حوالي 4 آلاف طفل ومراهق.