خرج رئيس الوزراء اللبناني المكلف، سعد الحريري، اليوم الجمعة، ليؤكد أن لا تقدّم على مستوى تشكيل الحكومة، بعد لقاءٍ دام نصف ساعة مع الرئيس، ميشال عون، في قصر بعبدا الجمهوري.
وأصدر المكتب الإعلامي في الرئاسة اللبنانية بياناً أوضح فيه أن "عون استقبل الحريري بطلب منه وتشاور معه في موضوع تشكيل الحكومة العتيدة بعد الجولات التي قام بها الى الخارج"، مضيفاً أنه "تبيّن أن الرئيس المكلف لم يأتِ بأي جديد على الصعيد الحكومي".
ويعدّ الاجتماع الأوّل بين الحريري وعون بعد "انقطاعٍ" لحوالي شهرَيْن، رافقه تراشق كلامي وبيانات متبادلة حادّة اللهجة بين الجانبَين. وقد أعلن فيه رئيس الوزراء المكلف أنّه تشاور مع عون وسيكمل التشاور، وأنه شرح له الفرصة الذهبية التي نحن فيها وأن كلّ فريق سياسي يتحمّل مسؤولية مواقفه منذ اليوم.
رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعد لقائه الرئيس عون: تشاورتُ مع رئيس الجمهورية وسأكمل التشاور ولا تقدّم، ولكن شرحتُ له الفرصة الذهبيّة التي نحن فيها pic.twitter.com/1WZCjwuztQ
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) February 12, 2021
وأشار الحريري الى أنّه لمس خلال زيارته إلى فرنسا حماساً لتشكيل الحكومة اللبنانية، مؤكداً أن "خريطة طريق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان وإعادة إعمار بيروت جاهزة، بيد أن المشكلة تكمن في أنه إذا لم نؤلف حكومة من الاختصاصيين، غير التابعين لأحزابٍ سياسية، لا يمكن أن نقوم بأي مهمّة إصلاحية، وإذا كان يعتقد أحد أنّ المجتمع الدولي والعالم سينفتح على لبنان أمام حكومة تضمّ وزراء وأعضاء سياسيين، فهو مخطئ".
خلال زيارتي الى #فرنسا لمستُ حماساً لتشكيل الحكومة اللبنانية والمشكلة تكمن في تأليف حكومة مكوّنة من اختصاصيين ولذلك لا يمكن القيام بأيّ مهمّة إصلاحيّة
— Saad Hariri (@saadhariri) February 12, 2021
وشدّد الحريري على أن الأساس هو في تشكيل حكومة مؤلفة من وزراء اختصاصيين لا يستفزون أي فريق سياسي ويعملون على مشروع اقتصادي إنقاذي، مضيفاً أنّ موقفه ثابتٌ وواضحٌ وهو "حكومة مؤلفة من 18 وزيراً، جميعهم اختصاصيون، وهذا ما لن يتغيّر لدي".
وبحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الأربعاء، مع الحريري خلال عشاء عمل في الإليزيه جهود فرنسا لتحضير الدعم الدولي للبنان فور تشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات اللازمة لوقف الانهيار الاقتصادي وإعادة أعمار ما تدمّر في بيروت من جراء انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس/ آب الماضي.
في الإطار، أكّد مصدر قيادي في "تيار المستقبل" الذي يرأسه الحريري، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحريري لم يزر بعبدا اليوم لتقديم تنازلات عن مبادئ يؤمن بها لرسم مسار الإنقاذ والنهوض الاقتصادي، بل ليضع الرئيس عون في أجواء الزيارات التي قام بها عربياً وغربياً، والأهم فرنسياً".
وأوضح المصدر ذاته، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن خطوة الحريري جاءت "ليؤكد لعون أنّ كل المشاريع جاهزة، والمجتمع الدولي كما العالم العربي مستعدّ للوقوف إلى جانب لبنان وهو لمس جدية دعم لبنان منهم، لكن شرط تشكيل حكومة من الاختصاصيين تحوز على ثقتهم، وتضمن لهم أن المساعدات لن تذهب هدراً".
وشدد على أنّ الحريري لن يعتذر في الوقت الراهن عن تشكيل الحكومة، وقد رمى الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، الذي عليه أن يحسم خياراته ويضع المصلحة الوطنية فوق أي مصالح أخرى ومكاسب ستدمّر ما تبقى من لبنان.
في المقابل، أكدت أوساط بعبدا، لـ"العربي الجديد"، أن "اللقاء كان إيجابياً بعض الشيء لناحية توضيح بعض النقاط والطروحات، ولكنه سلبي على صعيد النتائج، إذ لم يلتقِ الرئيسان بعد على نقطة مشتركة أو حلّ توافقي، في ظلّ إصرار الحريري على تسمية الوزراء، والمسّ بحقوق الرئيس عون الدستورية، ومخالفة وحدة المعايير، بينما منح أحزاباً أخرى، مثل "حركة أمل" برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، حق اختيار وزراء الطائفة الشيعية، وقدّم لهم وزارة المال، من دون أي تردّد".
وما يزال عون يتمسّك بحكومة مؤلفة من عشرين وزيراً كحدٍّ أدنى، ويطالب بإشراكه في تسمية وزرائه، في حين يصرّ رئيس الوزراء المكلف بدوره على حكومة من 18 وزيراً، تكون مشكّلة من اختصاصيين غير منتمين إلى أحزاب سياسية يقوم هو بتسميتهم. ويتهم رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بأنهما يريدان الثلث المعطّل.
في المقابل، تتجه الأنظار إلى كلمة الرئيس الحريري المتلفزة بعد غد الأحد، في الذكرى 16 لاغتيال والده رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والرسائل السياسية التي سيوجهها بالمناسبة، كما ينتظر ما سيقوله الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله يوم الثلاثاء المقبل في "الذكرى السنوية للقادة الشهداء" والمواضيع السياسية التي سيتطرّق إليها.