شددت وزارة الخارجية الفرنسية على أن "باريس ليس لديها أي مرشح في لبنان لرئاسة الجمهورية"، وذلك في ظلّ تصاعد وتيرة المقالات والتحليلات الصحافية التي تتحدث عن دعم فرنسا لمرشح "حزب الله" و"حركة أمل"، رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير لوجاندر، في مؤتمر صحافي اليوم الخميس، إنّ على اللبنانيين اختيار قادتهم، وعلى الجهات اللبنانية تحمّل مسؤولياتها وكسر الجمود السياسي من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد بوقت سريع، خصوصاً أن تداعيات الفراغ تلقي بظلالها أولاً على الشعب اللبناني.
وتوقفت لوجاندر أيضاً عند أهمية انتخاب رئيس جديد للبنان وتشكيل حكومة جديدة بصلاحيات كاملة، تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات بشكل عاجل لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي تمرّ بها البلاد، مؤكدة استمرار التواصل مع المسؤولين السياسيين في لبنان بهذا الإطار.
ويعيش لبنان فراغاً رئاسياً منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تاريخ انتهاء ولاية ميشال عون الرئاسية، بينما علّق رئيس البرلمان نبيه بري، منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، دعوة النواب إلى جلسة لانتخاب رئيس، ريثما يحصل التوافق السياسي، على شخصية رئاسية، وهو ما يوضع ضمن التجربة اللبنانية في إطار "التسوية" التي يُعَدّ الخارج أبرز لاعبيها، والتي لم تنضج بعد.
ويُتداوَل ضمن الأوساط السياسية الإعلامية في لبنان، أن باريس عرضت مقايضة انتخاب فرنجية لرئاسة الجمهورية مقابل تسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة، بوصفه شخصية مستقلة ترضي الطرف المعارض لـ"حزب الله" وحلفائه، وأن هذه المبادرة لم تُلاقَ بإيجابية، لبنانياً وخارجياً، خصوصاً في ظلّ الحديث عن عدم رضى سعودي على فرنجية، وسط معارضة داخلية واسعة له أيضاً داخلياً.
وحذرت الأحزاب المعارضة في لبنان التي رشحت النائب ميشال معوض، من أنها ستعطل أي جلسة لمجلس النواب من شأنها أن تؤدي إلى انتخاب فرنجية، فيما لا يزال "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، يرفض دعم فرنجية، الأمر الذي وتّر كذلك العلاقة بينه وبين "حزب الله".
وتُعَدّ فرنسا ضمن الدول الخمس (مصر، وقطر، وأميركا، والسعودية)، التي تتابع الملف الرئاسي في لبنان، وتعقد اجتماعات منفصلة مع القادة اللبنانيين في إطار المساعدة على إيجاد الحل، علماً أن هذه الدول كانت قد لوّحت في فترة سابقة بإعادة النظر بعلاقتها مع لبنان إن لم ينتخب النواب رئيساً للجمهورية.
وكان مصدر دبلوماسي فرنسي قد قال لـ"العربي الجديد"، إن "فرنسا لا تدعم فريقاً على حساب آخر، أو اسماً رئاسياً معيناً، بل تريد شخصية تلقى التوافق المطلوب بين القوى السياسية، وتؤدي إلى إنهاء حالة الشغور الرئاسي".
وأضاف المصدر أن "فرنسا لا تدعم حزب الله، ولكنها تعتبره فريقاً لبنانياً، انتخبه اللبنانيون وله نواب في البرلمان، ولا يمكن استبعاده، من هنا حل الأزمة الرئاسية يقتضي موافقة جميع الأفرقاء اللبنانيين الذين لا يزالون يماطلون، بينما الانهيار إلى تسارع".
وقال فرنجية في أحدث تصريح له بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي الثلاثاء إن التسويات بدأت في المنطقة، والمتخاصمون سيتصالحون، وهذا الأمر سينعكس على لبنان، داعياً جميع السياسيين للقراءة لمعرفة كيف تتجه الأوضاع.
وأشار إلى أنه "سمع الفيتو على اسمه من الإعلام اللبناني، ولم يسمعه يوماً من المملكة العربية السعودية أو من أصدقائها وحلفائها"، متمنياً الوفاق في المنطقة، "إذ لا نريد إلا الخير للعرب وللمملكة، ونحن ولدنا وتربينا في بيت عربي، ولطالما جاهرنا بعروبتنا وفي مختلف الظروف".
ولفت فرنجية إلى أنّه لديه رؤية ويدعم أي حكومة إصلاحية، ومستعد للحوار مع الجميع ومقاربة كل المسائل والوقوف على الهواجس، معتبراً أن البلد يحتاج إلى الجميع، وعلى لبنان اقتناص الفرص مع ما يجري من تسويات في المنطقة.