دعا تجمّع المهنيين السودانيين، اليوم الأربعاء، جميع السودانيين للمشاركة غداً الخميس في موكب 21 أكتوبر، لفض "شراكة الدم بين العسكر والمدنيين"، يأتي ذلك فيما حمّل رئيس حركة تحرير السودان أحد قياديي مجموعة التوافق الوطني المنشقة عن التحالف الحاكم، ميني اركو ميناوي، الأحزاب الأربعة المسيطرة على قوى الحرية والتغيير، مسؤولية الأزمة الحالية في البلاد، وذلك "بتعنتها في الوصول إلى حلول".
وذكر التجمع في بيان نشره على صفحته في "فيسبوك" أنه "عقب مضي عامين على شراكة الدم المعطوبة التي هدفت لوأد حركة التغيير الجذري في مهدها وإعادة إنتاج النظام المباد بواجهة مشذبة، جاءت الحصيلة سيطرة جنرالات اللجنة الأمنية لنظام البشير على الموارد والسلاح وكل الملفات، وسياسات اقتصادية كسيحة معادية للعاملين والمنتجين وتزيد من رهق الكادحين، وتعطيل للعدالة ومهام تفكيك تمكين الطفيليين، واتفاق سلام مشوه مقاصده مسارات توزيع الغنائم والمناصب والمحاصصات".
وأشار إلى أن "كل ذلك فاقم الأزمة السودانية وفجّر بؤر النزاع الجهوي والقبلي، واعتداء الأجهزة الأمنية والمليشيات على الحريات العامة".
وأضاف التجمع أن الحكومة الحالية "لا تمثل الثورة، وتبحر عكس أماني الجماهير، وأن الصراع الماثل بين أطرافها يدور حول تقسيم المناصب والامتيازات وخدمة المحاور الخارجية، ولا يمت لأهداف الشعب وتطلعاته بشيء"، مؤكداً أنه "آن ميعاد المواجهة الشاملة مع كل مكوناتها، والقول الفصل هو إسقاط الشراكة المعطوبة وانتزاع السلطة لقوى التغيير الجذري المنحازة لثورة ديسمبر ومهامها وغاياتها".
وأكد البيان رفضه الانقلاب بأي واجهة عسكرية أو مدنية، ونادى بوضع السلطة بيد القوى الثورية، وتكوين المجلس التشريعي وتصفية النظام البائد وتسليم المجرمين للمحكمة الجنائية الدولية، وحل المليشيات العسكرية وتكوين جيش واحد، وإصلاح المؤسسة العسكرية بإشراف المدنيين، إضافة لأيلولة الشركات المملوكة للأجهزة الأمنية والعسكرية والمليشيات لوزارة المالية، وتقديم من خطّط وأمر ونفّذ مجزرة فض الاعتصام للعدالة الثورية الناجزة.
في المقابل، قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، إن الجيش السوداني حريص مع المكون المدني على إنجاح الفترة الانتقالية الحالية للوصول إلى حكومة مدنية منتخبة تلبي تطلعات الشعب السوداني.
جاء ذلك خلال اجتماعه اليوم الخميس بالخرطوم، بوزيرة الشؤون الأفريقية بالخارجية البريطانية فيكي فورد، كما أعلن البرهان التزامهم بالوثيقة الدستورية والحفاظ على الشراكة بين المكونين العسكري والمدني.
في هذه الأثناء، قالت الشرطة السودانية، إنها وضعت نفسها في حالة استعداد قصوى، لتأمين مليونية ومواكب يوم الخميس، عبر خطة أبرز ما فيها تأمين المواقع السيادية والاستراتيجية والخدمية الحيوية والمنشآت والمرافق العامة والخاصة والبعثات الدبلوماسية والأسواق ومراكز المال والاقتصاد.
وأوضحت الشرطة في بيان لها أنها اتخذت إجراءات تأمينية استثنائية لسجون ولاية الخرطوم لاسيما السجن الاتحادي كوبر، مشيرة إلى أن خطتها تشمل ولايات السودان المختلفة
وأكد البيان، أن المسيرات والتظاهرات وسيلة مشروعة للتعبير وفق مبادئ ثورة ديسمبر، واستحقاق دستوري وفق الوثيقة الدستورية، وأن الشرطة ستعمل وفق القانون وتطبيقه بكل حيادية دون تمييز بما يحفظ للجميع أمنهم وأمانهم وممارسة حقوقهم بكل سهولة ويُسر.
وناشدت جميع أهل السودان أن يكونوا "عوناً لشرطتهم وهي تقوم بواجباتها تجاههم بالالتزام بالسلمية والتعبير عن رأيهم بطريقةٍ آمنةٍ متحضرة تحفظ للبلاد وأهلها الأمن والأمان".
ميناوي: الأحزاب الأربعة تتحمل مسؤولية الأزمة
إلى ذلك، حمّل رئيس حركة تحرير السودان، اركو ميناوي، الأحزاب الأربعة المسيطرة على قوى الحرية والتغيير مسؤولية الأزمة الحالية في البلاد، وذلك "بتعنتها في الوصول إلى حلول".
وقال ميناوي في مؤتمر صحافي، يوم الأربعاء، إن "مجموعة الأحزاب الأربعة المسيطرة على الحرية والتغيير" اشترطت الجلوس في حوار منفصل مع المكوّن العسكري لحلحلة الخلافات داخل الحكومة، كما اشترطت الجلوس مع حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان، لمناقشة الخلافات داخل تحالف الحرية والتغيير، مشيراً إلى أن تلك العقلية تشابه عقلية النظام السابق التي فرّقت السودانيين.
ويشهد السودان، منذ الشهر الماضي، أزمة سياسية بين المكون العسكري والمدني، أعقبت محاولة انقلابية فاشلة في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، بينما اعتصم آلاف من مؤيدي التوافق الوطني أمام القصر الرئاسي، منذ السبت الماضي، لمطالبة المكون العسكري بحل حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وتشكيل حكومة تتوسع فيها المشاركة السياسية، لكن التحالف الحاكم اتهم المكون العسكري بأنه وراء الاعتصام رغبة منه في الانقضاض على التحول الديمقراطي.
من جهته، جدد سليمان صندل، الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة في المؤتمر الصحافي، الدعوة لحل الحكومة التي شكلتها الحرية والتغيير، بعد تعطل مؤسسات الدولة، وتوتر العلاقات بين المؤسسات الدستورية، على أن يتم تشكيل حكومة جديدة بتوافق سياسي، نافياً حرصهم على تمكين العسكر في السلطة "عكس ما تروج له الحرية والتغيير أمام المجتمع الدولي".
في غضون ذلك، تواصل أحزاب وتيارات سياسية التجهيز لموكب 21 أكتوبر غداً الخميس، "للدفاع عن الثورة السودانية والضغط على العسكريين لتسليم رئاسة المجلس السيادة، والحد من تغولهم على صلاحيات الجهاز التنفيذي، وتكوين بقية مؤسسات الحكم الانتقالي"، وكان عدد من أحياء الخرطوم قد شهد تظاهرات استعداداً للموكب يوم الخيس.
من جهة أخرى، أكد نائب مبعوث الخارجية الأميركية للقرن الأفريقي، بيتون نوف، عقب لقائه وزير العدل السوداني نصرالدين عبد الباري، أن الولايات المتحدة "تسعى لتجسير الهوة بين أطراف الانتقال باعتبارها الخطوة الأهم في الوقت الراهن"، معتبراً أنهم كأصدقاء للانتقال إلى الحكم الديمقراطي المدني الكامل سيبذلون جهدهم للمساعدة في تجاوز الأزمة الراهنة، وذلك بفعل كل ما بوسعهم لحل الخلافات بين الأطراف المختلفة.
على صعيد مختلف، قال ياسر عباس وزير الري والموارد المائية، رئيس اللجنة المكلفة من رئيس الوزراء لحل أزمة شرق السودان، إن لجنته على اتصال بمحمد الأمين ترك، رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، مشيراً إلى أن ترك رحّب بأي حلول تقوم على أسس مخاطبة الجذور الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لحل قضية شرق السودان، مشيداً في تصريح صحافي بـ"الجهود الايجابية المخلصة التي تبذلها بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في السودان، لتقريب وجهات النظر وتوفير الضمانات المستقبلية لدعم إقرار السلام والتنمية الاقتصادية في شرق السودان".
وكان محتجون من شرق السودان قد أغلقوا منذ 17 سبتمبر/ أيلول الماضي الموانئ الرئيسة على ساحل البحر الأحمر، والطريق الرابط بين الميناء وبقية المدن السودانية، للضغط على الحكومة لإلغاء اتفاق خاص بشرق السودان وقعته الحكومة وفصائل سياسية العام الماضي، بحجة أن الاتفاق لا يمثل أهل الإقليم ولا مصالحهم.