استمع إلى الملخص
- في أم درمان، قصف مدفعي لقوات الدعم السريع أدى إلى مقتل 65 شخصاً وجرح المئات، وسط اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، بينما ينفي الجيش السوداني هذه الاتهامات.
- تتواصل المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في عدة مناطق، مع دعوات لعقد اجتماع طارئ بجامعة الدول العربية لتحييد التدخلات الخارجية.
أسفرت ضربة جوية للجيش السوداني على سوق في بلدة في شمال دارفور عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة المئات الاثنين، وفق ما أفادت مجموعة "محامو الطوارئ"، فيما أدى قصف مدفعي لقوات الدعم السريع على أم ردمان إلى مقتل 65 شخصاً في مجزرة جديدة ترتكبها المليشيا.
ونقلت "فرانس برس" عن مجموعة "محامو الطوارئ" التي توثّق انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب المستمرة منذ 20 شهراً بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على منصة إكس عن الغارة في مدينة كبكابية في شمال دارفور أن "القصف وقع في يوم السوق الأسبوعي، حيث تجمّع الأهالي من قرى مختلفة للتبضع، ما أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة المئات، بينهم نساء وأطفال".
وفي حادث منفصل، قالت المجموعة إن طائرة مسيّرة سقطت في ولاية شمال كردفان في وسط السودان يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني انفجرت مساء الاثنين، "ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص، بينهم أطفال، وإصابة ثلاثة آخرين بجروح خطيرة". وفي مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، "تتواصل سلسلة الهجمات العشوائية بالطيران الحربي، حيث استهدفت الطائرات الحربية أحياء المطار، والرحمن، والمصانع باستخدام البراميل المتفجرة". بحسب المجموعة.
وأشارت المجموعة إلى أن هذه الهجمات "ليست سوى جزء من حملة تصعيد مستمرة، تدحض الادعاءات بأن القصف يركز فقط على الأهداف العسكرية، حيث تتركز الغارات بشكل متعمد على المناطق السكنية المأهولة". ويتّهم كل من الجيش وقوات الدعم السريع باستهداف المدنيين وقصف المناطق السكنية عمداً.
الجيش السوداني ينفي
من جانبه، أكد الجيش السوداني، "تقيده التام" بقواعد الاشتباك والقانون الدولي الإنساني. وقال في بيان اليوم الثلاثاء رداً على اتهامات بتسبب سلاح الجو في مقتل العشرات بولاية شمال دارفور ومناطق أخرى، إن "بعض الجهات السياسية المحسوبة على "مليشيا آل دقلو الإرهابية (الدعم السريع)" درجت على ترويج الأكاذيب عقب كل استهداف تقوم به قوات الجيش لمواقع نشاط المتمردين، في الوقت الذي تلتزم فيه الصمت حيال الفظائع والانتهاكات المتعمدة والمروعة التي ترتكبها المليشيا بحق المواطنين والأعيان المدنية بجميع أنحاء البلاد".
وأضاف البيان أن "القوات المسلحة مستمرة في ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن البلاد والتعامل بالأسلوب المناسب مع أي موقع أو مرفق تستخدمه المليشيا وأعوانها للأغراض الحربية ضد الدولة السودانية".
#كبكابية | مجزرة مروعة ارتكبها الطيران الحربي في سوق المدينة اليوم، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة المئات بينهم أطفال. هذا الهجوم على المدنيين في يوم السوق يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. نطالب بتحقيق فوري في هذه الجريمة. #الجيش_السوداني #السودان pic.twitter.com/DhHk32cswm
— Emergency Lawyers (@EmergncyLawyers) December 9, 2024
جهات سياسية: جرائم القوات المسلحة بحق المدنيين انتهاك صارخ
وفي أكثر من مرة، دانت جهات سياسية ومنظمات دولية، ما عدوه استهدافا للمدنيين بواسطة الطيران. وفي آخر بياناتها، قالت قوات الدعم السريع إن ما تسميها "مليشيا البرهان" في إشارة إلى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، "متمادية في سلسلة ارتكاب جرائم الإبادة"، وإن "طيرانها يواصل غاراته ضد المواطنين العزل، مرتكباً مجازر جديدة باستهدافه سوق كبكابية بشمال دارفور، ومدينة أمّ روابة في شمال كردفان، ما أدى لمقتل 30 مدنياً في الحال، و50 جريحاً". وذكرت أنها تمتلك "الدلائل الكافية" بتورط جهات خارجية فيما تعده إبادة عنصرية في السودان.
من جهتها، قالت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" إنها تدين "بأغلظ العبارات" قصف سلاح الطيران التابع للقوات المسلحة، أمس الاثنين، للمواطنين بمدينة كبكابية بولاية شمال دارفور. وأشارت إلى أن مدناً أخرى تعرضت للقصف مثل طابت الشيخ عبد المحمود بولاية الجزيرة، ومسجد الشيخ أحمد في شمبات بولاية الخرطوم، وسوق ستة بجوار مستشفى بشائر جنوب الخرطوم، مما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين. وأشارت إلى أن الطيران قصف مدينة نيالا بعدد من الغارات الجوية والبراميل المتفجرة مساء الاثنين، ما أوقع عشرات القتلى ومئات الجرحى من المدنيين الأبرياء.
وأوضحت التنسيقية أنّ "تلك الجرائم التي ترتكبها القوات المسلحة السودانية بحق المدنيين العُزل تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، مؤكدة أنّ استهداف المدنيين في هذه الحرب "سيُعمّق الانقسام المجتمعي الحاد، وسيجعل استهداف مناطق مدنية ليس بها مواجهات عسكرية أمرًا يمكن تفسيره على أنّه استهداف مقصود ومتعمّد، وهو أمر يجب أن تدينه جميع المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان".
مجزرة للدعم السريع على مدينة أم درمان
إلى ذلك، أدى قصف مدفعي لقوات الدعم السريع على مدينة أم درمان، إلى مقتل 65 شخصاً وجرح المئات. وقال شهود عيان لـ"العربي الجديد"، إن القصف هو الأعنف على مناطق شمال مدينة أم درمان، غرب العاصمة، وشمل عدد من الأحياء والأسواق في المنطقة وسبّب حالة من الهلع والخوف وسط المدنيين. وأشاروا إلى أن قذيفة واحدة أصابت حافلة ركاب بمنطقة الثورة الحارة 17، ما أسفر عن مقتل جميع الركاب وعددهم 22. وقال الشهود إن أجساد الركاب تفحمت بالكامل ولم ينج سوى سائق الحافلة.
وقال بيان لحكومة ولاية الخرطوم، إن "مليشيا الدعم السريع الإرهابية ارتكبت، اليوم الثلاثاء، أكبر مجزرة بشرية عن طريق القصف المدفعي وسط المواطنين بمحلية كرري راح ضحيتها أكثر من 65 شهيداً ومئات الجرحى الذين اكتظت بهم المستشفيات". وأدان والي الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، أثناء وقوفه على الأوضاع ميدانيا، ما عده جريمة ضد المواطنين العزل "حيث تستهدف المليشيا من وراء ذلك ترويع وتخويف المواطنين للخروج من المناطق الآمنة لمواصلة نهجها في القتل والاغتصاب والسرقة".
وطالب حمزة المجتمع الدولي والمنظمات بالقيام بدورها في حماية المدنيين الذين تستهدفهم "المليشيا" بشكل مباشر داخل منازلهم وفي الأسواق والمؤسسات العلاجية وكل الأماكن المكتظة في وقت الذروة، وهو الوقت الذي تختاره "المليشيا" لإيقاع أكبر عدد من الضحايا، بحسب تقديره.
من جانبه، قال مدير عام وزارة الصحة، فتح الرحمن محمد الأمين، إن المستشفيات في المنطقة لا تزال تستقبل وفيات وجرحى، وإن العاملين بالقطاع الصحي يبذلون جهوداً مضنية لإنقاذ المصابين وتقديم العناية الصحية.
معارك مستمرة
وتتواصل المعارك في عدد من المحاور، خصوصا في ولاية الجزيرة، حيث يحاول الجيش منذ أيام التقدم لتحرير مناطق بولاية الجزيرة. وقال جنود تابعون له في الساعات الماضية إنهم في طريقهم لعاصمة الولاية مدينة ود مدني. وفي مدينة الفاشر، استفاق المدنيون هناك، على دوي القصف المدفعي المتبادل بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع. وطبقا لشهود عيان، فإن قتالاً عنيفاً يدور بين الجانبين بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.
على صعيد آخر، أعلنت الخرطوم، أمس الاثنين، دعوتها جامعة الدول العربية لعقد اجتماع طارئ "لتحييد التدخلات في الشأن السوداني". جاء ذلك في تصريحات لمتحدث الحكومة السودانية وزير الإعلام خالد الأعيسر، عقب جلسة مباحثات مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الذي وصل مدينة بورتسودان شرقي البلاد الاثنين، وفق وكالة الأنباء الرسمية "سونا". ووصل أبو الغيط إلى بورتسودان في زيارة تستغرق يومين يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين السودانيين لبحث الأوضاع في البلاد.
وأفادت "سونا" بأن الأعيسر "أعلن تقديمه دعوة لجامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع طارئ لتحييد بعض الدول (لم يسمها) التي لديها تدخلات في الشأن السوداني وتقع تحت مظلة الجامعة العربية، وأن تتبنى الجامعة مشروعاً للحد من التدخلات الدولية في الشأن الوطني السوداني". وأضاف: "نعول على دور كبير من الجامعة في الفترة المقبلة لا سيما أن معظم المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية أدارت لنا ظهرها في هذه المعركة وعطلت عضوية السودان (بينها الاتحاد الأفريقي الذي جمد عضوية السودان في 2021 عقب حل مجلسي السيادة والوزراء حينها) بينما لم تفعل الجامعة العربية".
وفي نوفمبر، قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن موقف بعض الدول تجاه بلاده "معاد"، وأخرى ظل موقفها "رمادياً"، مؤكداً أن السودان "يعتزم معاملتهم بالمثل دون مهادنة". وذكر الأعيسر، أن "الخرطوم تريد التأكيد على ثلاث لاءات عبر الجامعة العربية وهي: لا للتدخل في الشأن السوداني، ولا للتعدي على الشعب، ولا لتفكيك الدولة"، وفق المصدر ذاته.
ومنذ منتصف إبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حرباً خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية. وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
(فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)