ناصر الشاعر لـ"العربي الجديد": خطاب الكراهية يخسّر الفلسطينيين أنفسهم

نابلس

سامر خويرة

سامر خويرة
23 يوليو 2022
لقاء مع الشاعر (العربي الجديد)
+ الخط -

بأقدام مكبلة بالجبس والجسور الحديدية، يرقد نائب رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق ناصر الدين الشاعر على سرير الشفاء في مستشفى النجاح بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، بعد أن استهدف، أمس الجمعة، برصاص مسلحين ملثمين أصابوه بسبع رصاصات في قدميه، خلال تواجده في قرية كفر قليل جنوبي نابلس.

بصوت خافت، دعا الشاعر إلى معاقبة من استهدفوه ومن يقف وراءهم، محذراً من أنّ "خطاب الكراهية سيجعل الفلسطينيين يخسرون أنفسهم".

تحدث الشاعر إلى مراسل "العربي الجديد" دقائق معدودة لوجوده في غرفة العناية المركزة، كرر فيها مراراً عبارة "روحي ودمي فداء للوحدة الوطنية"، ورفع عدة مرات شارة النصر، مشدداً على ضرورة الانتصار للدم الفلسطيني المسال في وجه الاحتلال الإسرائيلي فقط.

لقاء مع الشاعر (العربي الجديد)
شدد الشاعر على ضرورة الانتصار للدم الفلسطيني في وجه الاحتلال فقط (العربي الجديد)

الشاعر، الذي خضع لعملية وتدخلات جراحية استمرت لنحو أربع ساعات، لتثبيت الركبة التي تهشمت، وجبر كسر الثانية، قال إنّ ما جرى معه هو "محاولة اغتيال" واستهداف للفكرة وليس للشخص، "فكلما خرجت أصوات تدعو لإنهاء الانقسام تحركت الأيادي العابثة التي لا تريد للخلافات أن تنتهي، لأنّ إنجاز المصالحة قد يتسبب لها بالضرر".

يلتقط الشاعر (62 عاماً) أنفاسه، ثم يسترسل شارحاً ما جرى معه، حيث لاحقته خلال خروجه من قرية كفر قليل سيارة قطعت الطريق عليه، خرج منها مثلمان يشهران السلاح. حاول أحدهما فتح باب السيارة التي كان يقودها لاختطافه وسحبه خارجها، وعندما لم يفلح أدخل المسلّح يده من النافذة وأطلق رصاصة واحدة استقرت في فخذه الأيسر.

يتابع الشاعر أنه رغم الإصابة واصل قيادة السيارة، فلحق به المسلحان وأطلق أحدهما الرصاص بشكل كثيف نحوه. قدر الشاعر أنه كان هناك ما بين 20 إلى 30 رصاصة على الأقل، وعندما أوقف مركبته تماماً، كرر المسلح فعلته وأدخل يده من النافذة وأطلق عدة طلقات أصابت معظمها قدميه، قبل أن ينقل بسيارة الإسعاف إلى المستشفى.

يتابع "الحمد لله، إن كان الله قد أخذ (وأشار إلى قدميه) فقد أبقى (وأشار إلى بقية جسده). ربح البيع أبا يحيى. دمي دفقة في قناة الوحدة الوطنية".

وكرر الشاعر أن لا خصومة بينه وبين أحد، "إلا أنّ هناك من يعمل على ضرب النسيج المجتمعي واستهداف الوحدة الوطنية والقضية الفلسطينية، لإشغال الشعب الفلسطيني بالنزاعات والمشاكل الداخلية ونسيان الهم الأكبر، المتمثل بالاحتلال وعدوانه المستمر، وهو ما يصب في مصلحته فقط" كما يقول.

ويتابع: "العالم ليس جاهزاً لأن يعطينا شيئاً من حقوقنا، والاحتلال كذلك، فالحل عند الخفافيش أن يشغلونا ببعضنا، وهذا ما لن نسمح به".

وأضاف الشاعر "أقبل أن يكون دمي وقودا للوحدة الوطنية، ولن أقبل بأي ردات فعل لها علاقة بالفلتان الأمني وأخذ الحق باليد. طريقنا معروف منذ اليوم الأول، وقد ارتضيناه".

وطالب الشاعر بالعمل على ملاحقة المجرمين، ومحاسبة كل من يخرج عن الصف الوطني ويمارس الفلتان. كما طالب برفع الغطاء التنظيمي عن أي شخص يمارس الفلتان، و"هذا سيضبط الأمور ويضعها في نصابها الصحيح".

وأعرب الشاعر عن حرصه على العدالة التي تتنافى مع السكوت عن الجريمة فـ"لا مجال لإفلات المعنيين من العقاب. الصمت يعني أنّ هناك ضحية قادمة"، وقال "الوحدة هي المستهدفة، القضية الفلسطينية هي المستهدفة".

لقاء مع الشاعر (العربي الجديد)

وحول المعتدي عليه يعتقد الشاعر أنه "مخطئ" لكنه "تعرض لغسيل دماغ". وتابع بقوله "أنا متأكد أنه لا يعرف من هو ناصر الشاعر، لو كان يدرك الدور الذي نقوم به من أجل الوطن لما فعل فعلته... أنا لا أعرفه، لأنه كان ملثما، ولكن يمكن التعرف عليه بسهولة".

وبعد أن طالب الشاعر مجدداً "بمعاقبة الجناة ومن يقف وراءهم"، صمت قليلاً، ثم استدرك "لو أمسكته لما انتقمت منه ولما وضعت المسدس في رأسه. بل دعوت له بالهداية. الأفيون ليس فقط مخدرات، بل هو فكر وثقافة وغسيل دماغ. وهناك من شبابنا من يتعرضون لغسيل دماغ. وحماية هؤلاء وإعادتهم إلى رشدهم هي مسؤوليتنا جميعاً".

يحذر الشاعر من "التحريض" بحق الأشخاص والمؤسسات، ويشدد على أنّ "خطاب الكراهية هو الذي يؤسس لمثل هذه الأفعال. ورسالتي أن أزيلوا خطاب الكراهية من منشوراتكم وكلامكم وخطاباتكم. لأننا سنخسر أنفسنا بسببه كما خسرنا وطننا".

تعرض الشاعر، قبل أسابيع، للضرب والاعتداء من أفراد من حرس جامعة النجاح، أثناء قمعهم للحراك الطلابي واعتدائهم على طلبة شاركوا في اعتصام نظمته الكتلة الإسلامية أمام الجامعة، في 8 يونيو/حزيران الماضي.

عمل الشاعر عميدًا لكلية الشريعة في جامعة النجاح، وهو أستاذ مساعد في قسم الفقه والتشريع. وشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم في الحكومة الفلسطينية العاشرة، واعتقل آنذاك لشهور في سجون الاحتلال الإسرائيلي، كما شغل منصب وزير التربية والتعليم في "حكومة الوحدة" في العام 2007.

المدير التنفيذي لمستشفى النجاح  كمال حجازي قال لـ"العربي الجديد" إنّ الوضع الصحي للشاعر مستقر. وقد خضع ليلة أمس، لعدة عمليات جراحية لتنظيف مكان الإصابات، وهي 5 رصاصات بالطرف الأيسر واثنتان بالأيمن، استخرجت وحدة وبقيت الثانية لصعوبة استخراجها.

وأشار حجازي إلى أن الرصاصات أحدثت تهتكاً كبيراً في عظمة الفخذ السفلى وتحتاج إلى عدة عمليات مستقبلاً، وقد تم تثبيت الساقين بجسور حديدية لمنع الحركة كلياً، ومع ذلك فإنّ الأعصاب جيدة ولا يوجد أي ضرر في الأوعية الدموية، بحسب حجازي الذي استدرك بالقول إنّ رحلة العلاج لا تزال طويلة قبل أن يستعيد الشاعر عافيته تماماً.

ذات صلة

الصورة
الشيخ زياد أبو هليل استشهد في7 أكتوبر 2024 (فيسبوك)

مجتمع

على وقع الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى، سطّر الشيخ زياد أبو هليل، من مدينة دورا، جنوبي الخليل، جنوبي الضفة الغربية، فجر الاثنين، آخر فصول حياته.
الصورة
في مدينة غزة، 2 أكتوبر الحالي (عمر القطاع/فرانس برس)

سياسة

لم تُبقِ إسرائيل سلاحاً إلا واستخدمته خلال عام من حرب الإبادة على غزة ليُسجل سقوط 52 ألف غزي بين شهيد ومفقود، لكن على الرغم من ذلك لم تجرِ محاسبة الاحتلال.
الصورة
تأثر بشار الشوبكي نجم منتخب فلسطين بتوقف الدوري المحلي (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أسفر توقف المنافسات الكروية المحلية على أرض فلسطين المحتلة، عن آثار متفاوتة، خصّت أكثر من ستة آلاف لاعب كرة قدم يمارسون اللعبة في البلاد مع فرقهم.

الصورة
إسرائيليون بتل أبيب يطالبون بإجراء صفقة تبادل، 5 أكتوبر 2024 (نير كيدار/الأناضول)

سياسة

في حين أنّ المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة ما يزالون ورقة بيد المقاومة الفلسطينية، يدور حديث إسرائيلي عن وجود 101 محتجز لدى الفصائل.
المساهمون