الفلسطيني زياد أبو هليل... صاحب مقولة "بهمش خليهم يضربوا" شهيداً

08 أكتوبر 2024
الشيخ زياد أبو هليل استشهد في 7 أكتوبر 2024 (فيسبوك)
+ الخط -

على وقع الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى، سطّر الشيخ زياد أبو هليل، من مدينة دورا، جنوبي الخليل، جنوبي الضفة الغربية، فجر أمس الاثنين، آخر فصول حياته المليئة بالنضال والتضحية قرابة سبعة عقود، وهو صاحب الجملة الشهيرة قبل سنوات "بهمّش خليهم يضربوا"، التي لطالما ردّدها خلال مواجهاته مع الاحتلال الإسرائيلي، ليصبح أبو هليل شهيداً بعدما واجه جنود الاحتلال الذين اقتحموا منزله.

زياد أبو هليل... مسيرة حافلة بالنضال وحب المقاومة

كان أبو هليل من أشدّ مؤيدي المقاومة الفلسطينية، كما عرف بمواقفه المناهضة لاعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، حيث كان يشارك باستمرار في معظم الفعاليات الوطنية، خاصّة المسيرات الشعبية، والوقفات المعنية بنصرة الأسرى في السجون، والفعاليات المناصرة لقطاع غزة والرافضة للعدوان الإسرائيلي. 
اشتهر الشهيد زياد أبو هليل (68 عاماً)، بكلمته الشهيرة "بهمّش خليهم يضربوا" (لا يهم دعهم يضربون)، وبعدها تعرّض للضرب والرشّ بالغاز المسيّل للدموع، حين قالها لأحد جنود الاحتلال خلال المواجهات بين الشبّان الفلسطينيين وقوات الاحتلال في منطقة باب الزاوية التي أعقبت تشييع جثمان الشهيد محمد فارس الجعبري في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، في ما عرف حينها بـ"انتفاضة السكاكين"، التي شارك أبو هليل في كلّ الفعاليات الوطنية المرتبطة بها.


منذ ذلك الحين وحتى آخر أيام حياته، عمد الاحتلال إلى استهداف الشهيد زياد أبو هليل عبر الاعتقال أو الاستدعاء أو الاقتحام أو الضرب أو التنكيل أو ملاحقة أفراد أسرته. 
وبحسب مصادر عائلية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الشهيد أبو هليل تعرّض لأكثر من 130 اعتداءً من قبل جنود الاحتلال، سواء بالرصاص المطاطي خلال مشاركته في الفعاليات الوطنية، أو الغاز المسيّل للدموع، أو الضرب خلال اقتحام منزله عشرات المرات.

هكذا استشهد الشيخ زياد أبو هليل

وعن لحظات ارتقاء الشهيد زياد، يروي محمد أبو هليل، وهو أحد أقاربه، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل اللحظات الأخيرة قائلًا: "اقتحم جنود الاحتلال منازل العائلة في حدود الساعة الثالثة فجراً، بهدف اعتقال الأسير المحرر عامر أبو هليل، وهو ابن شقيق الشهيد زياد، غير أنهم أخطأوا في اقتحامهم، فبدلاً من منزل المحرر عامر، اقتحموا منزل الشهيد زياد، الذي تصدى للاقتحام ورفض السماح لهم بالدخول للمنزل وإجراء عمليات تفتيش وتخريب". 
ويوضح محمد أبو هليل قائلاً: "تدافع الشهيد مع جنود الاحتلال، حتى انهال عليه العشرات منهم بالضرب المبرح باستخدام أعقاب البنادق على صدره ورأسه، ودفعه بكل عنف وضربه على باب حديدي، وتعمّد ضرب وجهه، حتى بدا عليه فقدان الوعي، وعندما تبيّن أنه فارق الحياة انسحب جيش الاحتلال من المنزل". 
كان أبناء الشهيد زياد في المنزل خلال الاقتحام ولم يتم الاعتداء عليهم كما جرى معه، ما يعني بحسب قريبه، أن ضربه والاعتداء عليه حتى فارق الحياة شهيداً كان سلوكاً متعمداً من جنود الاحتلال، لأنهم استمروا في ضربه والاعتداء عليه دون الجميع، وحاول أفراد العائلة نقله إلى مستشفى دورا الحكومي، إلا أنه استشهد فور وصوله متأثراً بجراحه. 

مسيرة من النضال والمواقف الوطنية

يقول محمد أبو هليل: "إن للشهيد مواقف وطنية عديدة في مواجهة الاحتلال، كان آخرها قبل نحو شهر حين اقتحم الاحتلال مدينة دورا، ودهموا منزله، وخلال الاقتحام مدّ ضابط جيش الاحتلال يده للسلام عليه، لكن الشهيد رفض قائلاً: لن أسلم على اليد التي تقتل أهلنا في قطاع غزة. وبعد هذا الموقف تعرّض للضرب المبرح من جنود الاحتلال".
وعانى الشهيد أبو هليل وأسرته سابقاً من الاعتقالات الإسرائيلية المتكررة، حيث تعرّض الشهيد زياد نحو 20 مرّة للاعتقال، كانت غالبيّة الاعتقالات تستمر أياماً وأسابيع، كما أن له 14 ابناً، سبعة منهم تعرّضوا للاعتقال في سجون الاحتلال، وأحدهم استشهد في سبتمبر/أيلول عام 2020، حين تعرّض لعملية طعن من قبل مجموعة من المستوطنين أثناء عمله داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

ووفق قريبه، فإن الشهيد زياد أبو هليل أسير سابق، ووالد الأسرى والشهداء لم يغب عن ميدان الدفاع عن الشبّان خلال التصدي لاقتحامات قوات الاحتلال، فقد كان يجعل نفسه حاجزاً مدافعاً بصدره عن الشبّان خلال المواجهات، كما كان يعلن تأييده للمقاومة، ويشيد بضربها الاحتلال بمختلف الوسائل ويؤمن أنها الخيار الأمثل في المواجهة.

رجل الإصلاح شهيداً

وعدا عن كونه شخصية وطنية مستقلّة، عرف عن الشهيد أبو هليل نشاطه الاجتماعي العشائري الإصلاحي، إذ يعتبر مختار وعميد عشيرته (أبو هليل - المسالمة). ويقول قريبه إنه حتى آخر يوم قبل استشهاده كان يمضي في حلّ خلافات عائلية وعشائرية في مدينة دورا في سياق عمله الاجتماعي، خاصّة أنه كان شخصية مقبولة لدى عامّة الناس على خلفية مواقفه الوطنية. 
وجاء النشاط الوطني والاجتماعي للشهيد أبو هليل امتداداً لنشاط العائلة التاريخي التي ينتمي إليها، حيث إن والده كان من المشاركين إلى جانب الشهيد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل التي حاربت العصابات الصهيونية عام 1948.
وبعدما استشهد الشيخ زياد أبو هليل، أعلنت مؤسسات مدينة دورا وفعالياتها والقوى الوطنية الإضراب الشامل لمختلف مناحي الحياة، حدادًا على روحه، فيما تم تشييعه ومواراته في الثرى، ليطوي صفحة من النضال عرف فيها بجملته الشهيرة "بهمّش خليهم يضربوا"، والتي لاقت صدى واسعاً وتم تخليدها وسيرة صاحبها بالأغاني الوطنية.

المساهمون