مجدداً، تتجه الأنظار نحو الصين، في ظل التطورات الميدانية الجارية في أفغانستان وسيطرة حركة طالبان على العاصمة كابول، وانهيار الحكومة، قبل أقل من شهر من استكمال القوات الأميركية انسحابها من الأراضي الأفغانية. هذه التطورات السريعة، طرحت تساؤلات حول تداعياتها على المشهد الجيوسياسي الإقليمي، خصوصاً ما يتصل بمخاوف الصين من أن عدم الاستقرار والفراغ الأمني قد يمتدان إلى حدودها الغربية، ويضرّان باستثماراتها الكبيرة في أفغانستان. كما تنظر الصين بحذر إلى المخططات الأميركية في المنطقة، ما بعد الانسحاب من أفغانستان، مع استمرار تبلور عقيدة "الاستدارة شرقاً"، منذ عهد باراك أوباما. وفي هذا الإطار، تبدو منطقة المحيطين الهندي والهادئ ساحة المواجهة والنزال الكبرى المتوقعة بين الصين والولايات المتحدة.
وتعليقاً على التطورات الأفغانية، مع سيطرة "طالبان" على الحكم، خرج الموقف الرسمي الصيني على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية، خوا تشون ينغ، في إفادة صحافية، قبل أسبوع، حين أكدت أن بلادها تحترم رغبات وخيارات الشعب الأفغاني، وتأمل أن تعمل "طالبان" من أجل ضمان انتقال سلس للسلطة في البلاد، وكبح جميع أنواع الأنشطة الإرهابية والإجرامية، والحفاظ على سلامة المدنيين. وعلى الرغم من أن بكين لم تقل صراحة إنها ستعترف بـ"طالبان" كقيادة شرعية لأفغانستان، فإنها أشارت إلى علاقاتها الجيدة مع الحركة، وإلى تصريحات قادة "طالبان" برغبتهم في إقامة علاقات وطيدة مع الصين، ووصفها بأنها "دولة صديقة".
مستقبل حركة تركستان الشرقية هو أحد المخاوف الرئيسية بالنسبة للصين في ما يتعلق بالشأن الأفغاني
من جهته، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن أخيراً، إن "الانسحاب العسكري الأميركي المتسرع" هو السبب في الفوضى التي صاحبت استيلاء "طالبان" على السلطة، بحسب بيان للخارجية الصينية. وقال وانغ، بحسب البيان، إن بلاده "مستعدة لإجراء اتصالات وإقامة حوار مع الولايات المتحدة لدعم استقرار الوضع في أفغانستان وتجنب حرب أهلية جديدة، أو كارثة إنسانية، وعدم السماح بأن تصبح أفغانستان مجدداً أرضاً خصبة للإرهاب".
وكان وانغ يي، قد استضاف في 28 يوليو/ تموز الماضي وفداً من حركة طالبان في مدينة تيانجين، شرقي البلاد، ضمّ رئيس المكتب السياسي للحركة، الملا عبد الغني برادار، بالإضافة إلى رؤساء المجلس الديني ولجنة الدعاية والإعلام في الحركة. وخلال الاجتماع، أعرب المسؤول الصيني عن أمله في أن تقوم "طالبان" بقطع العلاقات مع جميع المنظمات الإرهابية، بما فيها حركة تركستان الشرقية الإسلامية، وأن تعمل بحزم وفعالية لإزالة العقبات، ولعب دور إيجابي في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة. وكان لافتاً وصف وانغ يي حركة طالبان بأنها "قوة عسكرية وسياسية محورية"، متوقعاً أن تلعب دوراً مهماً في أفغانستان بالمستقبل. في المقابل، حصلت بكين خلال الاجتماع على التزام من "طالبان" بأنها لن تسمح لأي قوة باستخدام الأراضي الأفغانية للانخراط في أعمال تضّر بمصالحها.
ما تقدم يشير ظاهرياً إلى أن مستقبل حركة تركستان الشرقية، التي تلقي بكين اللوم عليها في مسألة الاضطرابات العرقية في إقليم شينجيانغ، هو أحد المخاوف الرئيسية بالنسبة للصين، التي تراقب بقلق وحذر شديدين التحولات الميدانية بالقرب من حدودها الغربية.
مخاوف أمنية
حول حسابات الصين ومخاوفها بعد التغيرات الأخيرة، لفت الباحث الزميل في مركز لياونيغ للدراسات الإستراتيجية، تشو قوه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الفراغ الأمني وعلاقة "طالبان" بجماعات إرهابية متطرفة هما أكثر ما يؤرق قادة الحزب الشيوعي الصيني. ورأى أنه "على الرغم من الأجواء الإيجابية التي اتسمت بها العلاقات بين الطرفين في الفترة الأخيرة، وكذلك التصريحات الودّية، فإن حالة من عدم اليقين لا تزال حاضرة، هناك أزمة ثقة يصعب تجاوزها، فطالبان اليوم ليست كما كانت عليه قبل 20 عاماً، أو حتى قبل يومين، فهي أصبحت تملك اليوم نفوذاً كبيراً وقد استولت على أسلحة متطورة حصلت عليها من مخازن الجيش الأفغاني، إلى جانب سيطرتها على مؤسسات ومقدرات الدولة، وبالتالي من الصعب ردعها". وبرأيه، فإن هذا ما يفسر تحرك الصين المسبق لتعزيز انتشار جيشها حول ممر واخان، الذي يمتد على مساحة 70 كيلومتراً عبر الحدود الفاصلة بين البلدين.
تدرك الصين مدى حرص "طالبان" على الاحتفاظ بعلاقات ودّية معها
وتابع تشو قوه أن الصين تخشى من أن يؤدي تدهور الأوضاع الأمنية إلى تسلل متطرفين وجماعات إرهابية عبر الممر لدعم القوات الانفصالية في إقليم شينجيانغ، خصوصاً أن "طالبان" لم تصدر أي بيان واضح بشأن علاقته مع الجماعات الإرهابية التي ترتبط معها بعلاقات وثيقة، ويُعتبر ذلك أحد الضمانات التي تتحدث عنها الصين كي تترجم الحركة التزاماتها وتعهداتها إلى أفعال، وهو أمر لم يحدث حتى هذه اللحظة.
من جهته، قلّل أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة خنان، لاو بينغ، من مخاوف الصين الأمنية، معتبراً أن حركة طالبان باتت أكثر براغماتية في علاقاتها الدولية، لافتاً إلى أنّه من خلال اتصالاتها بدول عدة وجولات قادتها الخارجية، بدت كحركة سياسية وليست مجرد قوة عسكرية تدافع عن أيديولوجيا متطرفة. ولفت لاو بينغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن تعامل الحركة مع التطورات الأخيرة، والتعهد بعدم مسّ البعثات الدبلوماسية الأجنبية، وكذلك المدنيين الآمنين في كابول، أعطت إشارات إيجابية وصورة مغايرة لـ"طالبان" التي تقتل بدم بارد وتبتر الأعضاء وتقطع الرؤوس، حسب قوله.
وأضاف الأستاذ الجامعي أن الصين تدرك مدى حرص "طالبان" على الاحتفاظ بعلاقات ودّية معها، لأن البقاء في السلطة يحتاج إلى دعم وتنمية وازدهار، والاستثمارات الصينية الكبيرة في بلادهم قد تساعدهم في ذلك. وبالتالي، أكد لاو بينغ أن بكين ليست قلقة إزاء صعود الحركة ونجاحها في السيطرة الكاملة على الأراضي الأفغانية، بل قد يمثل ذلك فرصة لها للتعاون في المجال الأمني، إلى جانب المساهمة لاحقاً في إعادة الإعمار، ولعب دور محوري بتعزيز مشاريع التنمية ضمن مبادرة الحزام والطريق. وبرأيه، فإن ما يؤكد اطمئنان الصين هو مواصلة سفارتها في كابول عملها كالمعتاد، وبقاء موظفيها في مواقعهم، على خلاف دول أخرى أجلت رعاياها بعد سيطرة الحركة على العاصمة.
دور الصين
وحول كيف تخطط الصين للتعامل مع وصول "طالبان" إلى سدة الحكم في أفغانستان، رأى الخبير في الشؤون الأمنية بمعهد شانغهاي للبحوث والدراسات، تسان شين، أن بكين ليست في عجلة من أمرها، وأنها تراقب عن كثب تطورات الأحداث وتداعياتها السياسية والأمنية، لكن من دون أن يكون لديها أي رغبة في لعب دور كبير في أفغانستان، أو إرسال قواتها لملء الفراغ الذي خلّفته الولايات المتحدة.
تسان شين: لا رغبة لبكين في لعب دور كبير في أفغانستان، أو إرسال قواتها لملء الفراغ الأميركي
وأضاف تسان شين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الكثير من وسائل الإعلام الغربية تحاول الزجّ بالصين في الأزمة الأفغانية، معتبراً أن ذلك يؤكد بأن الانسحاب الأميركي جاء أساساً ضمن خطة استراتيجية تهدف إلى زعزعة استقرار الصين وإبقاء حديقتها الخلفية في حالة توتر. وبرأيه، فإن بكين لن تقع في هذا الفخ، وستبقى تتابع التطورات وفق منطق يأخذ بعين الاعتبار استقرار حدودها، إلى جانب توخي مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، دون أن تتخلى عن الإمساك بزمام المبادرة في أي حلول بناءة وسلمية.
وقال الخبير الأمني إن المؤشرات الأولية (من أفغانستان) إيجابية، إذ لم نشهد ارتكاب مجازر وأعمال عنف، ما يعني أننا أمام انتقال سلمي وسلس للسلطة، وبالتالي لن تكون هناك حاجة للتدخل من جانب الصين لوضع حد لأي فوضى أو فلتان أمني محتمل على حدودها الغربية. وأكد أنه حتى إن استدعى الأمر ذلك في المستقبل، فسيكون عن طريق قوات حفظ السلام، وليس بصورة أحادية، كما فعلت واشنطن.
فرص ورسائل
وأظهرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية اهتماماً كبيراً بالحدث الأفغاني، إذ أفردت مساحة واسعة للحديث عن تداعيات الانسحاب الأميركي وسيطرة "طالبان" على كابول، وقارنت لحظة هبوط الطائرة الأميركية لإجلاء الرعايا، بمشهد الانسحاب الأميركي من فيتنام عام 1975. ولم تفوت هذه الوسائل الفرصة في توجيه رسائل إلى قادة الحزب الديمقراطي في تايوان، بأن مصيرهم سيكون مشابهاً لمصير الحكومة الأفغانية.
وتحت عنوان "التخلي عن الأفغان درس للحزب الحاكم في تايوان"، ذكّرت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية الحكومية، بتخلي واشنطن عن حلفائها في فيتنام، وعن حلفائها الأكراد في شمال سورية عام 2019. وقالت إن التخلي عن الحلفاء لحماية المصالح الخاصة هو سلوك متأصل في العقلية الأميركية منذ تأسيس الولايات المتحدة، معتبرة أن الفشل الأميركي في أفغانستان بمثابة تحذير للانفصاليين في تايوان.
كذلك عبّر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية عن سخريتهم من السقوط المدوي للحكومة الأفغانية بعد سيطرة "طالبان"، وقالوا إنه يتوجب على الأشخاص الذين يؤمنون بشدة بالولايات المتحدة، أن يتعلموا هذا الدرس جيّداً، لأن الأميركيين "سيتخلون عنهم يوماً مثل القمامة"، وأن ما يسمى بالتحالف الذي أقامته تايبيه مع واشنطن ليس سوى "وعد فارغ سيترك شعب تايوان في النهاية يتألم بمفرده".
كثفت الصين من أنشطتها العسكرية حول مضيق تايوان، وعزّزت وجود قواتها البحرية والجوية في المنطقة
وتعليقاً على ذلك، اعتبر عميد كلية الدراسات التاريخية السابق في جامعة سوتشو، غوانغ يوان، أنه من غير المنطقي المقارنة بين الوضع في تايوان والوضع في أفغانستان، على اعتبار أن موقع تايبيه أساسي ومتقدم جداً على كابول ضمن خطط واشنطن لمواجهة بكين. وبرأيه، فإن الانسحاب الأميركي يأتي ضمن تكتيك لإعادة التموضع في إطار استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ، الساعية إلى احتواء نفوذ الصين. واستدل غوانغ يوان على ذلك، في حديث لـ"العربي الجديد"، بالنهج الذي اتبعه الرئيس الأميركي جو بايدن منذ وصوله إلى البيت الأبيض مطلع العام الحالي، والمتمثل بإيفاد كبار المسؤولين إلى الجزيرة وإرسال السفن والطائرات الحربية إلى مضيق تايوان، وعقد المزيد من صفقات الأسلحة، ما يؤكد رغبة واشنطن في تثبيت وجودها بالمنطقة، وبعث رسائل إلى بكين بأن أي محاولة لاستعادة تايوان بالقوة، ستواجه برد حازم.
واعتبر غوانغ يوان أن الصين تدرك جيداً حقيقة الانسحاب الأميركي والغاية منه، لذلك كثفت بدورها من أنشطتها العسكرية حول المضيق، وعزّزت من وجود قواتها البحرية والجوية في المنطقة، وبالتالي فإن أنظار قادة الحزب الشيوعي الصيني لا يشغلها تسارع الأحداث في أفغانستان ووصول "طالبان" إلى كابول، لأن ذلك أمر متوقع وحتمي منذ الإعلان عن خطة الانسحاب الأميركي، بل ينصب التركيز الآن على مضيق تايوان، باعتباره ميدان الصراع الأقرب والأكثر سخونة وحساسية بالنسبة لبكين.
تعديل "الاستدارة شرقاً"
وكان الانسحاب الأميركي من أفغانستان قد أثار منذ أن أعلن عنه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب موجة واسعة من التحليل في الإعلام ومراكز الدراسات الغربية، ومنها خصوصاً الأميركية، حول توجه ترامب إلى تعديل عقيدة سلفه باراك أوباما، بحتمية التوجه شرقاً نحو آسيا، ما يعني توجيه الاهتمام من منطقة الشرق الأوسط وجنوب وسط آسيا، إلى العمق الأسيوي، عبر توجيهها إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، تحديداً، على اعتبار وجوب أن تصبح نقطة التركيز خلال العقد الثالث من القرن الحالي، في إطار التفرغ للصين. لكن ترامب، الذي افتقدت سياسته الصينية إلى استراتيجية متماسكة، فضّل التركيز على البعد التجاري للمواجهة والمنافسة، فضلاً عن الاختلافات القوية في الرؤى داخل فريقه. وكان وزير الدفاع السابق مارك إسبر قد أكد حين كان في القيادة، مع إعلان التحضر لبدء الانسحاب من أفغانستان، عن رغبة لديه في نقل عدد كبير من القوات إلى منطقة الهندي – الهادئ.
وفور وصول جو بايدن إلى السلطة، عيّن البيت الأبيض، كورت كامبل، وهو أحد أهم الدبلوماسيين في إدارة أوباما المختصين بمنطقة آسيا، ويعتبر مهندس نظرية "الاستدارة شرقاً"، كأكبر مسؤول في الإدارة الأميركية الديمقراطية عن السياسة الآسيوية، بما فيها العلاقة مع الصين، وكـ"منسق شؤون منطقة الهندي – الهادئ"، في مجلس الأمن القومي الأميركي. ولم يخف بايدن، حين أعلن قراره بالانسحاب من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر/ أيلول المقبل، الرغبة في التفرغ للخطر الصيني، وهو ما تضمنه أيضاً برنامج سياسته للأمن القومي. وتعني إعادة التموضع بعيداً عن أفغانستان، لمواجهة الصين، وروسيا أيضاً، الانتقال إلى مساحات أخرى، في إطار لعبة الشطرنج الجيوسياسية، والبحث عن مواطئ قدم أخرى للقوات الأميركية، في وسط آسيا، وهو ما حذرت منه مسبقاً موسكو، بلسان مبعوثها إلى أفغانستان زامير كوبولوف، مع تقدم "طالبان" في وقت سابق.
وأجرت القوات الروسية والصينية، الأسبوع الماضي، مناورات واسعة في شمال غربي الصين، قالت إنها لاختبار أحدث الأسلحة التي يملكها جيش التحرير الصيني، في استعراض قوة، ليس موجهاً فقط لإظهار الوحدة في وجه الأخطار الأمنية التي قد تتفلت من داخل أفغانستان، بقدر ما هي موجهة لأي تحركات "عدائية" أميركية. وأعلن الجيش الصيني، الثلاثاء الماضي، إجراء تدريبات هجومية في المياه بالقرب من تايوان. ومنذ بدء الانهيار الأفغاني، تعمل الصين حثيثاً على تعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول وسط آسيا، التي تتمتع بحدود طويلة مع أفغانستان.
وتعني إعادة التموضع الأميركي اندفاع البنتاغون إلى توسيع قوته البحرية، وهو ما يتطلب زيادة في الميزانية العسكرية، وكذلك بناء قاذفات طويلة المدى، وقوة ضرب من الغواصات، وتحديث الأسلحة النووية. كما يعني، احتواء وردع الصين وروسيا، تعزيز إدارة الفضاء والسايبر، وهي أولويات بدأت علاماتها مع ترامب. وبعدما كان الهدف الصيني والروسي، من وجهة نظر أميركية، بداية الغزو لأفغانستان، تأمين مصادر الطاقة من وسط آسيا، تحول التركيز الأميركي على الخطر الصين، كقوة منافسة صاعدة، ثم كغريم اقتصادي، وتهديد للأمن القومي.
لكن مجلة "فورين بوليسي"، اعتبرت في تقرير لها في إبريل/ نيسان الماضي، أن أي انسحاب من أفغانستان، لا يسهل الاستدارة نحو الصين. وشرحت الصحيفة، أن أفغانستان هي جزء من طاولة الشطرنج الأوسع التي تنافس فيها الولايات المتحدة الصين استراتيجياً، حيث أن القاعدة الأميركية التي كانت في بغرام الأفغانية، هي أقرب للصين، من أي قاعدة تقع ضمن نطاق الإدارة الأميركية لمنطقة الهندي – الهادئ، أما بعد الانسحاب، فإن أقرب قاعدة للصين، في نطاق القيادة الوسطى، سيكون في قطر. وقالت إن الصين بدأت منذ عهد ترامب ملء الفراغ، فمنذ اللحظة التي أعلن فيها ترامب قرار الانسحاب، أعلنت بكين أن مبادرة الحزام والطريق ستشمل أفغانستان. كما اعتبرت المجلة أن الانسحاب من شأنه إضعاف الهند، وسيترك تأثيره على مصداقية أميركا لدى حلفائها في آسيا.
من جهته، اعتبر مايكل شوبريدج، من معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالية، أن تايوان هي الجهة التي يجب أن يوليها الأميركيون الاهتمام الأول، أولاً للناحية الجغرافية، إذ أن أي قوة تمتلك اليد الطولى في تايوان، وقادرة على إدارة عمليات عسكرية هناك، ستملك القدرة على عكس هذه القوة إلى البرّ الصيني، وإرباك خطط الصين العسكرية. وثانياً، لأن تايوان هي ديمقراطية بـ23 مليون نسمة في منطقة الهندي – الهادئ، ثم هناك الأهمية التكنولوجية والاقتصادية الهائلة للجزيرة، بالإضافة إلى أهميتها الاستراتيجية نظراً للقدرات العسكرية المتزايدة التي تبنيها الصين في بحر الصين الجنوبي. وكان معهد أتلانتك قد نشر في مارس/آذار الماضي، تقريراً واسعاً، حول كيفية مواجهة الصين، قال إنه لمسؤول سابق في الإدارة الأميركية، لم يكشف عن اسمه، بعنوان "البرقية الأطول"، تحدث فيه عن أهم الخطوط الحمر الذي يجب أن تضعها واشنطن في وجه بكين، ومنها منع أي هجوم على اليابان أو على تايوان، أو عسكرة إضافية في بحر الصين الجنوبي.