09 يناير 2021
+ الخط -

بعد اجتياح أنصاره مبنى الكونغرس الأربعاء الماضي، تتسارع الأحداث في الولايات المتحدة لمساءلة وعزل الرئيس دونالد ترامب، ما قد يجعله أول رئيس يخضع لهذا الإجراء مرتين في التاريخ الأميركي، ويقضي على أي آمال لديه لشغل المنصب خلال الرئاسيات القادمة.

وفي هذا الصدد، أعدت وكالة "أسوشييتد برس" في نسختها الإنكليزية مادة توضح الخيارات المطروحة لعزل ترامب من المنصب في ظل ضيق الوقت، بما أنه لم يتبق سوى أيام معدودات قبل مغادرته أسوار البيت الأبيض.

وقالت "أسوشييتد برس" إنه مع بداية 2019، حينما دعا ديمقراطيون إلى عزل ترامب، تطلب الأمر خمسة أشهر لإقناع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بجدوى دعم الخطوة، في حين تطلب ذلك يوماً واحداً هذه المرة.

ودعت بيلوسي الخميس إلى تنحية ترامب، سواء من قبل أعضاء فريقه الحكومي أو الكونغرس إن لزم الأمر ذلك، غداة اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول، معتبرةً الملياردير الجمهوريّ "شخصاً خطيراً للغاية وينبغي ألا يستمرّ في منصبه".

في ما يلي كيف يتم عزل الرئيس من منصبه، والأمور التي يمكن أن يقوم بها الكونغرس في وقت قصير جداً قبل انتهاء ولاية دونالد ترامب، حسب "أسوشييتد برس".

آلية العزل

في الحالات العادية، يتم فتح تحقيق بشأن عزل الرئيس ويتم إرسال الأدلة إلى لجنة الشؤون القضائية بمجلس النواب، التي تقوم بعقد جلسات استماع، وتقوم بصياغة بنود العزل قبل إرساله إلى مجلس النواب. هذا ما حدث في العام 2019، حينما باشر مجلس النواب إجراءات عزل ترامب بسبب طلبه من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في مكالمة هاتفية، التحقيق بشأن عائلة بايدن. وقد تطلبت تلك الإجراءات ثلاثة أشهر.

هذه المرة، وبما أنه بقيت بضعة أيام لاتخاذ قرار ما، وفي ظل شعور الديمقراطيين أنه لا يوجد داع لفتح تحقيق بشأن ما جرى، لأن جل أعضاء الكونغرس كانوا بداخله لحظة اقتحامه، فمن المرجح أن تقوم بيلوسي بعقد جلسة تصويت بدون تخصيص جلسات استماع أو تنصيب لجنة للقيام بإجراءات العزل.

بعد تصويت مجلس النواب لصالح العزل، يتم إرسال بنوده والأدلة إلى مجلس الشيوخ، حيث يتم إجراء محاكمة ليصوت بعدها أعضاء المجلس إما لصالح العزل أو ضده، وهو ما حصل أوائل فبراير/ شباط من العام الماضي.

ماذا عن التعديل الـ25؟

قالت بيلوسي، الخميس، إن مجلس النواب لن يضطر لمباشرة إجراءات العزل إذا قام نائب الرئيس مايك بنس وأعضاء آخرون بالإدارة الأميركية بتنحية ترامب بموجب التعديل الـ25 من الدستور الأميركي. ويتيح التعديل لنائب الرئيس وأغلبية أعضاء الحكومة إعلان الرئيس غير مؤهل للحكم، ليصبح نائب الرئيس رئيساً بالإنابة.

رغم حالة الامتعاض الواسعة من تصرفات ترامب، لا يبدو أن أعضاء الحكومة في الإدارة الأميركية سيقدمون على هذه الخطوة، لا سيما بعد سلسلة الاستقالات لعدد من المسؤولين عشية اقتحام الكابيتول.

تصويت سريع على العزل

في إمكان أي عضو بمجلس النواب التقدم بمواد العزل وإطلاق الإجراءات المرافقة لذلك، ما يسمح بالنظر فيها بشكل فوري. أما إقرارها فيتطلب فقط تصويت الأغلبية لصالح ذلك، ويتحكم الديمقراطيون بشكل ضئيل في المجلس، بواقع 222 صوتا مقابل 211 للجمهوريين.

قام النواب الديمقراطيون ديفيد سيسيلين ودجامي راسكين وتيد ليو بطرح مادة العزل متهمين ترامب بالشطط في استخدام السلطة، ويتوقع أن يتقدموا بها الاثنين، ما يعني أنه قد يتم مباشرة التصويت وسط الأسبوع القادم، إذا ما قررت بيلوسي المضي قدما في ذلك.

"الشطط في استخدام السلطة"

تتضمن المادة التي طرحها النواب الديمقراطيون الثلاثة اتهامات لترامب بالشطط في استخدام السلطة، وجاء فيها "قام عن عمد بالإدلاء بتصريحات شجعت وتسببت بالأحداث المتوقعة والخارجة عن القانون بالكابيتول".

كما تقول أيضا إن تلك التصرفات تتطابق مع محاولات ترامب السابقة لـ"قلب والاعتراض" على نتائج الانتخابات، وتتطرق أيضا إلى المكالمة الأخيرة التي أجراها مع سكرتير ولاية جورجيا الجمهوري براد رافينسبرغر، التي طلب منه خلالها "إيجاد" أصوات كافية لتحويل هزيمته أمام بايدن بالولاية.

ادعى ترامب بدون أي دليل أن عمليات غش كبيرة شابت الانتخابات، وتم ترديد هذه الادعاءات التي لا أساس لها من قبل جمهوريين بالكونغرس مرات عديدة. وفي لحظة اقتحام المتظاهرين مبنى الكابيتول، كان مجلسا الكونغرس بصدد مناقشة تشكيك الجمهوريين بطريقة احتساب الأصوات الانتخابية بولاية أريزونا.

"في كل هذه الحالات، هدد الرئيس ترامب بشكل وخيم أمن الولايات المتحدة ومؤسساتها الحكومية"، تقول مادة العزل للنواب الديمقراطيين. وورد فيها كذلك: "لقد هدد نزاهة النظام الديمقراطي، وتدخل في الانتقال السلمي للسلطة، وأوقع قطاعاً من الحكومة في الخطر. بناء على ذلك فقد خان الثقة الموضوعة فيه كرئيس، وصلت إلى حد تهديد سلامة شعب الولايات المتحدة".

لم يتم تسجيل أي خروقات واسعة في الانتخابات، كما أكد ذلك طيف واسع من المسؤولين عن الانتخابات، وكذا وزير العدل ويليام بار، الذي استقال من منصبه الشهر الماضي. تقريبا كل الإجراءات القضائية التي تقدم بها ترامب وحلفاؤه قرر القضاة صرف النظر عنها.

مجلس الشيوخ
ليس واضحا متى يمكن عقد جلسة مساءلة في مجلس الشيوخ، فالمجلس لن يجتمع في دور انعقاد كامل قبل 20 يناير/ كانون الثاني، الذي يصادف التنصيب الرئاسي، وبالتالي يصعب الاقتناع بجدوى عزل ترامب فيما يقوم بايدن بأداء اليمين لمباشرة مهامه الرئاسية.

يتطلب قرار تنحية ترامب تصويت ثلثي مجلس الشيوخ لصالحه، وهو أمر غير وارد حصوله حتى إذا ما تمكن المجلس بشكل من الأشكال من عقد جلسة مساءلة وإجراء تصويت عليها. وبينما ندد العديد من السيناتورات الجمهوريين بتصرفات ترامب الأسبوع الماضي، إلا أن العديد من الجمهوريين قالوا إنهم يرون أن العزل قد يؤدي إلى انقسام داخلي قبيل تنصيب بايدن. ومع ذلك، أبدى بعض الجمهوريين انفتاحاً على خيار العزل.

 

ما الذي يعنيه العزل؟

يقول الجمهوريون، بمن فيهم من وجهوا انتقادات لترامب، إن العزل لن يفيد بشيء. وقال رئيس لجنة الشؤون القضائية في مجلس الشيوخ، الجمهوري ليندسي غراهام، إنه "سيتسبب في أذى أكثر من أي منفعة". في المقابل يقول الديمقراطيون إنهم مقتنعون بضرورة مباشرة إجراءات المساءلة والعزل. وفي حال عزل ترامب فإنه لا يمكنه شغل أي منصب حكومي، وبالتالي القضاء على أي آمال قد تكون لديه في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة 2024.

وكتب السيناتور بيرني ساندرز، في تغريدة على "تويتر" الجمعة، إن بعض الأشخاص قد يتساءلون عن الدافع وراء عزل رئيس ما زالت أمامه بضعة أيام فقط في البيت الأبيض.

وقال: "الجواب يتمثل في فرض سابقة. يتعين أن يكون واضحا أنه لا يمكن لأي رئيس، سواء الآن أو في المستقبل، أن يقود تمرداً على حكومة الولايات المتحدة".

المساهمون