بعد يوم من تصويت الأميركيين في انتخابات شهدت منافسة مريرة يحبس العالم أنفاسه اليوم الأربعاء، إذ لا تزال ملايين الأصوات تنتظر الفرز في السباق المحتدم بينما تتنامى مخاطر الوصول إلى وضع قانوني غامض يستمر أياما وربما أسابيع.
وندد بعض المعلقين على الشأن السياسي الأميركي وجماعات الحقوق المدنية بإعلان دونالد ترامب الفوز بالسباق للبيت الأبيض قبل الانتهاء من فرز كل الأصوات، وحذروا من انتهاك الأعراف الديمقراطية القائمة منذ فترة طويلة. واكتفى معظم القادة ووزراء الخارجية في بلدان العالم بمراقبة التطورات في محاولة لعدم صب المزيد من الزيت على نار الانتخابات.
وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب "دعونا ننتظر ونرى ما هي النتيجة... من الواضح أن هناك قدرا كبيرا من الغموض. السباق متقارب أكثر مما توقع كثيرون". لكن بينما حث راب وآخرون على توخي الحذر، انشق رئيس وزراء سلوفينيا عن الصف، وهنأ ترامب والحزب الجمهوري عبر تويتر.
وقال يانيز يانشا "من الواضح تماما أن الشعب الأميركي انتخب دونالد ترامب ومايك بنس لأربع سنوات أخرى... تهانينا للحزب الجمهوري على النتائج القوية على مستوى الولايات المتحدة". ويانشا واحد من عدة زعماء في شرق أوروبا بينهم رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان من الحلفاء المتحمسين لترامب.
من جهته، امتنع الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو اليوم الأربعاء عن التعليق على من سيكون الفائز المحتمل في انتخابات الرئاسة الأميركية، لكنه أكد مجددا دعمه لدونالد ترامب، وأشار إلى أن جو بايدن، في حال فوزه، سيتدخل في قضايا مثل حماية غابات الأمازون المطيرة.
وقال لمؤيديه في برازيليا "تعرفون موقفي. إنه موقف واضح... السياسة بيني وبين ترامب جيدة، ويحدوني الأمل في إعادة انتخابه". وأضاف "تحدث المرشح الديمقراطي في مناسبتين عن الأمازون. هل هذا ما تريدونه للبرازيل؟ هل تريدون التدخل الخارجي؟
وأظهر أحدث إحصاء للأصوات أن المنافس الديمقراطي جو بايدن يتقدم في المجمع الانتخابي بعد أن حصل على 224 صوتا من أصوات المجمع مقابل 213 لترامب. ويتعين الحصول على 270 صوتا للفوز بالمنصب، فيما يتواصل فرز الأصوات في خمس ولايات حاسمة على الأقل هي بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن ونورث كارولاينا وجورجيا.
وفي عام 2000، توقفت نتيجة الانتخابات بين جورج دبليو. بوش وآل غور على أصوات ولاية فلوريدا. وقررت المحكمة العليا الأميركية في النهاية أن الفائز هو بوش في حكم صدر بعد خمسة أسابيع من التصويت.
وفي تصريحاته اليوم أشار ترامب إلى أن المحكمة العليا- التي رشح لها ثلاثة من قضاتها التسعة- ستقرر من هو الفائز مرة أخرى.
ومن روسيا إلى باكستان وماليزيا وكينيا وعبر أنحاء أوروبا وأميركا اللاتينية، انتشرت وسوم "#ترامب و#بايدن و#الانتخابات الأميركية 2020" على تويتر مما يبرز أهمية النتيجة لكل دول العالم.
وقال وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير إن من المهم أن يتقبل المشاركون في انتخابات الرئاسة الأميركية النتائج عندما تظهر. وأضاف أن النتيجة لن تُعرف إلا بعد استكمال فرز جميع الأصوات.
وفي روسيا، التي اتهمتها أجهزة المخابرات الأميركية بمحاولة التدخل في الانتخابات، لم يكن هناك رد فعل رسمي، لكن النائب المؤيد للكرملين فياتشيسلاف نيكونوف، نصح الروس بشراء كميات كبيرة من الفشار لمشاهدة العرض الذي ستتكشف ملامحه قائلاً إن المجتمع الأميركي تمزقه الانقسامات.
وكتب نيكونوف، الذي رحب بفوز ترامب عام 2016، على فيسبوك "نتيجة الانتخابات هي أسوأ نتيجة لأميركا... بغض النظر عمن يربح المعارك القانونية لن يعتبره نصف الأميركيين الرئيس الشرعي. دعونا نخزن كميات كبيرة من الفشار".
تؤثر فينا جميعا
في أستراليا، تابع أعداد كبيرة النتائج وهم يحتسون البيرة في حانة أميركية في سيدني. وقال أحد رواد الحانة ويدعى جلين روبرتس "تكون الأخبار أفضل بكثير عندما يكون ترامب فيها". وأضاف روبرتس، الذي كان يضع قبعة بيسبول حمراء مكتوب عليها (لنجعل أوروبا عظيمة مجددا)، "أعتقد أن الأمر سيكون أقل تشويقا إذا خسر ترامب".
وسارع آخرون للتأكيد على تداعيات الانتخابات الأميركية على العالم. وقال أحد سكان سيدني ويدعى لوك هاينريك "أظن أنها تؤثر فينا جميعا، ما يحدث هناك مهم حقا بالنسبة للسنوات الأربع المقبلة هنا".
ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا إلى عدم الحكم على النتائج قبل فرز جميع الأصوات. ومن المنتظر أن يستغرق فرز الأصوات أياما في بعض الولايات بعد تصويت عدد كبير من الناخبين عبر البريد هذا العام بسبب جائحة فيروس كورونا.
وقال كينيث روث المدير التنفيذي للمنظمة إن التعجل في إعلان الفوز أمر خطير. وأضاف "قد يسر المستبدين كثيرا تقويض الديمقراطية في الولايات المتحدة بالترحيب بإعلان فوز سابق لأوانه".
أما الصين، التي تدهورت علاقاتها بالولايات المتحدة إلى أسوأ حالاتها خلال عشرات السنين في عهد ترامب، فقد قالت إن الانتخابات شأن داخلي وإنه "ليس لديها موقف منها"، لكن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الصينيين سارعوا للسخرية من إخفاق النظام الانتخابي في الولايات المتحدة في إعلان نتيجة سريعة وواضحة.
وكتب أحد مستخدمي منصة ويبو الصينية التي تشبه تويتر اليوم الأربعاء "سواء فاز أم خسر، مهمته النهائية هي تدمير صورة الديمقراطية الأميركية".
وكتب آخر يقول "دعوا ترامب يُنتخب مجددا ويأخذ الولايات المتحدة إلى الهاوية".
وفي نيجيريا، قال سياسي بارز هو السناتور شيهو ساني إن الضبابية التي تشهدها الولايات المتحدة تثير ذكريات كثيرة في أفريقيا. وكتب لمتابعيه على تويتر الذين يبلغ عددهم 1.6 مليون متابع "اعتادت أفريقيا التعلم من الديمقراطية الأميركية، الآن تتعلم أميركا الديمقراطية الأفريقية".
وكان ترامب أعلن، في كلمة مقتضبة له من البيت الأبيض، الفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، إذ قال: "سنفوز بها.. بالنسبة لي لقد فزنا بها بالفعل".
ووصف ترامب، من دون دليل، الانتخابات بأنها احتيال على الشعب الأميركي، معلناً أنه سيذهب إلى المحكمة العليا لوقف عمليات التصويت في تمام الرابعة صباحاً. وأضاف: "الملايين من الناس صوّتوا لنا ومجموعة محزنة تحاول سلبنا ذلك ونحن لن نسمح بذلك".
ومع استمرار فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي يتنافس فيها كلّ من المرشح الجمهوري دونالد ترامب، والمرشح الديمقراطي جو بايدن، تتّجه الأنظار إلى ستّ ولايات حاسمة في إعلان هوية الرئيس المقبل للولايات المتحدة.
(رويترز، العربي الجديد)