العدوان الإسرائيلي على لبنان في عيون صحافة الدنمارك

24 سبتمبر 2024
منظر عام من وسط العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التغطية الإعلامية: وسائل الإعلام الدنماركية تناولت العدوان الإسرائيلي على لبنان من زاويتين، إنسانية وعسكرية. "دي آر" وصفت الهجوم بأنه "الأكثر دموية" منذ عقدين، بينما "بيرلنغسكا" قدمت السردية الإسرائيلية دون فحص.

- التحليل العسكري: خبير عسكري، بيتر فيغو ياكوبسن، وصف الهجمات الإسرائيلية على حزب الله بأنها "مغامرة" غير ناجحة، مشيراً إلى قدرة حزب الله على شل الحياة في تل أبيب وإمكانية تصعيد أكبر.

- الأهداف السياسية: صحيفة "إنفورماسيون" ربطت العدوان بمشاريع نتنياهو وتحالفه اليميني، مشيرة إلى خطة طرد 300 ألف فلسطيني وزيادة العنف الاستيطاني لتحقيق الطموحات التوسعية وقطع الطريق على إقامة دولة فلسطينية.

 خبير عسكري: لا قبل لإسرائيل في مواجهة دفعات صاروخية مكثفة

تناولت وسائل الإعلام والصحف الدنماركية العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان من زاويتين، إنسانية وعسكرية. هيئة البث العام، دي آر، ومن خلال مراسلتها المخضرمة في بيروت، بوك دامسغورد، سلطت مساء أمس واليوم على مآسي التهجير الإسرائيلي نتيجة القصف العنيف.

تحت عنوان: إسرائيل تهاجم لبنان، اعتبرت "دي آر" أن الهجوم هو "الأكثر دموية" منذ عقدين. وأشارت إلى المآسي الإنسانية باستهداف بيوت المدنيين وتهجيرهم، وبارتفاع أعداد ضحايا القصف بالمئات وبينهم نساء وأطفال. وحاولت هيئة البث العام الدنماركية تقديم تغطية متوازنة، على عكس بعض الصحف التي ساقت السردية الإسرائيلية بدون فحص، كما فعلت صحيفة بيرلنغسكا وغيرها، بتسويق تلك السردية، والذهاب حتى إلى استدعاءات للتاريخ والدين والفرعون وشتات اليهود بعد الخروج من مصر.

الصورة
هيئة البث العام الدنماركية
شعار هيئة البث العام الدنماركية (العربي الجديد)

خبير عسكري: إسرائيل تقامر بهجماتها على حزب الله في لبنان

من ناحيتها غطت صحيفة بوليتيكن العدوان الإسرائيلي على لبنان من خلال شهادة دنماركيين في بيروت تحت عنوان "نحن في حالة صدمة"، معيدة التذكير بالقصف المكثف وسقوط مئات الضحايا. وشددت، بعد التذكير بمطالب إسرائيل في إعادة سكان الشمال، على أن ما يجري هو "قصف دموي غير مسبوق". ولقراءة مآلات العدوان استدعت الصحيفة الدنماركية أحد أهم المحللين العسكريين في بلدها. فقد أشار الأستاذ المشارك في قسم الاستراتيجية بأكاديمية الدفاع في كوبنهاغن بيتر فيغو ياكوبسن، أن موجة الهجمات الإسرائيلية التي بدأت الأسبوع الماضي ضد حزب الله هي "مغامرة".

يعتقد ياكوبسن أن إسرائيل لن تحصل على مبتغاها عسكرياً "وهي تقدم على مقامرة ذات مخاطر عالية". مشدداً على " أن اتخاذ إسرائيل مواقف صارمة لإعادة الآلاف إلى الشمال لن يضمن تحقيق الهدف". وفي رأيه أن المقامرة الإسرائيلية تتعلق أيضاً بسؤال: "ماذا لو قرر حزب الله وضع قوة إضافية في مواجهة القوة الإسرائيلية؟"، مشيراً في السياق إلى أن ما تأمله إسرائيل الآن هو عدم تطبيق الحزب للقصف الكثيف.

يؤمن ياكوبسن أن حزب الله قادر على شل الحياة في منطقة تل أبيب المكتظة بالسكان، وفي رأيه ذلك يعني "أن كل القصف الجوي لن يضر بقدرات استهدافه لإسرائيل، فهو لم يطلق بعد الصواريخ بكثافة". ويعتقد ياكوبسن أنه "إذا قرر الحزب إطلاق آلاف الصواريخ فإن قدرة إسرائيل على التصدي ستكون محدودة جداً"، ويطرح في السياق شكوكه الكبيرة في صمود أنظمة الدفاع الإسرائيلية "ومن ثم سوف نكون أمام مقتل عدد كبير جداً من الإسرائيليين".

تدحرج العدوان الإسرائيلي على لبنان في رأي هذا الخبير الاستراتيجي قد يدفع حزب الله إلى "دحرجة كرة الحرب بصورة أكبر، بحيث تغزو إسرائيل جنوبي لبنان برياً". وحتى ذلك لن يفيد، بناء على تجربة غير سارة من الغزوات السابقة، وفقاً لياكوبسن. مستخلصاً أن كل ما يفعله الإسرائيليون هو" تدمير البنية التحتية للبنان، من أجل التأليب على حزب الله"، من دون تحقيق الأهداف بعيدة المدى.

غير بعيد عن مخاطر تدحرج كرة المواجهة، ترى صحيفة إنفورماسيون في كوبنهاغن الكثير من مؤشرات تمهيد القصف لحرب أوسع. ومن بينها مؤشرات استهداف المدنيين وقتل عدد كبير منهم، باختراق هواتف اللبنانيين ودعوتهم إلى الابتعاد عن ما سمته "مستودعات أسلحة حزب الله"، ما يدفع الأمور نحو ردود باتجاه انزلاق من حافة الحرب إلى حريقها الشامل.

على سيرة الغزو البري، أكدت "إنفورماسيون" أن وعود بنيامين نتنياهو بتأمين المنطقة الشمالية "بعد الانتصار الكامل على حزب الله" تترافق وتأكيد مصادر عسكرية إسرائيلية أن خطة غزو بري وضعت، ذلك "برغم أن الجيش الإسرائيلي بعيد عن امتلاك القوة الكافية لتنفيذ الغزو".

وتعتقد صحيفة إنفورماسيون أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يستغل الذاكرة الجماعية للإسرائيليين بشأن "السابع من أكتوبر/تشرين الأول" من العام الماضي لتنفيذ خطته في لبنان وفي فلسطين. وفي السياق، تشدد الصحيفة تحذيرها من أن الماضي يطارد إسرائيل "فتجربتها مؤلمة في خلق منطقة عازلة بعد انتقال منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس إثر غزو عام 1982". وبذلك تذكر الصحيفة أنه رغم إنشاء مليشيا جيش لبنان الجنوبي "لإضفاء الشرعية على احتلال منطقة مساحتها 30 كيلومتراً، لكنهم كانوا في الواقع مرتزقة مسؤولين عن قتال جماعات المقاومة اللبنانية"، فبقيت الخسائر مرتفعة، ما أدى إلى الانسحاب الإسرائيلي في عام 2000. الشيء الأكيد عند صحيفة إنفورماسيون أن إسرائيل "تكرر فشلها السابق وبدموية أكثر في قتل اللبنانيين".

وانفردت "إنفورماسيون"، بين صحف اليوم في كوبنهاغن، في تسليطها الضوء على ما سمته الأهداف الحقيقية لبنيامين نتنياهو، مع استحالة وقف الحرب على غزة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد أقل من شهرين. وربطت الصحيفة في الاتجاه عينه بين العدوان الإسرائيلي على لبنان والأراضي الفلسطينية وتطبيق مشاريع نتنياهو وتحالفه اليميني المتطرف بشأن فلسطين تحديداً. وأبرزت في السياق خطة "طرد نحو 300 ألف فلسطيني من شمال قطاع غزة أو شمال ممر نتساريم، لتطهيره تماماً"، وذلك لاحتلال دائم، بجعل شمال قطاع غزة منطقة عسكرية.

وأكدت أنه في الإطار الأوسع للأهداف اليمينية، تحت ستار غبار القصف في لبنان وفي غزة، يجري تسعير العنف الاستيطاني بالضفة الغربية "بالسماح للمستوطنين اليهود في زيادة اعتداءاتهم على الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، بحماية الجيش الذي قتل في قرية قريوت فتاة تبلغ فقط 13 عاماً".

وختمت صحيفة إنفورماسيون بالقول إن "كل ما يجري، بما فيه جرائم الحرب، يهدف في نهاية المطاف إلى تحقيق الهدف المركزي، وهو الضفة الغربية المحتلة، لحسم الطموحات التوسعية لليمين الإسرائيلي"، وذلك لقطع الطريق على إقامة دولة فلسطينية.