كشفت مصادر سياسية عراقية في بغداد عن قرب صدور قائمة أسماء جديدة لمستبعدين من الانتخابات التشريعية المقبلة، المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، من قبل المفوضية العليا للانتخابات في العراق، وذلك بعد ثلاثة أيام من صدور قائمة ضمّت 20 اسماً قررت المفوضية استبعادهم من السباق الانتخابي، بينهم الوزير السابق وزعيم كتلة "الجماهير" في محافظة صلاح الدين، شمالي البلاد، أحمد الجبوري (الملقب أبو مازن).
وبحسب بيان المفوضية، فإن القائمة الأولى للمستبعدين ترتبط بقضايا جنائية بحقّهم، وجنح، بينها الفساد المالي والإثراء غير المشروع، وهي المرة الأولى التي يتم فيها استبعاد مرشحين لهذا السبب منذ بدء العمليات الانتخابية في العراق عام 2005 (أي بعد نحو عامين من الغزو الأميركي للبلاد). وكانت اقتصرت الاستبعادات السابقة على الانتماء السابق لحزب البعث، أو تقديم أوراق رسمية مزيفة.
ارتبطت أسباب الاستبعاد في القائمة الأولى بقضايا جنائية، وجنح بينها الفساد المالي والإثراء غير المشروع
مصادر سياسية في بغداد، أكدت لـ"العربي الجديد" أن الدائرة القانونية في مفوضية الانتخابات تستعد للإعلان عن استبعاد أسماء جديدة بالعشرات خلال الفترة المقبلة، بعد ورود عمليات التدقيق من مديرية القيد الجنائي في وزارة الداخلية وهيئة المساءلة والعدالة (اجتثاث "البعث"). وبحسب المصادر، فإن الأسماء المستبعدة تشمل مختلف الكتل والدوائر الانتخابية. وأكدت المصادر أن "القائمة ستضم نواباً ومسؤولين ورئيس كتلة أيضاً، يجرى حالياً التحقيق معه كمتهم بجرائم فساد"، في إشارة إلى زعيم حزب "الحل" جمال الكربولي، المتحدر من محافظة الأنبار والذي تمّ اعتقاله في شهر إبريل/نيسان الماضي بتهم فساد مالي واستغلال المنصب.
وليل الأحد - الإثنين الماضيين، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق استبعاد 20 مرشحاً من الانتخابات المبكرة المقبلة. وضمّت الأسماء سياسيين معروفين وآخرين قدموا ترشحهم للمرة الأولى، لكن سبق أن شغلوا مناصب حكومية وأمنية. وهؤلاء هم: ذياب محمد، ريسان الغراوي، ناظم زاير حطاب، نبيل محمد مناحي، علي درويش، فالح عبد العالي، علي يوسف حمود طلفاح، علي سالم سعد، كاظم جلاوي البديري، باسم عبد الله سلطان، علي هادي صالح، حسن فرحان حسين، حنان هندي عناز، حياة كاظم سلمان، بسمان ذنون سعيد الظاهر، أحمد إسماعيل بهران، إياد عبود حمود، محمد حسين علي خضير، أحمد عبد الله خلف (الذي يعرف أيضاً باسم أحمد الجبوري)، ومعروف جاسم عبود مهدي الشمري. وبحسب القانون، فإنه سيكون بمقدور القوى السياسية استبدال من تم استبعادهم بأسماء أخرى من خلال الكتل والأحزاب نفسها التي تم استبعاد المرشحين منها، بعد استكمال المُستبعدين فترة الطعن القانوني بالقرار.
وأكدت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، جمانة غلاي، صحة المعلومات بشأن وجود دفعة ثانية من المستبعدين. وأوضحت ردّاً على استفسار لـ"العربي الجديد" أن الأسماء العشرين التي تم استبعادها هي "وجبة أولية"، مؤكدة أن "التدقيق بأسماء المرشحين مستمر من قبل جهات التحقيق المختصة". وتابعت غلاي أن "الجهات التي تتولى التحقق من أسماء المرشحين، هي وزارة الداخلية، ودائرة الأدلة الجنائية، وهيئة المساءلة والعدالة، وهيئة النزاهة، ووزارة التربية، ووزارة التعليم العالي، فضلاً عن تدقيق ما إذا كان المرشح منتسباً أمنياً في القوات المسلحة بكل صنوفها، بما ضمنها المنتسبون إلى وزارتي الداخلية والدفاع في إقليم كردستان العراق. ووفقاً لغلاي، فإنه "ليس كل من تم استبعادهم من الأسماء العشرين بسبب قضية أو ملف واحد، ولا من سيتم استبعادهم لاحقاً، فهناك من هو محكوم بجنحة، أو جناية، أو جريمة مخلة بالشرف، أو جنحة لها تأثير على المال العام، حتى لو كان مشمولاً بقرار العفو العام".
اقتصرت أسباب الاستبعاد في دورات انتخابية سابقة على الانتماء السابق لحزب البعث، أو تقديم أوراق رسمية مزيفة
من جهته، رأى الخبير القانوني العراقي، طارق حرب، إن قرار استبعاد المرشحين "لا يعتبر قطعياً، إذ يمكن للمستبعد أن يطعن بالقرار أمام الهيئة القضائية الانتخابية، على أن يكون الطعن في قرار الاستبعاد خلال ثلاثة أيام، ومن لم يطعن خلال هذه المدة فإن قرار المفوضية بالاستبعاد يعتبر نهائياً وقطعياً". وأضاف حرب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "عند نظر الهيئة القضائية للانتخابات في طعن المرشح المستبعد خلال مدة الأيام الثلاثة التي ذكرناها، فالقانون خوّل الهيئة القضائية حق تأييد قرار المفوضية في استبعاد المرشح، ولها أيضاً حقّ نقض قرار المفوضية بالاستبعاد وقبول الطعن واعتبار الشروط متوفرة في المرشح، وأن قرار المفوضية شابه الخطأ القانوني وبالتالي تعيد المرشح المستبعد إلى قائمة المرشحين في الانتخابات".
وبيّن الخبير القانوني أن "مدة صدور حكم من الهيئة القضائية حدّدها قانون المفوضية بسبعة أيام فقط، أي أن على الهيئة القضائية الحكم سلباً أو إيجاباً في طعن المرشح المستبعد خلال سبعة أيام فقط، علماً أن الاستبعاد يتم بسبب عدم توفر شرط أو أكثر من شروط الترشح التي حددتها المادة (8) من قانون انتخابات مجلس النواب رقم 9 لسنة ". أما عن هذه الشروط، فهي "الجنسية والأهلية والمساءلة والعدالة الجناية والجنحة المخلة بالشرف والشهادة وعدم الإثراء على حساب المال العام وعدد الناخبين وعدم الانتماء للقوات المسلحة"، بحسب حرب.
ولا يعتبر استبعاد المرشحين من الانتخابات العراقية حدثاً جديداً، إذ شهدت انتخابات 2018، استبعاد 374 مرشحاً غالبيتهم بسبب إجراءات اجتثاث حزب البعث. وفي انتخابات عام 2014، كان عدد من تم استبعادهم نحو 400، مرشحاً، بينما بلغ 517 مرشحاً في انتخابات 2010.