حملة التحريض المتواصلة لليوم الثاني على التوالي التي تقودها فصائل مسلحة تجاه بلدة الطارمية شمالي بغداد، عقب الاعتداء الإرهابي الذي شهدته المدينة وأسفر عن مقتل وإصابة نحو 10 عناصر من "الحشد الشعبي"، دفعت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى اتخاذ قرارات أمنية عاجلة لمنع أي ردود فعل انتقامية قد تتعرض لها البلدة.
وتطالب تلك الفصائل بتوسيع رقعة انتشارها في المدينة لتشمل مركزها وليس الريف والقرى المجاورة لها، وتسليم مسؤولية الأمن فيها لـ"الحشد الشعبي"، وسط تحذيرات من قوى سياسية من مغبة إطلاق يد تلك الفصائل بالمنطقة وضرورة إبقاء الملف الأمني بيد قوات الجيش والشرطة.
وأقدمت أمس فصائل مسلحة على اعتقال العديد من أهالي البلدة، بشكل عشوائي، كردة فعل على التفجير الذي تعرض له "الحشد" في البلدة أول من أمس الجمعة وأوقع قتلى وجرحى، لكن تدخلات حكومية نجحت في إطلاق سراح أغلبهم بالساعات الماضية.
من جهته، عقد الكاظمي اجتماعاً مع القيادات الأمنية لبغداد، لبحث تداعيات الوضع في المدينة التي تمثل خاصرة بغداد الشمالية ويقطنها نحو 200 ألف نسمة، واتخذ قراراً بتشكيل قيادة عمليات خاصة بها تتولى إدارة ملفها الأمني وترتبط بقيادة عمليات بغداد حصراً.
ووفقاً لمسؤول حكومي رفيع، فإن "الاجتماع الذي عقد أمس السبت، أفضى إلى قرار بتكليف الجنرال رائد شاكر جودت، بمهام قائد القوة المسيطرة على مدينة الطارمية، وسيتسلم مهامه رسمياً خلال الأيام المقبلة"، مبيناً أن "الكاظمي سيشرف بشكل مباشر على البلدة ومتابعة ملفها الأمني".
وأكد أن "القرار جاء لمنع الفصائل المسلحة تنفيذ أي أجندات ذات أبعاد طائفية في المدينة خاصة مع قرب الانتخابات"، مبيناً أن "الكاظمي استجاب لمناشدات أهالي البلدة، الذين عبروا عن مخاوفهم من الحملة التحريضية ضد البلدة، واستعدادات بعض الفصائل لشن هجمات فيها".
ويعتبر الجنرال رائد شاكر جودت أحد قادة معركة الموصل عام 2016، وتولى مسؤولية طرد مسلحي تنظيم "داعش"، الإرهابي من المحور الجنوبي للمدينة.
النائب عن البلدة أحمد المشهداني، الذي انتقد الحملة التحريضية ضد البلدة، أكد أن الكاظمي وافق أيضاً على تشكيل قوة قتالية من أهالي البلدة.
وقال المشهداني، لـ"العربي الجديد"، إن "الكاظمي استجاب لطلب أهالي البلدة بتشكيل فوج من أبناء المنطقة، وأن يعمل تحت إمرة القوات الأمنية، والقرار سيتم تنفيذه قريباً"، معتبراً أن "خطوات الكاظمي بهذا الاتجاه ستسهم باستقرار البلدة".
وأشار إلى "أهمية أن يكون هناك عمل أمني مهني في البلدة بعيدا عن الأجندات الأخرى"، مشيراً إلى أن "الأهالي متعاونون بشكل تام مع القوات الأمنية".
ودعا إلى "وضع حد للحملات التحريضية ضد البلدة، والتي تريد أن تجعلها كبلدة جرف الصخر (أي تهجر الأهالي وتمنعهم من العودة)".
بدوره، أثنى النائب عن تحالف القوى العراقية، رعد الدهلكي، على خطوات الكاظمي بضبط أمن الطارمية، محذّراً من استمرار التجاوز على أهالي الطارمية، ودعوات بعض الجهات التحريضية ضدها. وقال لـ"العربي الجديد": "إذا كان هناك مجرمون أو إرهابيون في البلدة فعلى الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها تجاه ذلك، وأن تعمل على محاسبتهم، ولا يمكن أن يتحمل الأهالي مسؤولية الأمن".
وشدد "يجب أن يحاسب كل من يريد أن يعاقب أهالي الطارمية أو يتجاوز عليهم"، معتبراً خطوة الكاظمي "جيدة، وهي خطوة باتجاه منع قوى اللادولة من تنفيذ أجنداتها في البلدة"، مؤكداً أن "على الكاظمي أن يختار أكفاء ومهنيين بعيدين عن التحزب لإدارة أمن البلدة".
وأشار إلى أن "بعض الفصائل تريد السيطرة على البلدة، بسبب موقعها الجغرافي الذي يمثل سوراً لبغداد، وتريد من خلال ذلك للسيطرة على بغداد"، داعياً الحكومة إلى "تحمل مسؤوليتها إزاء ذلك".
وتواصل جهاتٌ حملتها التحريضية ضد البلدة، إذ حذر "تحالف الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، من أن تكون البلدة "منطلقاً للعمليات الإرهابية في بغداد"، مؤكداً في بيان، أن "داعش يخوض على أسوار بغداد حرباً لإضعاف جبهة العاصمة، وإنهاك القوات الأمنية، ما يحتم إيجاد الخطط الاستخبارية الكفيلة باحتواء حرب الاستنزاف، والإمساك بالمبادرة العسكرية، ومتابعة الخلايا النائمة في البلدة، وتطهيرها من الإرهاب".