العراق: مخاوف من خروج تظاهرات الفصائل "الولائية" بذكرى اغتيال سليماني الأحد عن السيطرة
بالتزامن مع استمرار حالة التأهب في العاصمة العراقية بغداد، والانتشار المكثف لقوات الأمن ممثلة بالجيش والشرطة، أقرّت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يوم غد الأحد، عطلة رسمية في عموم المحافظات العراقية، وسط مخاوف من أن تقدم مليشيات مسلّحة موالية لإيران على تكرار الهجمات الصاروخية أو التقدم بتظاهراتها المقررة صباح الغد في ساحة التحرير ببغداد، بالذكرى الأولى لمقتل زعيم "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، والقيادي بـ"الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، للعبور إلى المنطقة الخضراء حيث تقع السفارة الأميركية.
وبرّرت السلطات الأمنية، أمس الجمعة، الانتشار الأمني المكثّف في العاصمة بغداد منذ أكثر من 10 أيام، بأنه يأتي لمواجهة التحديات، مجددة تأكيدها عدم وجود خطر يهدد أمن العاصمة.
وتواصل عدة مليشيات حليفة لإيران، تحشيد أنصارها للتظاهر في ساحة التحرير ببغداد، مع استدعاء قسم من عناصرها لهذا الغرض إلى العاصمة، بغية جمع أكبر عدد منهم في التظاهرة المقرّرة صبيحة غد الأحد بذكرى مقتل سليماني والمهندس.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر حكومية عراقية في بغداد لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، عن إجراءات جديدة بمحيط المنطقة الخضراء، وأوامر باستخدام القوة ضد أي محاولة لاقتحامها يوم غد، في حال قرّر المشرفون على التظاهرات التي تنظمها المليشيات التوجه نحوها وعبور جسر الجمهورية على نهر دجلة.
وبحسب مسؤول عراقي، تحدث لـ"العربي الجديد"، وفضّل عدم الكشف عن هويته، فإنّ "هناك مخاوف من إقدام عناصر المليشيات على التحرك باتجاه المنطقة الخضراء، والإجراءات الجديدة للحيلولة دون وقوع أي سيناريو من هذا القبيل، كما أنّ الإجراءات الأمنية ستتواصل اليوم وغداً على نحو عالٍ من التأهب والاستنفار تحسباً لهجمات صاروخية".
وبيّن أنّ السبب الحقيقي لإعلان الحكومة يوم غد عطلة رسمية "يأتي تخوفاً من اضطراب الأوضاع الأمنية ببغداد، والسعي للسيطرة عليها بشكل أفضل مع تعطيل المدارس والجامعات والدوائر الخدمية المختلفة".
وكشف المسؤول العراقي عن أن قوات جهاز مكافحة الإرهاب والفرقة الخاصة هي من تتولى حالياً أمن المنطقة الخضراء، ومن المرجح إغلاق جسور الجمهورية والسنك والأحرار، لمنع أي محاولات عبور نحو المنطقة، بالإضافة إلى غلق مناطق المنطقة الخضراء من جهة الجادرية، على أن تكون القوة الماسكة للأرض قوة خاصة من جهاز مكافحة الإرهاب.
وتشارك عدة مليشيات في تظاهرات الغد، أبرزها "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"البدلاء"، و"العصائب"، و"بدر"، و"سيد الشهداء"، وجماعات أخرى تعرف عادة بالمليشيات الولائية، في إشارة إلى ارتباطها بالحرس الثوري الإيراني ولتمييزها عن فصائل مسلحة أخرى ضمن "الحشد الشعبي" مرتبطة بالنجف.
وفي السياق ذاته، حذر السياسي العراقي ناجح الميزان، من أنّ "أي محاولة اعتداء أو تعرض للمنطقة الخضراء يوم غد ستدفع الكثير من الدول إلى قرار سحب بعثاتها الدبلوماسية من بغداد، وليس واشنطن فقط".
وقال الميزان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المخاوف من سعي بعض المليشيات لتنفيذ عمل ما خلال الساعات المقبلة راجح جداً، وقد تكون حكومة مصطفى الكاظمي تعي ما يجري أو يخطط له فعلياً من قبل تلك المليشيات، لكنها بالوقت نفسه تحاول منع أي عمل يستهدف الوجود الأميركي في العراق، كونها تعرف أن تبعات أي هجوم ستكون كارثية على العراق".
ويشير الخبير بالشأن السياسي العراقي محمد التميمي، إلى أنّ الأوضاع في العراق عموماً "لم تعد تحمل أي خطأ أو تأزيم، كونها على حافة الانهيار ويجب أن يعي جميع الفاعلين على الساحة هذا الأمر"، مضيفاً أنّ "أي هجوم جديد، أو محاولة اقتحام للمنطقة الخضراء لن تكون سوى بداية لتداعيات أمنية وسياسية وحتى اقتصادية يدفع ثمنها العراقيون البسطاء لا غيرهم"، وفقاً لقوله.
وبيّن التميمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ المليشيات تعلم بأنّ اغتيال سليماني والمهندس كان رداً على مهاجمة السفارة الأميركية في 31 ديسمبر/كانون الأول 2019، وحالياً الأوضاع في البيت الأبيض مهيأة تماماً لتكرار الرد العسكري على أي تصرف مماثل.
وتشهد العاصمة بغداد، منذ أكثر من 10 أيام، توتراً أمنياً وخلافاً بين الحكومة وفصائل مسلّحة مرتبطة بإيران، متهمة بقصف المنطقة الخضراء، بينما تحاول الحكومة ضبط تلك الفصائل ومنعها من تنفيذ أي هجمات جديدة، ما دفع إلى تكثيف الانتشار الأمني بشكل متزايد وإعلان حالة التأهب في عموم مناطق العاصمة، وخصوصاً بمحيط المنطقة الخضراء.
وتحشد المنصات الإعلامية للمليشيات العراقية والفصائل المسلّحة في "الحشد الشعبي" بالعراق، لترتيب تظاهرات في الثالث من يناير/ كانون الثاني 2021، وهي ذكرى مرور عام على مقتل قائد فيلق "القدس" الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي جمال جعفر، المعروف بأبي مهدي المهندس، بالقرب من مطار بغداد.