العراق يسترجع عشرات المطلوبين بتهم الإرهاب والفساد بالتنسيق مع دول الجوار

24 مايو 2024
قوات عراقية تحرس أحد مداخل المنطقة الخضراء 30 أغسطس 2022 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- العراق ينجح في استرداد المطلوبين بتهم الإرهاب والفساد بالتعاون مع دول مثل لبنان وتركيا، لكن يواجه تحديات مع دول توفر ملاذاً للفاسدين مثل بريطانيا والولايات المتحدة.
- رئيس هيئة النزاهة الاتحادية ينتقد النفاق الدولي ويشير إلى صعوبات في كشف الأموال المهربة وأسماء الفاسدين، مما يعيق جهود العراق في مكافحة الفساد.
- العراق يواصل تحقيق تقدم في ملاحقة الفاسدين والإرهابيين بدعم من التنسيق الأمني مع دول المنطقة، رغم التحديات المستمرة في استرجاع الأموال المهربة وتحقيق تعاون دولي أكثر فعالية.

أسفرت عمليات التنسيق الأمني بين بغداد وعواصم عربية وإقليمية عديدة عن استرجاع عشرات المطلوبين بتهم الإرهاب والفساد والاختلاس المالي وحتى جرائم القتل الجنائية. وبحسب مصادر أمنية، فإن لبنان وتركيا والأردن ومصر والإمارات على قائمة الدول المتعاونة مع العراق، لكن بالمقابل تؤكد مصادر أن دولا تحفظت على أي تعاون في مجال المطلوبين سياسيا، مثل الأردن وتركيا التي تحتضن شخصيات مهمة وبارزة من النظام السابق وقوى معارضة للنظام السياسي في العراق بعد عام 2003، إلى جانب ناشطين وحقوقيين أُصدرت خلال فترة حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي مذكرات قبض بحقهم بين 2006 وحتى 2014. 

وتحدث مسؤولون بوزارة الداخلية العراقية في بغداد لـ"العربي الجديد"، عن تفاصيل جديدة اعتبرتها نجاحا حكوميا عراقيا في مهمة استرداد المطلوبين. ووفقا لأحد المسؤولين، فإن "جميع الدول باتت تستجيب لطلبات العراق بتسليم المطلوبين في قضايا الإرهاب، وتحديداً الانتماء للجماعات الإرهابية، لكن بالتعاون على مستوى المطلوبين لأجل آرائهم أو نشاطاتهم السياسية فهي متفاوتة".

وأكد أن كلا من لبنان وتركيا وإيران والأردن ولبنان ونظام الأسد في سورية، إلى جانب دول أخرى بالمنطقة سلمت العراق العشرات من المطلوبين منذ مطلع العام الحالي، أغلبهم بتهم الإرهاب والفساد المالي، لكن تشكو بغداد من دولٍ لا تتعامل معها، لا سيما وأنها كثيراً ما تقدم الطلبات بشأن استرجاع المطلوبين لها بتهم الإرهاب وسرقة المال العام والفساد، وأخرى مرتبطة بتنفيذ انتهاكات وجرائم، من بينها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.

وفي فبراير/ شباط الماضي، أكد رئيس هيئة النزاهة الاتحادية في العراق حيدر حنون، أن "بريطانيا والولايات المتحدة توفران ملاذا للصوص المال العام وتمويل الإرهاب"، مبينا، في تصريحٍ متلفز، أن "هيئة النزاهة عملت منذ أكثر من عام وبالتزامن مع الحكومة الحالية التي وضعت في برنامجها الأولوية لمكافحة الفساد، بجد ونشاط وحققت منجزات غير مسبوقة".

وأشار إلى وجود ما وصفه بـ"النفاق الدولي لبعض الدول التي تقول للعراقيين، كافحوا الفساد، لكنها تحتضن بين جنباتها أكبر الفاسدين الهاربين من العراق، وأن أموالنا الكبيرة المنهوبة تحتضنها وتضعها في مصارفها الكبرى وكذلك أدخلتها حتى في اقتصاداتها لذلك أموالنا المهربة هي كثيرة لكن العقبة الرئيسية في كشف حجمها والكمية التي هربت وأسماء أصحاب الحسابات المودعة في البنوك الأجنبية، وأن إدارات الدول عندما لا تكشف لنا عن تلك الحسابات وعن أسماء الفاسدين العراقيين الذين توجد في أسمائهم حسابات كبيرة"، مؤكداً أن "انعدام التفاعل الدولي والتعاون الدولي مع ملف الفساد هو المشكلة الكبيرة أمام العراق".

في السياق، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كريم المحمداوي، إن "معظم الدول متعاونة مع العراق وعلى تنسيق وتفاهمات بشأن تبادل المعلومات والمطلوبين للقضاء العراقي، بتهم مختلفة، لا سيما الإرهاب والفساد المالي والجرائم المرتبطة بالانتهاكات ضد حقوق الإنسان"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الدول المجاورة متعاونة، بنسب متفاوتة، إذ أن سورية متعاونة أكثر من تركيا والأردن، لا سيما فيما يتعلق ببعض المطلوبين بالإرهاب، لأسباب كثيرة".

وأكمل المحمداوي أن "العراق يواصل تسلم الإرهابيين المتهمين بقتل المدنيين، وتحديداً المنتمين لتنظيم داعش، من خلال التنسيق العالي بين أجهزة الأمن والمخابرات، وقد أعلن العراق في وقتٍ سابق، أنه تسلم نحو 3 آلاف "إرهابي" من العراقيين ممن كانوا في سجون شمال شرقي سورية"، مشيراً إلى أن "حكومة محمد شياع السوداني أخذت على عاتقها ملاحقة المتورطين بسرقة المال العام، وهناك تقدم في هذا الملف".

من جهته، أشار عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، إلى أن "استرجاع المطلوبين هو ملف تنفيذي أمني، وأساسي في كل الحكومات التي توالت على العراق خلال العقدين الماضيين، وفقاً لقواعد البيانات الأمنية والتحقيقية، وقد نجح العراق من استرداد جزء من الأموال المهربة والمتهمين بسرقتها بالإضافة إلى الإرهابيين، لكن هناك حاجة لمزيدٍ من الجهود"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "العلاقات العراقية الخارجية، سواء مع دول الجوار أو الدول الإقليمية، جيدة وفي في تطور مستمر، وهذا ينعكس على جانب التنسيق الأمني فيما بينها".

وسعت الحكومة العراقية السابقة والحالية، لاستعادة الأموال المهربة إلى الخارج والمتورطين في سرقتها، وهي طريقة يراها ناشطون أنها إعلامية أكثر من كونها حقيقية وملموسة، خصوصاً وأن معظم المتورطين فيها كانوا وما يزالون مقربين من أحزاب نافذة في البلاد، وقد هرّبت من العراق تحت عناوين المشاريع والاستثمارات والصفقات، ناهيك عن الاختلاس من الأموال المخصصة لتغذية الوزارات منذ عام 2003، التي قدرتها ولجان برلمانية ومراقبون بنحو 450 مليار دولار.

بدوره، بيَّن أستاذ الدراسات الأمنية في معهد الدوحة للدراسات العليا مهند سلوم، أن "المطلوبين بينهم المتهمون بالإرهاب وينقسمون إلى قسمين؛ الأول هو الإرهاب المتطرف المتأسلم وهذا ينطبق على حالات القاعدة وداعش وأنصار الإسلام وغيرها، وفي هذا الملف، تتعاون الأجهزة الأمنية في الدول العربية إلى حد كبير، من خلال المتابعة والاعتقال وتبادل المعلومات أو حتى إرجاعهم إلى العراق في حال كانوا عراقيين، والثاني هم المطلوبون بجرائم الإرهاب بدوافع سياسية مثل البعثيين السابقين أو المعارضين السياسيين بعد عام 2003، وهناك متهمون بجرائم فساد ومن على شاكلتهم، وأمثال هؤلاء تتردد أغلب الدول العربية في التعاون في ملفاتهم بسبب عدم ثقتها باستقلالية ونزاهة النظام القضائي العراقي".

واستكمل سلوم حديثه مع "العربي الجديد"، أن "عدم الثقة بالنظام القضائي في العراق، يتماشى مع تقارير المنظمات الدولية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد، وحتى تقارير بعثة الأمم المتحدة في بغداد، لكن هناك بعض الدول تتعاون مع العراق في هذا الإطار، مثل لبنان وسورية".

المساهمون