العراق يُراجع ملف "هيئة المساءلة"... مخاوف من استغلالها بالانتخابات

27 ديسمبر 2024
اجتماع السوداني مع رئيس وأعضاء هيئة المساءلة، 26 ديسمبر 2024 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مراجعة لملف هيئة المساءلة والعدالة، بهدف تحويلها إلى ملف قضائي وفقاً للاتفاق السياسي مع القوى الداعمة لحكومته، لكن الطلب قوبل بالرفض من رئيس الهيئة ودعم من قوى الإطار التنسيقي.
- تثير هذه المراجعة مخاوف من استغلال الهيئة لإقصاء المنافسين في الانتخابات، حيث تواجه معارضة من بعض الأطراف السياسية التي تدعم بقاء الهيئة كأداة لمنع تسلل حزب البعث.
- دافع نوري المالكي عن استمرار الهيئة، محذراً من حلها، بينما يرى الناشط عمر الجنابي أن المالكي يستفيد منها سياسياً وطائفياً.

أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مراجعة لملف هيئة المساءلة والعدالة، التي تُعرف باسم "هيئة اجتثاث حزب البعث"، واطلع على ما تبقى من عملها، في خطوة قد تكون تمهيدا لحلّها بحسب ما نص عليه الاتفاق السياسي المبرم مع القوى العراقية التي دعمت تشكيل حكومة السوداني، وهو ما أثار مخاوف القوى المتنفذة في "الإطار التنسيقي"، والتي شددت على ضرورة استمرار عمل الهيئة.

ونص الاتفاق السياسي داخل تحالف "قوى الدولة" الذي يضم "الإطار التنسيقي"، وتحالف "السيادة"، والقوى الكردية على جملة من التفاهمات بين تلك القوى، كشروط لتشكيل الحكومة، كان من بينها حل هيئة المساءلة والعدالة، وتحويلها إلى ملف قضائي. وقدمت حكومة السوداني نهاية العام 2022 طلبا رسميا إلى الهيئة، بنقل ملفاتها إلى القضاء، كخطوة أولى لتنفيذ الاتفاق بحل الهيئة، إلا أن الطلب قوبل بالرفض من قبل رئيس الهيئة، ودعمته قوى من الإطار التنسيقي.

وأمس الخميس، استقبل السوداني، رئيس "هيئة المساءلة"، باسم البدري، وأعضاءها، ووفقا لبيان لمكتب رئيس الوزراء، فإن "اللقاء ناقش ما قدمته الهيئة طيلة السنوات الماضية من عمل في مجال تحقيق العدالة الانتقالية في العراق، وكذلك مناقشة ما تبقى من عمل الهيئة في مجال إنفاذ القانون، وتطبيق المهام والأهداف التي تشكلت على أساسها هيئة المساءلة والعدالة".

ووجه رئيس الوزراء العراقي، وفقا للبيان، رئيس هيئة المساءلة بـ"تقديم تقرير مفصل للحكومة، يتضمن مجمل إجراءاتها وما أنجزته من بيانات، والمتبقي من عملها الذي رسمه لها الدستور والقوانين النافذة، وذلك وفقاً لورقة الاتفاق السياسي الواردة في المنهاج الوزاري الذي صوت عليه مجلس النواب في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022".

مخاوف من استغلال الهيئة لإقصاء المنافسين بالانتخابات المقبلة

من جهته، أكد مسؤول قريب من مكتب رئيس الوزراء العراقي لـ"العربي الجديد"، أن السوداني يريد إنفاذ ورقة الاتفاق السياسي التي نصّت على حل الهيئة، مضيفاً أن "هناك مخاوف من استغلال عمل الهيئة في التأثير على بعض الشخصيات في المشاركة بالانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما استدعى مراجعة السوداني ملفها". وأوضح المسؤول أن "بعض الأطراف السياسية المتنفذة في الإطار التنسيقي تدعم بقاء الهيئة وترفض أي محاولة لحلها وتحويلها الى ملف قضائي"، مبينا أن "الملف لا يخلو من الصعوبة، خاصة وأن السوداني سيواجه بضغوط من قبل تلك القوى الداعمة للهيئة".

إصرار على استمرار عمل هيئة المساءلة

في الأثناء، دافع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، عن الهيئة محذرا من حلها، مشددا على ضرورة استمرار عملها، وقال في تدوينة له على "إكس" عقب لقاء السوداني أعضاء الهيئة، إن "هيئة المساءلة والعدالة من مؤسسات العدالة الانتقالية، وهي هيئة دستورية مهمتها ليست قضائية، بل تتولى اجتثاث ومنع حزب البعث المحظور وتصفية دوائر الدولة من أعضائه، وضمان عدم تسلل أي من أفراد الحزب المقبور إلى مواقع الدولة المختلفة وفق آليات قانونية تسهم في فرز المشمولين من غير المشمولين بأحكام الهيئة".

وأضاف: "حفاظا على التجربة الديمقراطية وحماية المكتسبات الدستورية ومنع هذا الحزب من العودة مجددا، يجب دعم الهيئة وتقويتها وإدامة دورها في حماية مؤسسات الدولة من تسلل البعث المقبور والعودة إلى الحياة السياسية وكل مجالات الحياة الأخرى".

الناشط السياسي والكاتب العراقي عمر الجنابي، علق على الملف في تدوينة له على "إكس"، قائلاً: "المالكي أكبر المستفيدين سياسياً وطائفياً من وجود هيئة المساءلة والعدالة، يرفض حل الهيئة ويريد استمرار استغلال وجودها لتصفية خصومه السياسيين، وفقاً لأهوائه الطائفية ومصالحه الحزبية".

وأقرّ قانون الاجتثاث عقب الغزو الأميركي للعراق، عام 2005، ونص عليه الدستور العراقي، وترتبت على أثره إقالة عشرات آلاف العراقيين من وظائفهم، ومصادرة أملاك آلاف آخرين وإحالة قسم منهم للقضاء، إلا أن كتلاً سياسية مختلفة تواصل المطالبة بتفعيلات جديدة فيه وضمان فعاليته في الانتخابات المقرر إجراؤها نهاية العام المقبل، بهدف ما تسميه منع وصول البعثيين إلى البرلمان.

وتواجه هيئة "اجتثاث البعث"، التي تحوّل اسمها إلى هيئة المساءلة والعدالة، اتهامات واسعة بالانتقائية في إصدار أحكام الإقصاء أو الإقالة من المؤسسات والدوائر الرسمية، استجابة لضغوط من قبل قوى مؤثرة على المستوى السياسي.

وحاول رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، التخلّص من تركة الهيئة، وما تسببت به من أزمات نتيجة إقصائها لمكون معين، لذا قام بمراجعة تشكيلتها والارتباطات الحزبية للمسؤولين فيها، بالتنسيق مع رئاسة البرلمان المنحل، وحاول تعيين شخصيات مستقلة في الهيئة لتحقيق التوازن، إلا أن جهوده فشلت.

المساهمون