قررت المحكمة الإسرائيلية العليا إصدار حكمها النهائي بشأن شطب حزب التجمع الوطني الديمقراطي ومنعه من خوض الانتخابات للكنيست الـ25، المقرر أن تجرى مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، يوم الأحد المقبل.
ونظرت المحكمة العليا، بتركيبة 9 قضاة، عصر اليوم الخميس، في الاستئناف الذي قدمه حزب التجمع ضد قرار لجنة الانتخابات المركزية منعه من الترشح في الانتخابات، الخميس الماضي، بذريعة "إنكاره وجود إسرائيل، وعدم الاعتراف بجوهرها اليهودي والديمقراطي، والتحريض على العنصرية". واستند مقدمو طلب الشطب على قانون أساس الكنيست.
وشارك في الجلسة رئيس لجنة المتابعة العليا لفلسطيني الداخل محمد بركة، وقيادات وأنصار حزب التجمع الوطني الديمقراطي.
وأكد مركز عدالة، الممثل القضائي للتجمع، خلال الجلسة، عدم وجود أي أساس قانوني أو أي دليل يستوجب شطب ترشح التجمع الوطني الديمقراطي، بحسب ما ورد في الالتماس، وكذلك في موقف المستشارة القضائية للحكومة الذي قدمته للجنة الانتخابات المركزية وكررته أمام المحكمة اليوم.
وجاء في بيان أصدره المركز، عقب انتهاء المداولات، أنّه "في حال أرادت المحكمة العليا تثبيت القرار وشطب ترشح التجمع، فسيقع عليها عبء إثبات عدم قانونية طرح التجمع السياسي، وهو "دولة كل مواطنيها"، الذي يطالب بالمساواة الكاملة في البلاد، وعدم التمييز المجحف ضد العرب".
وقدم حزب "أناحنو" الصهيوني صاحب طلب الشطب، خلال المداولات، ما زعم أنها "أدلة جديدة" ضد التجمع، طالباً مناقشتها في المحكمة.
من جهته، طلب مركز عدالة من القضاة عدم نقاش "الأدلة المزعومة"، لأنّه تم تقديمها صباحاً، ولا يمكن النظر فيها والرد عليها، وهذا غير مقبول ومخالف للأعراف في المحكمة العليا.
وانتقدت رئيسة المحكمة العليا أستير حيوت، وعدد من القضاة، طاقم الدفاع عن حزب "أناحنو" المطالب بشطب التجمع، مشيرة إلى أن "طلب الشطب الذي قُدّم ضد التجمع هو سطحي، ولا يحمل أيّة أدلة جوهرية لم يجرى تداولها في السابق، وما تم تقديمه غريب من جهة، ومقتضب وغير واضح من جهة أخرى". ووبخت المحكمة محامي "أناحنو" على الطلب السطحي.
وأوضح مركز عدالة للقضاة أنّ "كل ما قدم في طلب الشطب لا يمكن أن يصمد في امتحان المحكمة العليا، لأنه جرى التداول فيه سابقاً، وتبين أنه لا أساس قانونيا يستند إليه، وفي كثير من أجزائه، أنتم (هيئة القضاة) تداولتموه وقررتم عدم أهليته القانونية". وتابع: "لم يحدث يوماً أنّ شطب ترشح حزب بسبب طرحه السياسي، خاصة إذا جرت مناقشة هذا الطرح أكثر من مرة في لجنة الانتخابات وأمام المحكمة العليا، وُلهذا يجب رفض طلب الشطب على الفور".
وعقبَ المرشح الأول في قائمة التجمع الوطني الديمقراطي النائب سامي أبو شحادة، بعد الجلسة، بالقول إنّ "ملاحقة حزب التجمع مستمرة، وهي ليست المرة الأولى، فهنالك محاولة من قبل الأحزاب الصهيونية بناء وصقل قيادات عربية مقبولة لها سياسياً ووفق شروطها".
وأكد أبو شحادة أن "التجمع يسير في طريق النضال من أجل العدل والمساواة لجميع المواطنين"، قائلاً: "نحن نرى في مشروع دولة المواطنين الحل الأمثل للعرب واليهود في هذه البلاد". وأضاف أبو شحادة أنّه "من الواضح جداً أنه لم يكن ادعاء جديدا ضد التجمع، ونحن سننتظر صدور قرار المحكمة، ومن ثم سنتخذ قرارنا في قيادة التجمع".
وترجح التقديرات، استناداً إلى توجه قضاة المحكمة العليا خلال المداولات، أن القرار النهائي سيكون إلغاء الشطب، والسماح لحزب التجمع بخوض الانتخابات الوشيكة.
وقال التجمع في وقت سابق إن "قرار الشطب هو قرار عنصري سياسي بحت، لا يمت للواقع القانوني بصلة، ما يزعجهم حقاً هو الطرح التقدمي والديمقراطي الذي يحمله التجمع، والذي من شأنه تحدي التمييز والعنصرية الممنهجة ضد العرب في البلاد، وتحدي الفوقية اليهودية والتفرقة العنصرية، لذلك يسعون بكل السبل منذ نحو 20 عاماً إلى شطب ترشح التجمع وإسكات صوته"، مضيفاً: "نحن واثقون أن صوت الناس لا يشطب".
وتعتبر محاولة شطب التجمع حلقة جديدة في مسلسل الملاحقة السياسية التي يتعرض لها منذ سنوات.
يُذكر أنه مع كل جولة انتخابات برلمانية إسرائيلية، تشطب لجنة الانتخابات المركزية حزب التجمع، إذ شُطب عام 2003 لأول مرة ترشيح مؤسس الحزب النائب السابق الدكتور عزمي بشارة من خوض الانتخابات، وتوالت تباعاً قرارات شطب الحزب ومرشحيه، حيث شطبت لجنة الانتخابات ترشيح النائبة السابقة حنين زعبي، في أكثر من جولة انتخابية، وتلاها شطب النائبة السابقة هبة يزبك، وصولاً إلى شطب حزب التجمع برئاسة النائب سامي أبو شحادة، ومنعه من خوض الانتخابات المرتقبة، في محاولة لنزع الشرعية عنه، وإسكات صوته وشيطنة مشروع التجمع "دولة لكل مواطنيها"، لإخراجه عن القانون، كما كانت المحكمة العليا تلغي كل مرة قرار لجنة الانتخابات المركزية، الأمر الذي يتيح للتجمع خوض الانتخابات العامة.