قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، ليل السبت، إنّ المغرب "لا يتفاوض على صحرائه"، مشدداً على أنّ "مغربية الصحراء لم تكن يوماً، ولن تكون أبداً مطروحة على طاولة المفاوضات"، بل إنّ "المغرب يتفاوض على إيجاد حل سلمي للنزاع الإقليمي المفتعل".
وأوضح العاهل المغربي، في خطاب وجّهه إلى الشعب بمناسبة الذكرى الـ46 للمسيرة الخضراء (مسيرة سلمية كبرى نظمت في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1975، من أجل الضغط على إسبانيا لمغادرة إقليم الصحراء الذي كانت تحتله) أنّ "مغربية الصحراء حقيقة ثابتة، لا نقاش فيها، بحكم التاريخ والشرعية، وبإرادة قوية لأبنائها، واعتراف دولي واسع".
وشدد العاهل المغربي على تمسّك بلاده بالمسار السياسي الأممي، مجدداً التزامه بالخيار السلمي، وبوقف إطلاق النار، ومواصلة التنسيق والتعاون، مع بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو)، في نطاق اختصاصاتها المحددة.
وبينما جدد الملك محمد السادس دعمه الكامل للجهود التي يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ولمبعوثه الشخصي، ستيفان دي ميستورا من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية، في أسرع وقت ممكن، كان لافتا تأكيده على ضرورة الالتزام بالمرجعيات، التي أكدتها قرارات مجلس الأمن، منذ 2007، والتي تم تجسيدها في اللقاءات المنعقدة بجنيف، برعاية الأمم المتحدة.
وأبدى الملك اعتزازه بالقرار السيادي، للولايات المتحدة الأميركية، التي اعترفت بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه، معتبراً إياه "نتيجة طبيعية للدعم المتواصل للإدارات الأميركية السابقة، ودورها البناء من أجل تسوية هذه القضية"، "كما أنه توجه يعزز بشكل لا رجعة فيه، العملية السياسية، نحو حل نهائي، مبني على مبادرة الحكم الذاتي، في إطار السيادة المغربية"، بحسب ما جاء في الخطاب.
وفي الوقت الذي يسود فيه ترقب لخطوات دي ميستورا، اعتبر العاهل المغربي أنّ "افتتاح أكثر من 24 دولة، قنصليات في مدينتي العيون والداخلة (كبرى مدن الصحراء)، يؤكد الدعم الواسع، الذي يحظى به الموقف المغربي، لا سيما في محيطنا العربي والأفريقي".
وتابع قائلاً "وهو أحسن جواب، قانوني ودبلوماسي، على الذين يدعون بأنّ الاعتراف بمغربية الصحراء، ليس صريحاً أو ملموساً"، مضيفاً: "من حقنا اليوم أن ننتظر من شركائنا مواقف أكثر جرأة ووضوحاً، بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة. وهي مواقف ستساهم في دعم المسار السياسي، ودعم الجهود المبذولة، من أجل الوصول إلى حل نهائي قابل للتطبيق".
إلى ذلك، بعث العاهل المغربي رسالة قوية إلى من سماهم "أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة" مفادها بأنّ "المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية".
وقال إنّ "للمغرب شرکاء دوليين صادقين، يستثمرون إلى جانب القطاع الخاص الوطني، في إطار من الوضوح والشفافية، وبما يعود بالخير على ساكنة المنطقة". وأضاف: "ونود هنا أن نعبّر عن تقديرنا، للدول والتجمعات، التي تربطها بالمغرب اتفاقيات وشراكات، والتي تعتبر أقاليمنا الجنوبية، جزءاً لا يتجزأ من التراب الوطني".
من جهة أخرى، اعتبر الملك المغربي أنّ المجالس المنتخبة، بأقاليم وجهات الصحراء، بطريقة ديمقراطية، وبكل حرية ومسؤولية، هي الممثل الشرعي الحقيقي لسكان المنطقة، داعياً إلى "مواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية، وتعزيز المنجزات التنموية والسياسية، التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية".
وفيما عبّر العاهل المغربي في ختام خطابه للشعوب المغاربية الخمسة (المغرب وليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا) عن متمنيات بلاده "الصادقة، بالمزيد من التقدم والازدهار، في ظل الوحدة والاستقرار"، كان لافتاً عدم تطرّقه إلى الأزمة التي تعيشها العلاقات بين الرباط والجزائر.
وكان آخر فصولها اتهام الرئاسة الجزائرية للمغرب بـ "قصف واستهداف شاحنات جزائرية كانت عائدة من نواكشوط بعد نقلها سلعاً وبضائع"، وهي الاتهامات التي كان قد اعتبرها مصدر مغربي مأذون، في حديث لوكالة "فرانس برس"، بأنها "مجانية"، مشدداً على أنّ المملكة لن تنجرّ إلى حرب مع جارتها الجزائر.
وتعيش العلاقات المغربية الجزائرية، منذ أشهر، أزمة غير مسبوقة، كانت أبرز فصولها إعلان وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، في 25 أغسطس/آب الماضي، عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، جراء "استفزاز المملكة المغربية (للجزائر) الذي بلغ ذروته"، و"تخليها عن الالتزامات الأساسية للعلاقات مع الجزائر". في المقابل، وصفت الخارجية المغربية قرار السلطات الجزائرية قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط بـ"الأحادي الجانب" و"غير المبرَّر تماماً"، معبِّرة عن "رفض المملكة القاطع المبررات الزائفة، بل العبثية التي انبنى عليها" القرار.