مع تمكّن النظام السوري من تمرير الانتخابات الرئاسية، أظهر تحدياً للمجتمع الدولي الرافض إجمالاً لهذه الانتخابات، معتبراً أنّ "حلم بعض الدول" في تغييره بعيد المنال، في وقت أشار فيه نواب أميركيون إلى إخفاق إدارة الرئيس جو بايدن في فرض أي عقوبات جديدة على النظام.
وقال وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، إنّ "الشعب السوري أثبت أنّ حلم بعض الدول بتغيير النظام في سورية، هو أمل إبليس في الجنة".
وأضاف المقداد، في تصريحات أدلى بها خلال تصويته في انتخابات النظام الرئاسية، نقلتها عنه وسائل إعلام النظام، أمس الأربعاء، أنّ "من حق الشعب السوري، وفقط الشعب السوري أن يقرر حاضره ومستقبله، وأن يعبّر بإرادته الحرة عمّا يتطلع إليه"، معتبراً في الوقت نفسه أنّ "من غير الممكن الحديث عن تغيير دولي كامل تجاه سورية، ولا سيما أن القوى التي شنت الحرب على سورية ما زالت تأمل بعض التغيير أو بعض التنازلات"، وفق تعبيره.
ورحب المقداد بإعادة العلاقات مع دول عربية، قائلاً: "نرحب بمثل هذه الفرص، وبعودة التضامن العربي بالحد الأدنى، وعودة الحوار والتخاطب العربي".
وحول زيارة وزير السياحة لدى النظام محمد رامي رضوان مارتيني للسعودية، رأى المقداد أنّ "من الطبيعي أن يكون وزير السياحة في مؤتمر حول السياحة في منطقة الشرق الأوسط، الذي تستضيفه العاصمة السعودية الرياض، ونأمل النجاح لهذا المؤتمر".
وكان المقداد قد صرّح، في وقت سابق، بأنّ عدة دول غربية فتحت سفاراتها في سورية، وأخرى ستفتح خلال أيام، مشدداً على أنّه "لن نسمح للولايات المتحدة بإجهاض فتح سفارات غربية لدينا".
من جهته، وصف مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية انتخابات نظام الأسد الرئاسية بأنها "ليست حرة ولا نزيهة"، مؤكداً أن ليس لدى بلاده أي نية في تطبيع علاقاتها معه، داعياً "كل الحكومات التي تفكر في تطبيع علاقاتها معه إلى التفكير بروية في الطريقة التي تعامل بها مع شعبه، ومن الصعب تخيل تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع نظام كان متوحشاً مع شعبه". وشدد على ضرورة التركيز على "محاسبة النظام أكثر من إعادة العلاقات الدبلوماسية معه".
ونقل موقع "الحرة" الأميركي عن المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف قوله، أمس الأربعاء، إنّ "الولايات المتحدة تدعم بشكل تام القرار 2254 الذي يدعو إلى إجراء انتخابات حرة وعادلة بموجب دستور جديد، تحت إشراف الأمم المتحدة ويشارك فيها النازحون واللاجئون في الشتات".
اتهامات أميركية لبايدن بالتخاذل
غير أن أعضاءً في الكونغرس الأميركي وجهوا رسالة إلى وزيري الخارجية، أنتوني بلينكن، والخزانة، جانيت يلين، اتهموا فيها إدارة الرئيس جو بايدن بالفشل في فرض العقوبات على "نظام الأسد الوحشي في سورية، بوصفه الحليف الأبرز لإيران في الشرق الوسط"، في الوقت الذي تتفاوض فيه الإدارة مع طهران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي الفاشل.
وجاء في الرسالة التي حملت توقيع كل من النواب برايان ستيل وجيم بانكس وجو ويلسن، ونقلتها قناة "فوكس نيوز" الأميركية، أنّ طهران انتهكت العقوبات الأميركية على نظام الأسد بإرسال أربع سفن تحمل أكثر من ثلاثة ملايين برميل من النفط الإيراني إلى مصفاة بانياس لتكرير النفط على الساحل السوري.
وقال الموقعون على الرسالة إنّ "مثل هذه الإجراءات ستكون انتهاكاً واضحاً للعقوبات الأميركية على كل من إيران وسورية، علاوة على ذلك، ففي عام 2019، أقر الكونغرس قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية من الحزبين، لفرض عقوبات إلزامية على نظام الأسد وداعميه، بما في ذلك إيران، الذي دخل حيّز التنفيذ في تموز من عام 2020". وأوضحت الرسالة أنّ إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب استخدمت "قانون قيصر" لفرض ما مجموعُه ست حزم عقوبات مختلفة على نظام الأسد وداعميه.
وأعرب النواب الأميركيون عن قلقهم العميق من أنه بعد أكثر من 100 يوم من توليه المنصب، رفضت إدارة الرئيس بايدن فرض أي عقوبات بموجب "قانون قيصر"، مشيرين إلى أنه "خلال إدارة الرئيس أوباما، رفعت الولايات المتحدة الضغط عن نظام الأسد الوحشي في الفترة التي سبقت خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران، وبعد الدخول في الصفقة، قدمت إيران خطوط ائتمان غير مسبوقة لنظام الأسد، وزادت قواتها في البلاد لتنفيذ فظائع هائلة"، مشيرين إلى أن "التاريخ قد يعيد نفسه".
أعرب النواب عن قلقهم من فشل الإدارة الحالية في تطبيق قانون العقوبات الأميركي على أحد أسوأ منتهكي حقوق الإنسان في العالم
كذلك أعرب النواب عن قلقهم من فشل الإدارة الحالية في تطبيق قانون العقوبات الأميركي على أحد أسوأ منتهكي حقوق الإنسان في العالم، الذي قتل نصف مليون شخص، كتنازل لإيران للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني الفاشل، وفق الرسالة التي أكد الموقعون عليها وزملاؤهم في "لجنة الدراسة الجمهورية" التزامهم التحقيق والكشف عن أي تخفيف للعقوبات يُقدَّم لإيران وحلفائها كجزء من جهود الإدارة الحالية لإعادة الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، بشأن الاتفاق النووي.
وطلب النواب من وزيري الخارجية والخزانة توضيحات حول ما تسرب عن نية إدارة بايدن تسليم النفط إلى نظام الأسد، وعن سبب رفض الإدارة الأميركية الحالية فرض أية عقوبات بموجب "قانون قيصر"، وعمّا إذا كانت الإدارة الأميركية الحالية قد انخرطت في أي محادثات أو تنازلات، أو وضعت أي خطط لرفع العقوبات، عن نظام الأسد.
وكان النواب الثلاثة الموقعون على الرسالة، قد طرحوا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مع 150 عضواً آخرَ في مجلس النواب الأميركي، مسودة مشروع قانون جديد إلى الكونغرس يتعلق بسورية، تحت عنوان "أوقفوا القتل في سورية"، وذلك قبيل انتهاء ولاية الرئيس السابق، دونالد ترامب، بهدف حظر اعتراف الإدارة الأميركية المقبلة بنظام الأسد كحكومة شرعية، أو الاعتراف بحق بشار الأسد في الترشّح لأي انتخابات مستقبلية في سورية، لكن المشروع لم يمر وقتها.
ويعتبر السيناتور جو ويلسون، أحد الموقعين على الرسالة، أحد أبرز منتقدي تعامل الإدارات الأميركية المتعاقبة في المسألة السورية، وأحد أبرز معارضي نظام الأسد وداعمي المعارضة السورية.