استأنف المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، اليوم الخميس، تحقيقاته بالاستماع إلى قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، بصفةِ شاهدٍ في القضية، على أن يمثلَ أمامه، الأسبوع المقبل، عددٌ من القادة الأمنيين والإداريين المرتبطين وظيفياً بالمرفأ وبالمواد التي تدخل اليه، وآخرين من الذين لم يستمع إليهم بعد في الملف.
وأوضح قائد الجيش السابق، في بيان صادر عن مكتب وكيله القانوني المحامي كريم بقرادوني، أنه حضر، اليوم، كشاهدٍ في ملف كارثة انفجار مرفأ بيروت، وأكد أن الجيش قام ويقوم بكل واجباته عملاً بالقوانين المرعية الإجراء والتعليمات الداخلية في المؤسسة العسكرية، وشدد على أنه تحت سقف القانون والقضاء.
وذكر قهوجي، أمام القاضي صوان، أن قيادة الجيش تبلّغت من مديرية الجمارك العامة في مرفأ بيروت كتاباً في أواخر العام 2015، سأل فيه عمّا إذا كان الجيش بحاجة إلى مادة نترات الأمونيوم الموجودة في المرفأ، في العنبر رقم 12، فأحيل الملف إلى مديرية العتاد التي بادرت إلى الكشف على أكياس نيترات الأمونيوم، وأجرت التحليل المخبري اللازم.
وأفادت القيادة، بحسب قهوجي، بأن "الجيش ليس بحاجة إلى المادة المذكورة، نظراً لكميتها الكبيرة جداً، ومحدودية استعمالها، ولكونها تتحلّل مع مرور الزمن، ما يشكل خطورة عند تخزينها لمدّة طويلة، إضافة إلى أنه لا تتوافر أمكنة شاغرة لتخزينها ولا قدرة على إتلافها أو التخلّص منها. وبناءً عليه، ردّت قيادة الجيش على مديرية الجمارك بموجب كتابٍ بتاريخ 7 إبريل/نيسان 2016، أفادت فيه بأنها ليست بحاجة إلى مادة نيترات الأمونيوم، وأنه يمكن التواصل مع (الشركة اللبنانية للمتفجرات – مجيد الشماس)، لتبيان إمكانية الاستفادة من المادة المذكورة، وفي حال عدم رغبتها بذلك، إعادة تصديرها إلى بلد المنشأ على نفقة مستورديها".
من جهة ثانية، تقدّم المحامون طارق الحجار، مازن حطيط، حسام الحاج، فاروق المغربي، اليوم الخميس، بصفتهم المدعين عن المتضرّرين الأجانب من الفئات المهمشة والذين قضوا بالانفجار، بمذكرة أمام القاضي فادي صوان، طلبوا فيها الاستماع إلى ممثلين عن شركة "سافارو ليمتد" البريطانية، حاليين وسابقين، لصلات محتملة لها بانفجار مرفأ بيروت.
وقال المحامي طارق الحجار، لـ"العربي الجديد"، إنّ المذكرة "أتت بعد البحث والتدقيق، والنتائج التي أظهرت وجود رابط بين (سافارو) وبعض الشركات الوهمية، وخصوصاً أنّ هذه الشركة وقعت العقد بشراء شحنة نترات الأمونيوم التي أتت إلى لبنان".
وأشار الحجار إلى أن المحامين راسلوا مكتب تسجيل الشركات في لندن "كومباني هاوس"، وقدموا في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، اعتراضاً على حلّ شركة "سافارو ليمتد"، خشية من أن تفضي هذه الخطوة إلى هرب أحد المتهمين، وتبلغوا في 6 فبراير/شباط الجاري، بقرار تجميد شطب الشركة لغاية 6 أغسطس/آب المقبل، وطالبوا بالاستعلام عن المالكين الحقيقيين أو الوهميين للشركة والمفوّض بالتوقيع عنها، بعدما تبيّن أن هناك فقط ممثلين عن الشركة لا مالكين، ومن ثم طلبوا الاستماع أيضاً إلى ممثلي الشركة، الحالية مارينا بسيلو، والسابقة غريتا بيليان.
وأضاف الحجار: "زوّدنا المحقق العدلي بعناوين الممثلتين، لمعرفة علاقتهما بالمالكين الحقيقيين، خصوصاً أن الشبهات كبيرة، وهناك شركات عدّة، ومعلومات كثيرة تتقاطع مع شركة (سافارو)، منها شركات مفروضة عليها عقوبات دولية وأميركية، وضممنا المستندات التي بين أيدينا إلى الملف، وسلمناه قرار مكتب الشركات في لندن، وهو بمثابة السجل التجاري في لبنان، والمبلَّغ من قبل المدير المسؤول عن تصفية الشركات، ووضعناه في هذه الأجواء ليقوم بواجباته ويطلب استجواب ممثلي الشركة، باعتبار أن الموضوع لم يعد مجرد تفصيل، بل باتت لدينا معطيات جدية بأن شحنة نيترات الأمونيوم لم تدخل بالصدفة إلى لبنان".
وتابع: "هناك شركات وهمية، مثل (ألفا كوميرس ليمتيد)، ومنها يغطي شركات عاملة أوصلت النيترات إلى لبنان بطريقة مشبوهة، وبشكل محترف، ونحن ننتظر المحقق العدلي أن يتخذ موقفا من المذكرة".
من جهة ثانية، أفادت معلومات بأن محكمة التمييز الجزائية أنهت تبليغاتها في ما يخص طلب نقل الدعوى للارتياب المشروع الذي قدّمه الوزيران السابقان، النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، ومن المتوقع أن تبتّ بالطلب في خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط ترجيحات بأن ترد محكمة التمييز الطلب لأسباب كثيرة، أهمها صعوبة تعيين بديل عن صوان، خصوصاً في الظروف الراهنة التي تمرّ بها البلاد، و"التشنج السياسي الحكومي"، وما يتطلبه ذلك من مرسوم وزاري.
ويرى المحامي الحجار أن "على محكمة التمييز مع انتهائها من التبليغات، وفور ورود الأجوبة من قبل جميع أفرقاء الملف، من مدعين ومدعى عليهم، أن تبت سريعاً بالطلب"، لافتاً إلى أن المحامين "سبق أن تقدموا بمذكرة جوابية مفنّدة، ردوا من خلالها طلب نقل الدعوى للارتياب المشروع، لأنه غير قانوني، ولم ينتظروا أن يصل إليهم التبليغ لأنهم على علم بالإجراءات التي تتأخر والتبليغات التي هي جزء من المماطلة"، مشدداً على أنّ "التحقيقات للأسف بعد مرور 6 أشهر على الانفجار لا تزال في دائرة الإهمال الوظيفي، في تسخيف للتحقيقات التي لم ترتقِ بعد إلى المستوى المطلوب ولا تزال بطيئة، في ظل تكتم شديد، تخرقه تسريبات إعلامية أحياناً، للتصويب على المحقق العدلي، والدفاع عن مدعى عليهم، أو العكس".