أعلنت السلطات الروسية، اليوم السبت، أنّ انفجار شاحنة ملغومة سبّب سقوط قتلى واندلاع حريق وانهيار جزء من جسر يربط شبه جزيرة القرم بأراضيها، وهو شريان إمداد رئيسي لجهود موسكو الحربية المتعثرة في جنوب أوكرانيا.
وقالت اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب إنّ شاحنة مفخخة سبّبت اشتعال النار في سبع عربات سكة حديد تحمل الوقود، ما أدى إلى "انهيار جزئي في قسمين من الجسر". ولم توجه اللجنة اللوم لأحد على الفور.
ويحتوي الجسر على أقسام للقطارات والسيارات. وأوضحت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، أنّ الانفجار والحريق أديا إلى انهيار قسمين في إحدى وصلتي جسر السيارات، فيما بقي رابط آخر سليماً.
WATCH: The Crimean Bridge, which connects Russia and Crimea, is on fire and has partially collapsed pic.twitter.com/EGaGF0Eb25
— BNO News (@BNONews) October 8, 2022
وأوقفت السلطات حركة قطارات الركاب عبر الجسر حتى إشعار آخر. وأُبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانفجار، وأمر بتشكيل لجنة حكومية للتعامل مع حالة الطوارئ.
ولاحقاً، أفادت لجنة التحقيق الروسية في بيان "بحسب المعلومات الأولية، قتل ثلاثة أشخاص"، رجّحت بأن يكونوا "ركاب سيارات كانت قرب الشاحنة المنفجرة".
وذكرت وكالة الإعلام الروسية، في وقت سابق، أنّ النيران اشتعلت في صهريج للوقود على جسر كيرتش في شبه جزيرة القرم، في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت، فيما أفادت وسائل الإعلام الأوكرانية بوقوع انفجار.
وعُلِّقَت حركة مرور السيارات والقطارات على الجسر الذي افتتح في عام 2018 ليربط شبه جزيرة القرم بشبكة النقل الروسية.
وقالت وكالة الإعلام الروسية، في وقت سابق اليوم، نقلاً عن مسؤول محلي، إنّ "النيران اندلعت في صهريج للوقود على أحد قطاعات الجسر".
وذكرت وسائل الإعلام الأوكرانية أن انفجاراً وقع على الجسر حوالي الساعة السادسة صباحاً (03:00 بتوقيت غرينتش).
ونشر مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخائيل بودولياك، صورة للجسر المحترق والمدمّر عبر "تويتر"، قائلاً إنّه يجب تدمير كلّ ما هو غير شرعي، وإعادة كلّ ما هو مسروق إلى أوكرانيا، واسترجاع كلّ ما احتُل، مضيفاً أن هذه هي البداية.
Crimea, the bridge, the beginning. Everything illegal must be destroyed, everything stolen must be returned to Ukraine, everything occupied by Russia must be expelled. pic.twitter.com/yUiSwOLlDP
— Михайло Подоляк (@Podolyak_M) October 8, 2022
غضب أنصار الحرب
وأثار الانفجار الذي استهدف الجسر غضب المدوّنين المؤيدين للعملية العسكرية في أوكرانيا، بعد أن أبدوا في الأسابيع الماضية استياءً بالغاً من بطء سير التقدم العسكري الروسي، وعجز موسكو عن حسم المعركة لصالحها وتراجعها على أكثر من جبهة.
وانتقد المدون الروسي الأوكراني الأصل والداعم للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، يوري بودولياكا، على قناته على "تلغرام"، التراخي الروسي في شن ضربات على البنية التحتية الحيوية الأوكرانية، مثل محطات توليد الكهرباء والجسور فوق نهر دنيبر.
وكتب بودولياكا على قناته "العالم اليوم مع يوري بودولياكا" البالغ عدد متابعيها نحو 2.7 مليون: "هناك "إنسانيون" لا يريدون شن ضربات على البنية التحتية الحيوية لنظام كييف، وهناك ممارسون، أي هذا النظام ذاته في كييف، يقودون حرباً على نطاق كامل من دون النظر إلى شيء".
وأضاف تعليقاً على مقطع فيديو يظهر اشتعال الجسر: "تظهر هذه اللقطات نتيجة عمل الممارسين (نظام كييف ذاته). تظهر لقطات إحدى الحارات (بضعة مقاطع منها) أنه لم يعد هناك جسر للسيارات في القرم، وتم إلحاق ضرر بالحارة الثانية".
وتابع: "من البديهي أن هذا سيزيد من الصعوبات اللوجستية في القرم والاتجاه الجنوبي للعملية العسكرية الخاصة بأسره، ويبدو أن هذه مقدمة للضربة الرئيسية للقوات المسلحة الأوكرانية في الجنوب". ورأى بودولياكا أنه "إذا لم يلِ ذلك غوص أوكرانيا في الظلام خلال الأيام القليلة المقبلة، ولم يتم شن ضربات على الجسور فوق دنيبر، فسأعتبر ذلك مؤشرا لـ..."، مفضلاً وضع ثلاث نقاط من دون ذكر أي كلمة خارجة صراحة عن النص.
بدوره، سخر وزير دفاع "جمهورية دونيتسك الشعبية" المعلنة من طرف واحد سابقاً، إيغور غيركين، من الهجمات التي كان يحذّر منها منذ أشهر، معتبراً إياها بمثابة "هدية" للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بمناسبة إتمامه عامه الـ70 أمس الجمعة.
وكتب غيركين، وشهرته "ستريلكوف"، على قناته على "تلغرام": "قدّم الشركاء المحترمون في كييف أفضل تهنئة لفلاديمير فلاديميروفيتش بمناسبة يوبيله. دمرت الألعاب النارية الاحتفالية حارة كاملة لجسر السيارات، وألحقت ضرراً بجسر السكة الحديدية".
جسر القرم في سطور
بعد ضمها شبه جزيرة القرم في عام 2014، واجهت روسيا تحدي ربطها براً بباقي أقاليم روسيا، لتبدأ المرحلة الرئيسية من أعمال البناء في عام 2016. وفي مايو/أيار 2018، افتتح بوتين جسر القرم، البالغ طوله 19 كيلومتراً والرابط بين إقليم كراسنودار والقرم، أمام حركة السيارات.
وأثار افتتاح الجسر تنديد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والرئيس الأوكراني آنذاك، بيترو بوروشينكو، المعروف بمواقفه المتشددة حيال موسكو.
وفي وقت لاحق، تم فتح الجسر أمام حركة الحافلات والشاحنات، وصولاً إلى القطارات في نهاية عام 2019، ولكنه بات مهدداً بعد دخول روسيا وأوكرانيا في مرحلة الحرب المفتوحة في نهاية الشتاء الماضي.