قال المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باثيلي، اليوم الجمعة، إن "التقدم على الصعيد السياسي محدود جداً في ليبيا"، داعياً إلى "الضغط على القيادة السياسية في البلاد بشأن الحاجة الملحة للتوصل إلى قاعدة دستورية يجري الاتفاق عليها بين رئيسي مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة".
وأوضح باثيلي، خلال إحاطته الدورية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، أنه "نتجت عن العمل على المسار الأمني بعض الإنجازات البارزة، ويعطي المسار الاقتصادي بعض الزخم الذي يمكن البناء عليه. ومع ذلك، فإن المسار السياسي يظهر القليل من بوادر التقدم".
وشدد المبعوث الأممي على "ضرورة ممارسة مجلس الأمن والدول الأعضاء الضغط على القادة السياسيين في ليبيا، بشأن الحاجة الملحة للانتهاء من وضع أساس دستوري".
ولفت إلى أنه "لم يعد الخلاف المستمر بين رجلين، رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى، خالد المشري حول عدد محدود للغاية من أحكام الأساس الدستوري، بمثابة تبرير لاحتجاز دولة بأكملها كرهينة. صبر شعب ليبيا ليس بلا حدود".
SRSG Abdoulaye Bathily’s Remarks to the Security Council Meeting on Libya: https://t.co/VXaJiEif2R pic.twitter.com/jUyqLX0ztq
— UNSMIL (@UNSMILibya) December 16, 2022
كما حذر من عدم التوصل لاتفاق بين المؤسستين بشكل سريع، قائلاً إنه في حال لم يحدث هذا فينبغي "استخدام آليات بديلة للتخفيف من المعاناة التي تسببها إجراءات سياسية مؤقتة ومفتوحة عفا عليها الزمن".
وشدد على الحاجة "إلى التفكير بشكل خلاق في طرق تضمن تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية متوازية، حرة ونزيهة وشفافة، على أن يتم إجراؤها في ظل إدارة موحدة ومحايدة، وأن يستقيل أولئك الذين يرغبون في الترشح من وظائفهم الحالية لضمان تكافؤ الفرص".
كذلك شدد على ضرورة محاسبة "الأفراد والكيانات الذين يتصرفون أو يدعمون الأعمال التي تمنع أو تقوض إجراء الانتخابات. وهذا ينطبق على الأفعال المرتكبة قبل وأثناء وبعد الانتخابات".
من جهته، حمّل السفير الليبي للأمم المتحدة، طاهر السني، مجلس الأمن والمجتمع الدولي جزءا من المسؤولية عن احتدام الوضع في ليبيا.
وقال: "يصادف الأسبوع المقبل مرور عام على الموعد الذي كان مقرراً لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الـ24 من ديسمبر الماضي. كان الجميع يتطلع لعملية انتخابية وعرس ديمقراطي لعله يخرجهم من دوامة الصراع التي استمرت لسنوات. وأن تكون بداية لإنهاء كافة المراحل الانتقالية السابقة، ولكن للأسف ومع تعذر انعقادها لأسباب أصبحت معلومة للجميع".
وأضاف: "وقف هذا المجلس (الأمن الدولي) عاجزاً أمام ذلك. هذا وعلى الرغم من سيل البيانات والقرارات الصادرة التي ناشدت هذا الاستحقاق، إلا أن المجلس لم يستطع تحديد المعرقلين والمسؤولين محلياً أو دولياً ومن كان وراء إفشالها".
وتحدث عن "فقدان الأمل وفتح الباب أمام المبادرات المحلية والدولية والتي تعارضت مع بعضها البعض إلى أن وصل الوضع إلى انقسام سياسي حاد من جديد وجمود في العملية السياسية".
وتساءل السفير الليبي ما إذا كانت هناك فعلاً جدية "بالعمل معاً للخروج من الحلقة المفرغة؟ اليوم استمعنا لبياناتكم، والقاسم المشترك بينها أنها مجرد سردية للأحداث ومجرد تشخيص دون علاج".
وشدد على ضرورة "احترام صوت الشعب الليبي وملكيته وقيادته للحل ورغبته في إنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار، كما دعم الجهود والمبادرات الوطنية للتوافق على القاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية لإجراء الانتخابات العامة في أقرب وقت ممكن".
ودعا مجلس الأمن لدعم "المبادرات والحوارات الوطنية التي تسعى لجمع الأطراف الليبية المختلفة على طاولة واحدة في الداخل، والتي كان آخرها المبادرة السياسية للمجلس الرئاسي لرعاية حوار يجمعه مع مجلسي النواب والدولة للتشاور حول الإطار الدستوري وجدول زمني محدد يتم فيه تضمين رؤى القوة الوطنية والأحزاب السياسية وتترجم رغبة الليبيين لإنجاز الاستحقاق الانتخابي في أقرب وقت".
وشدد على ضرورة استمرار دعم اللجنة العسكرية المشتركة، مجدداً التحذير من "تلاعب بعض الدول ومحاولتها المتكررة لوضع اليد والحجز على أموال الليبيين وأصولها المجمدة، والتابعة للمؤسسة الليبية للاستثمار".
وقال أيضاً: "من المفترض أن تجميد تلك الأموال والأصول كان أساساً للحفاظ عليها، وليس استغلال الأزمة الراهنة لنهبها ومحاولة استخدامها من أجل تسويات قضائية أو تعويضات حيث إن هذا مخالف لقرارات المجلس".
وذكّر بطلب "بلاده رفع أسماء مواطنين مدرجين في قائمة العقوبات، سواء لدواع إنسانية أو لانتهاء سبب وضعهم على القائمة بعد كل هذه السنوات".
وأضاف: "نحن نتحدث عن طلب دعم المجتمع الدولي لجهود المصالحة الوطنية وإعادة بناء الثقة بين الليبيين، وهذه من وجهة نظرنا إحدى هذه الخطوات العملية ولا يجب تسييس هذا الملف".
وشدد المندوب الليبي على أن حل الأزمة الليبية يبقى في إنهاء التدخلات الخارجية واحترام السيادة الوطنية، والتزام جميع الأطراف باستكمال كافة الاستحقاقات المطلوبة ووجود إرادة دولية حقيقية لدعم الشعب الليبي والحل.
وتشهد ليبيا أزمة سياسية تتمثل في صراع على السلطة بين حكومة عيّنها مجلس النواب الليبي برئاسة فتحي باشاغا تتخذ من شرق البلاد مقراً لها وحكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبدالحميد الدبيبة وتتخذ من طرابلس مقراً لها.
وتجري الأمم المتحدة جهوداً لحل تلك الأزمة، عبر مبادرة شكلت بموجبها لجنة مشتركة تسعى للتوافق على قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات تجدد شرعية الأجسام الحالية وتنهي المرحلة الانتقالية التي طال أمدها.