تلقى الرئيس اللبناني ميشال عون اتصالاً من الرئيس الأميركي جو بايدن هنأه خلاله على انتهاء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، وذلك وفق ما أعلن بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، لافتاً إلى أن "المفاوضات للتوصل إلى الاتفاقية كانت صعبة، وستساهم في تحسين حياة الملايين من الأشخاص في لبنان".
وأكد بايدن للرئيس عون "وقوف الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب لبنان لتحقيق الاستقرار وتمكينه من تعزيز اقتصاده والاستفادة من ثرواته الطبيعية".
وقال بايدن وفق ما نقلت الرئاسة اللبنانية عن لسانه إن ما حصل "فرصة أيضاً لإعادة واستعادة الاستثمارات الأجنبية والخارجية في لبنان والتي أنتم في أمسّ الحاجة إليها، وهذا سيساعدكم أيضاً على تعزيز فرص استغلال واستكشاف النفط والغاز في بلادكم لتحسين حياة الملايين من شعبكم".
وأضاف أن "تنفيذ هذه الاتفاقية بحسن نية سوف يكون أمراً رئيسياً ويلعب دوراً أساسياً في تحقيق النجاح، ونحن دائماً موجودون لمساعدتكم في أي وقت تحتاجون فيه إلى المساعدة، وسنتأكد من التزام اسرائيل بجميع التزاماتها بموجب هذه الاتفاقية".
الرئيس عون تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي جو بايدن هنأه خلاله بانتهاء المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية ومؤكداً وقوف الولايات المتحدة الى جانب لبنان لتحقيق الاستقرار وتمكينه من تعزيز اقتصاده والاستفادة من ثرواته الطبيعية
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) October 11, 2022
من جهته، أثنى الرئيس اللبناني على "الدور الذي قام به الوسيط عاموس هوكشتاين وفريقه والجهد الاستثنائي الذي بذله معنا ومع أعضاء فريق عملنا، والأسلوب المميز الذي عمل من خلاله، من منطلق أنه لا يجب أن يكون هناك رابح أو خاسر، وقد أوصلنا إلى هذه الاتفاقية التاريخية"، مشيراً إلى أن "تاريخ منطقتنا يذكر الصراعات والحروب أكثر مما يذكر اتفاقيات مثل هذه تعود بالسلام والازدهار والرفاهية لشعبه".
وأكد عون للرئيس الأميركي أن "لبنان وشعبه يعوّلان على اهتمامكم ودعمكم المتواصلين لحل الأزمة الاقتصادية ولحسن تطبيق هذه الاتفاقية من أجل أن نترك أملاً ومستقبلاً واعداً لشبابنا ومن أجل أن يحلّ الاستقرار في منطقتنا".
كذلك، عبر بايدن عن أمله أن "تجرى الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد وبموجب الدستور، وأن تتمكنوا من تأليف حكومة قادرة على استعادة ثقة شعبها قبل كل شيء، وقادرة أيضاً على تحقيق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية اللازمة للبلاد، وأن تعتمد مبدأ الحوكمة الجيدة لإنقاذ البلاد، وهذه الاتفاقية هي مجرد بداية لتحقيق كل هذه الأمور".
من جهته، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعد لقائه مساء اليوم الرئيس عون بحضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب أن العرض النهائي الذي تسلمه لبنان من الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين جرت الموافقة عليه باللغة الإنكليزية، وتتم دراسته لدى الرئيس عون باللغة العربية حالياً.
وكان المكتب الإعلامي للرئاسة اللبنانية عمّم على الصحافيين بأن الرئيس عون سيطلّ بكلمة على اللبنانيين مساء اليوم، قبل أن يعود ويعلن تأجيلها.
كذلك، شكر ميقاتي الفريق اللبناني الذي ساهم في دراسة الاتفاق، كما الإدارة الأميركية والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالذات، لما قاموا به مع شركة توتال التي حصل معها اجتماع صباحاً وتم الاتفاق على البدء بمراحل التنقيب فور الاتفاق النهائي.
وضمن مواقف أولية وضعت في إطار الموافقة المبدئية غير النهائية، اعتبرت الرئاسة اللبنانية الصيغة النهائية لترسيم الحدود البحرية التي تسلمتها منتصف ليل الاثنين الثلاثاء من الوسيط الأميركي "مرضية للبنان وتلبي المطالب اللبنانية"، مع الإشارة إلى أن الموافقة الرسمية النهائية الكاملة لم تصدر بعد قبولاً أو رفضاً، وسط ترقب أيضاً للإعلان الإسرائيلي الرسمي.
وأكد المسؤولون اللبنانيون أن لبنان "نال كل حقوقه، من حقل قانا، وحصته فيه على الجبهتين، ولن يكون هناك لا شراكة بين لبنان وإسرائيل ولا تقاسم ثروات مباشرة، على أن يأخذ الجانب الإسرائيلي تعويضاته من شركة "توتال" الفرنسية، تبعاً لاتفاق يجري بينها، وليس من الحصة اللبنانية، وهذه كانت من النقاط الخلافية التي حلّت".
واشنطن تنظر بإيجابية
في سياق متصل، قال مصدرٌ دبلوماسي أميركي لـ"العربي الجديد" إن "الولايات المتحدة تنظر بإيجابية إلى المواقف الأولية الصادرة عن الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وتأمل ألا يكون هناك مزيد من العراقيل، نظراً لأن الاتفاق بصيغته الأخيرة يحقق مصالح الطرفين، والأهم يؤمن الاستقرار الاقتصادي والأمني".
وأشار المصدر الأميركي (فضل عدم الكشف عن هويته)، إلى أن "أميركا تتطلع إلى أن يتعاطى المسؤولون اللبنانيون بشفافية مع الملف، ولا سيما مع دخول شركة توتال الفرنسية على خطّ المفاوضات، وتأكيدها التعاون السريع في ظل الضائقة الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان، وحاجته إلى ثرواته النفطية".
ولفت إلى أن الإدارة الأميركية تأمل أن تنعكس الأجواء الإيجابية على جميع الاستحقاقات اللبنانية المنتظرة، في مقدمها الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة جديدة لأن مثل هذا الاتفاق يتطلب وجود مؤسسات دولة قائمة وكاملة الصلاحيات".
وإذ نوّه بالمناخ الإيجابي الذي من شأنه أن يمنحه الاتفاق للبنان، اقتصادياً، لفت المصدر إلى أن "أمام لبنان ملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي، الذي ينتظر أن يستكمل ويكون له أيضاً خواتيم سعيدة، وذلك عندما يقوم المسؤولون اللبنانيون بالإصلاحات التي تعهدوا بها يوم تمّ التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء في إبريل/نيسان الماضي مع صندوق النقد الدولي".
على الجبهة الفرنسية، أشارت مصادر في السفارة الفرنسية في بيروت لـ"العربي الجديد" إلى أن "الموعد النهائي لزيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى لبنان لم يحدد بعد ولم يتم تأكيد الزيارة حتى الساعة"، مشيرة في المقابل، إلى أن "فرنسا تتطلع بإيجابية كبيرة إلى ما حصل اليوم، وهي كان لها دور أساسي في ملف ترسيم الحدود وإزالة بعض العراقيل التي كانت عالقة، خصوصاً فيما خصّ العلاقة مع شركة توتال، وحصص كل طرف وربط المسائل المادية المتنازع عليها".
وأكدت المصادر أن "الرئيس الفرنسي سيتابع مسار الاتفاق والملف برمّته، الذي سيؤسس لمرحلة جديدة اقتصادياً، خصوصاً للبنان الذي يرزح تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية، وهناك آمال فرنسية تبنى على التعاطي بشفافية مع الملف، الذي يجب أن يخدم الشعب اللبناني بالدرجة الأولى"، كما تأمل المصادر التزام لبنان بالاستحقاقات المنتظرة لما فيه من ضمان لاستقرار البلد على الأصعدة كافة".
وكان ميقاتي أمل في تصريح له اليوم أن يصل ملف ترسيم الحدود البحرية إلى نهايته في وقتٍ قريب، بعدما نجحت الجهود التي قام بها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين في التوصل إلى مسودة اتفاق تحفظ الحقوق اللبنانية.
واجتمع ميقاتي بحضور وزير الطاقة وليد فياض مع وفد من "توتال" الفرنسية، طالباً من ممثلي الشركة المباشرة بالإجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية فوراً.
وقال وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض بعد الاجتماع إن "الحديث كان إيجابياً جداً فيما يتعلق بالتطورات الحاصلة على ملف الترسيم، وإن شاء الله يصل هذا الملف إلى خواتيمه الإيجابية لمصلحة لبنان".
وأوضح فياض أن "الأمور اللوجستية يلزمها وقت، ولكن ستبدأ الأعمال فوراً، والشركة تأخذ الأمر بجدية ولا ضرورة للسلبية في التعاطي معها".
بدأت مطالب في البرلمان اللبناني تخرج إلى العلن للاطلاع على تفاصيل العرض الأميركي وعرضه للرأي العام
في المقابل، بدأت مطالب في البرلمان اللبناني تخرج إلى العلن للاطلاع على تفاصيل العرض الأميركي وعرضه للرأي العام خصوصاً أن المعلومات تقتصر على التسريبات والمواقف المقتضبة.
وقال حزب الكتائب اللبنانية برئاسة النائب سامي الجميل في بيان إن "الاتفاق الذي فاوض عليه حزب الله وحلفاؤه من دون إطلاع ممثلي الشعب اللبناني عليه لا يجوز أن يهرب تهريباً بل لا بد من إحالته إلى مجلس النواب الذي تناط به الموافقة على هذا النوع من الاتفاقات بالاستناد إلى المادة 52 من الدستور، التي تشير حرفياً إلى أن المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب".