انطلقت، صباح اليوم الثلاثاء، الجلسة الافتتاحية للاجتماع التشاوري لأعضاء مجلس النواب الليبي بشقيه، طرابلس وطبرق، بمدينة طنجة المغربية، في ظل أجواء تفاؤل بإمكانية إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسة التشريعية.
ويُنتظر أن يناقش الاجتماع التشاوري، الذي سيعقد على امتداد ثلاثة أيام بدعوة من رئيس مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) الحبيب المالكي، سبل حلحلة الخلافات القائمة وإنهاء حالة الانقسام الذي يعيشه المجلس بين نواب طرابلس الموالي للشرعية، وبرلمان مدينة طبرق، الموالي للواء المتقاعد خليفة حفتر.
وسيناقش نواب ليبيا الـ103، المشاركين في الاجتماع التشاوري، تحديد موعد ومكان انعقاد جلسة رسمية موحدة وكاملة النصاب خلال الأيام المقبلة، ليتمكن المجلس من القيام بالمهام المنوطة به، وتذليل الصعاب التي تقف عائقاً أمام العملية السياسية، ومواجهة الاستحقاقات المتمثلة أساساً في الحوار الليبي الذي ترعاه البعثة الأممية، والتوافق حول المناصب السيادية السبعة، وكذا الاستحقاقات الدستورية التي تسبق الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
واستبق نواب ليبيا الجلسة الرسمية للاجتماع التشاوري بعقد لقاءات تشاورية خلال اليومين الماضيين، في أحد الفنادق الفخمة بطنجة، من أجل تقريب وجهات النظر حول آليات توحيد المجلس وإنهاء حالة الانقسام.
ووصف النائب صلاح الحيمر عن دائرة سرت الكبرى، دائرة سدرة الفرعية، الأجواء في الاجتماع التشاوري بـ"الإيجابية جداً"، لافتاً، في تصريح للصحافة، إلى أن العديد من اللقاءات التشاورية حصلت قبل انطلاق الجلسة الافتتاحية من أجل جمع شمل مجلس النواب، والاتفاق على مدينة ليبية يمكن اللجوء إليها لعقد اجتماع رسمي لمجلس النواب تتخذ فيه العديد من القرارات المهمة، من أبرزها تعديل اللائحة الداخلية.
وأضاف: "إلى حدود هذه اللحظة الأمور إيجابية، وقد تمكنا من الوصول إلى العديد من نقاط التوافق بين جميع أعضاء المجلس، في انتظار أن يلتحق بنا في مدينة غدامس عدد أكثر من النواب الـ103 الحاضرين بمدينة طنجة، حيث سنتمكن، حينها، من اتخاذ القرارات، سواء تلك التي تحتاج إلى الأغلبية الموصوفة أو البسيطة".
وتابع: "كل ما نتمناه هو أن تستمر هذه الروح الإيجابية لدى أعضاء مجلس النواب، وأن نتمكن من جمع شمله من جديد، لأن الانقسام بدأ مباشرة بعد الانتخابات حين انقسم المجلس على نفسه، وإذا استطعنا جمع المجلس، فإن باقي المؤسسات ستعود إلى سابق عهدها وستُوحد".
في السياق، اعتبرت مصادر برلمانية ليبية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن التئام مجلس النواب اليوم يروم استكمال المرحلة الانتقالية، من خلال العمل على وضع قوانين الانتخابات ومراقبة الحكومة إلى حين الوصول إلى محطة الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وتسليم السلطة وبداية استعادة الدولة الليبية وبناء المؤسسات.
وأشارت المصادر إلى أن اجتماع طنجة محاولة للمّ شمل المجلس، ومواصلة العمل على توحيده، والترتيب لعقد جلسة رسمية داخل ليبيا يستطيع فيها المجلس اختيار قيادة جديدة، وذلك من أجل القيام بدوره خلال هذه المرحلة الحرجة، وعدم السماح لبعثة الأمم المتحدة بإبعاد مجلس النواب ومجلس الدولة عن القيام بدورهما التشريعي الدستوري".
وأضافت: "إذا كنا قد سمعنا في الأيام الأخيرة بعض الأصوات تقول إن هذا الاجتماع أملاه شعور النواب بالخطر، والرغبة في البقاء والحفاظ على مقاعدهم، فإن الأمر على خلاف ذلك، فاجتماع المجلس جاء في تناغم مع ما يحدث من تطورات في مختلف المسارات".
وتابعت "كان من اللازم أن يجتمع البرلمان لاستكمال المرحلة الانتقالية التي تتطلب وجوده، فهو حماية وضمان للجميع، كما أن كل ما يتفق عليه الليبيون يحتاج إلى من يمنحه الصفة الشرعية وهو ما يوفره وجود مجلس نواب موحد. وعلى كل، لا يمكن أن نتجاوز بأي حال من الأحوال المسار الديمقراطي".
إلى ذلك، وصفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الاجتماع التشاوري لنواب ليبيا بـ"الخطوة الإيجابية"، وقالت في بيان لها اليوم: "إنه لمن المشجع لنا في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا انعقاد الاجتماع التشاوري الموسع لمجلس النواب الليبي، والذي يبدأ اليوم في طنجة وتستضيفه المملكة المغربية. إن اجتماع مثل هذه المجموعة المتنوعة من البرلمانيين من أقاليم ليبيا الثلاثة تحت سقف واحد يمثل خطوة إيجابية مرحبّاً بها".
وأضافت: "لطالما دعمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وحدة مجلس النواب، ونأمل أن يفي المجلس بتوقعات الشعب الليبي لتنفيذ خريطة الطريق التي اتفق عليها ملتقى الحوار السياسي الليبي، من أجل إجراء انتخابات وطنية في 24 ديسمبر/كانون الثاني 2021".
ويأتي الاجتماع التشاوري للمجلس النيابي المنقسم بين طبرق وطرابلس، بعد أسابيع قليلة على نجاح تفاهمات مدينة بوزنيقة المغربية، التي تمت بين برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة الليبي، حول معايير تولي المناصب السيادية السبعة المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات عام 2015.
كما يأتي بعد أسبوعين من عقد ممثلي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبي جلسة تشاورية في مدينة بوزنيقة المغربية، انتهت بالتوصل إلى اتفاق بشأن آليات اتخاذ القرار بالحوار السياسي الذي عقد أخيراً في تونس.
وخلال الأشهر الماضية، عرف المغرب حراكاً ليبياً من خلال جلسات الحوار، التي انتهت بالاتفاق على معايير تولي المناصب السيادية السبعة المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات في عام 2015.