وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء، إلى الجزائر في زيارة يبحث خلالها مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون تعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية، إضافة إلى بحث مستجدات الحرب الإسرائيلية على غزة.
ويعد اللقاء بين تبون وأردوغان الرابع من نوعه في غضون عام، إذ كان الأول قد زار أنقرة في مايو/ أيار 2022، ثم التقى الرئيسان في يوليو/ تموز الماضي عندما توقف تبون في أنقرة قادما من بكين لتهنئة أردوغان بإعادة انتخابه رئيساً لتركيا، وجرى لقاء ثالث في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل لقاء اليوم في الجزائر.
وأكد الرئيسان، الثلاثاء، وجوب تحقيق وقف سريع لإطلاق النار في غزة، وشددا على ضرورة قيام دولة فلسطينية بما يضمن تحقيق سلام دائم في المنطقة.
وقال أردوغان في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الجزائري إن وزير خارجيته ومدير الاستخبارات التركية ينسقان مع الجانب القطري بشأن وقف إطلاق النار، "ونأمل أن نصل إلى نتائج في أقرب وقت ممكن، وتسهيل وصول المساعدات إلى سكان غزة".
ولفت الرئيس التركي إلى أن أنقرة يمكن أن تساعد في القيام بالخطوات اللازمة لتحقيق استقرار وسلام ودائم في المنطقة، وقال: "نحن على استعداد لتحمّل المسؤولية مع دول المنطقة لتحقيق السلام".
من جهته، شدد تبون على أن مسعى وقف إطلاق النار يمثل في الوقت الحالي أولوية، وقال "نحن أمام محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ووقف القتال سيسمح للعائلات باسترجاع نفسها بعد الممارسات البشعة للاحتلال"، مشيراً إلى أنه اتفق مع نظيره التركي "على وجوب تحرك مشترك يوقف العدوان واعتداءات المستوطنين، ويقود إلى محاكمة الكيان الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية".
وأضاف الرئيس تبون أن "الشرق الأوسط على فوهة بركان، وإذا لم تحل الأزمة ستتطور الأمور. أصبح ملحاً بشكل كامل إقامة الدولة الفلسطينية التي بدونها لن يتحقق السلام".
وجدد الرئيس الجزائري دعوته إلى القوى والفصائل الفلسطينية لتحقيق الوحدة واستكمال تنفيذ اتفاق الجزائر الموقع في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 بين 13 فصيلاً فلسطينياً.
من جانبه، قال عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الجزائري عبد السلام باشاغا لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأحداث الجارية في فلسطين ستلقي بظلالها لا محالة على هذه الزيارة"، مضيفاً أنه "أمام التقارب في وجهات النظر بين الرئيسين ينتظر من هذه الزيارة أن تعمل على توسيع التنسيق الدولي، ورص الجبهة الرافضة لهذا العدوان والحصار المطبق على قطاع غزة".
وأشار إلى إمكانية تأدية تركيا والجزائر دوراً مهماً مع النظام المصري لفتح معبر رفح بشكل كامل ومتواصل.
في الجانب الاقتصادي، سيشرف الرئيسان التركي والجزائري على منتدى رجال الأعمال الجزائري التركي، والذي يشارك فيه عدد من رجال الأعمال ومسؤولي الشركات الاقتصادية والصناعية من البلدين، لبحث فرص الشراكة والاستثمارات بين الجزائر وتركيا، حيث تطمح الجزائر لزيادة حجم الاستثمارات التركية إلى أكثر من حجمها الحالي المقدر بستة مليارات دولار.
وتبرز في سياق الزيارة التي تستمر 3 أيام، حزمة ملفات سياسية على صعيد العلاقات المشتركة، تخص بالأساس تعزيز هيئات التعاون السياسي، وتنسيق المواقف بشأن بعض أزمات منطقة شمال أفريقيا والساحل، ليبيا والنيجر ومالي، حيث تتطابق مواقف البلدين، سواء بالنسبة إلى مقاربة الحل في ليبيا عبر خيار الانتخابات، أو دعم استقرار دول الساحل واستبعاد النفوذ الفرنسي في المنطقة.
وقال المحلل السياسي العيد بكاري لـ"العربي الجديد" إن "هذه الزيارة يمكن أن ننظر لها من جانب إيجابي من حيث تطابق نظرة القائدين في ملف حرب غزة، لذلك تعتبر فرصة مهمة للتنسيق المشترك واتخاذ خطوات عملية تتجاوز الإدانة والاستنكار، بما يساعد على الأقل في وضع القرارات التي اتخذتها القمة العربية الإسلامية الأخيرة في السعودية موضع تنفيذ، خاصة ما يتعلق بكسر الحصار".
وأشار إلى أن "تطابق المواقف بين البلدين في القضايا الدولية والإقليمية بما فيها ليبيا والساحل، حيث تتقاطع مصالح كل من تركيا والجزائر في إزاحة الطرف الفرنسي من واجهة الأحداث الأفريقية بمالي والنيجر، ستعزز أكثر اندفاع البلدين نحو شراكة اقتصادية".