حدَّدَ المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، اليوم الاثنين، موعداً جديداً لجلسة استجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، على أن يُصار إلى تبليغه لصقاً.
وتنصّ المادة 148 من قانون أصول المحاكمات الجزائية في لبنان على أنه "إذا لم يكن للشخص المطلوب إبلاغه محل إقامة أو سكن أو إذا لم يجد مأمور التبليغ من يتبلَّغ عنه في محلّ إقامته أو سكنه فيجري تبليغه بإلصاق نسخة عن وثيقة التبليغ على باب سكنه الأخير بشكلٍ ثابتٍ وبتسليم نسخة ثانية عنها إلى المختار التابع له سكنه الأخير وبإلصاق نسخة ثالثة على باب المرجع القضائي الآمر بالتبليغ".
كذلك "على مأمور التبليغ أن يدوّن هذه الإجراءات على النسخة الأصلية من الوثيقة ويردها إلى مرجعها. وإذا لم يكن للمطلوب إبلاغه سكن أخير فيكتفي مأمور التبليغ بإلصاق نسخة عن وثيقة التبليغ على باب المرجع القضائي الآمر بالتبليغ".
وقد نصّت المادة 148 من القانون المذكور على أنه "إذا كان التبليغ موجهاً إلى شخص مقيم في بلدٍ أجنبي وتعذّر التبليغ، جاز للمحكمة أن تعتبر الشخص الموجه إليه التبليغ مجهول المقام ويجري تبليغه وفقاً لأحكام المادة 148 السابق ذكر مضمونها".
في حال تغيّب دياب عن الجلسة تبعاً للموعد الجديد وبعد تبليغه أصولاً، يمكن للمحقق العدلي أن يصدر مذكرة توقيف غيابية بحقّه
وكان من المفترض أن يمثلَ دياب اليوم أمام القاضي البيطار لاستجوابه كمدعى عليه بتهم "الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة وإيذاء مئات الأشخاص"، بيد أنه غادر إلى الولايات المتحدة الأميركية قبيل موعد الجلسة مستغلاً عدم صدور قرار منع سفر بحقه، في خطوة وضعها قانونيون في إطار الهروب إلى الخارج لعرقلة التحقيقات والإفلات من العقاب، خصوصاً بعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي وتصميم القاضي البيطار على استجوابه وعدم الأخذ بالكتاب المرسَل إليه من جانب دياب حول أن "المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو المرجع الصالح ولا صلاحية للقضاء في هذا المجال".
ويقول مصدرٌ قانوني في نقابة المحامين (من فريق الادعاء)، لـ"العربي الجديد"، إن "القاضي البيطار فضّل تحديد جلسة جديدة وتبليغ دياب وفق الأصول، وهو يسير وفق الآليات القانونية وبشكل تراتبي تدريجي، وفي حال تغيّب دياب عن الجلسة تبعاً للموعد الجديد وبعد تبليغه أصولاً، يمكن للمحقق العدلي أن يصدر مذكرة توقيف غيابية بحقّه وهذا خيارٌ محتملٌ". مع الإشارة إلى أن مذكرة التوقيف قد تصدر محلياً ودولياً أيضاً في حال بقيَ دياب في الخارج.
وسبق لرئيس الحكومة السابق حسان دياب، الذي غادر لبنان يوم الثلاثاء الماضي، أن صرّح من الطائرة بأنه لن يعود قبل أربعة أسابيع، رابطاً أسباب سفره بزيارة معدّة سلفاً لأولاده، مؤكداً من خلال أوساطه أنه لم يهرب وهو ليس فاراً من وجه العدالة بل مصممٌ على موقفه بأن المرجع الوحيد المختص هو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهو الذي يعتبره أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، كما الناشطون الحقوقيون، بمثابة مقبرة للقرارات وملاذ آمن للإفلات من العقاب، باعتبار أنه لا ينعقد منذ إنشائه في التسعينيات.
وبالتزامن مع مغادرته الأراضي اللبنانية، أصدر القاضي البيطار، الأسبوع الماضي، مذكرة إحضار ثانية بحق دياب بعد تعديل مكان إقامته إثر تشكيل حكومة جديدة ومغادرته السراي الحكومي. وعمل النائب العام التمييزي القاضي غسان الخوري على إحالتها إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي للتنفيذ.
وعلى صعيد وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس (ينتمي إلى تيار المردة برئاسة سليمان فرنجية)، الذي أصدر القاضي البيطار مذكرة توقيف غيابية بحقه الخميس الماضي بعد امتناعه عن حضور جلسة الاستجواب، فقد أكد مصدرٌ قانوني مطلع على الملف من جهة الدفاع عن فنيانوس، لـ"العربي الجديد"، أن "الردّ سيكون بالطرق القانونية وستكون لنا خطوة باتجاه القضاء وفق الآليات المتاحة والأصول المعمول بها".
ومن المتوقع أن يلجأ فريق الدفاع عن فنيانوس إلى دعوى الردّ أو المخاصمة بعد نيل الحكومة الثقة في البرلمان لأسباب ربطتها جهات قانونية بمحاولة كسب الوقت لتجميد التحقيقات حتى عودة مفعول الحصانات النيابية التي تعتبر معلقة بمجرد أن تنال الحكومة الثقة وحتى بدء دورة العقد الثاني لمجلس النواب، في أول ثلاثاء بعد 15 أكتوبر، أي 19 أكتوبر.
وبهذه الحالة يكون وزير الأشغال السابق قد واجه المحقق العدلي وسلك مسارا يأمل أن ينتهي بكف يد البيطار، وفي الوقت نفسه حمى الوزراء السابقين، النواب غازي زعيتر وعلي حسن خليل ونهاد المشنوق، المدعى عليهم في القضية، من أي إجراء قد يتخذه البيطار بحقهم في الفترة التي تكون فيها الحصانة النيابية التي يتلطّون خلفها معلَّقة.