وصل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى نيويورك حيث سيمثل، الثلاثاء، أمام محكمة لإبلاغه رسمياً بتوجيه تهم جنائية إليه في قضية دفع أموال لنجمة أفلام إباحية لشراء صمتها، في حدث غير مسبوق لرئيس أميركي سابق.
وحطّت الطائرة الخاصة التي أقلّت ترامب في مطار لاغوارديا آتية من فلوريدا بعد رحلة استمرّت ساعتين ونصف الساعة. ومن المتوقّع أن يمضي الرئيس السابق ليلته في برج ترامب على أن يتوجّه عصر الثلاثاء إلى محكمة مانهاتن.
وكانت لقطات تلفزيونية قد أظهرت موكبًا يغادر منزل ترامب في مارآلاغو عند الساعة 12:20 (16:20 بتوقيت غرينتش)، للتوجّه إلى نيويورك، المدينة التي صنع فيها الرئيس السابق اسمه وحيث يأمل في استغلال مثوله أمام المحكمة لاستثارة حملة تأييد لترشحه للانتخابات الرئاسية في العام 2024.
وحمل العشرات أعلامًا مؤيدة لترامب وأعلامًا أميركية واصطفوا على طول الطريق الذي مرّ فيه الموكب. وفي مطار بالم بيتش الدولي، استقلّ ترامب طائرته الخاصة وهي من طراز بوينغ 757، ولوّح للصحافيين خلال صعوده سلّمها.
وكتب على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشل" قبل دقائق من إقلاع الطائرة عند الواحدة ظهرًا (17:00 بتوقيت غرينتش) "متّجه إلى نيويوك. فلنجعل أميركا عظيمة مجددًا!!!"، وأضاف "هذه حملة اضطهاد. دولتنا التي كانت عظيمة في يوم من الأيام تتّجه إلى الجحيم!".
ووُضعت شرطة مدينة نيويورك في "حالة تأهب" قبل مثول ترامب أمام المحكمة.
وحذّر رئيس بلدية نيويورك إريك آدامز، الإثنين، من أنّ أيّ شخص في المدينة سيتوسّل العنف للاحتجاج خلال المحاكمة التاريخية للرئيس السابق سيتمّ "توقيفه ومحاسبته أيّاً كان". وقال آدامز خلال مؤتمر صحافي: "في الوقت الذي يفكّر فيه بعض مثيري الشغب بالمجيء إلى مدينتنا غدًا (الثلاثاء)، رسالتنا واضحة وبسيطة: (تحكّموا بأنفسكم)".
وقد يُصبح الجمهوري البالغ 76 عامًا أوّل رئيس، سابق أو حالي، يُوجَّه إليه الاتّهام بارتكاب جناية، وذلك على أعتاب الانتخابات الرئاسيّة التي يسعى ترامب إلى خوضها في 2024.
ووجّه المدّعي العام في مانهاتن ألفين براغ الذي يتبع مكتبه لقضاء ولاية نيويورك، التهمة رسميا إلى الرئيس السابق في قضية دفع مبلغ 130 ألف دولار لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد، لشراء صمتها قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
وفي إطار الإجراءات المتوقعة لتوجيه التهمة الجنائية له، سيخضع الرئيس الأميركي السابق لإجراءات الحجز المعتادة عبر أخذ بصماته والتقاط صورته التي قد تؤدي لواحدة من أشهر الصور الجنائية في العصر الحديث.
وترامب الذي يطمح للعودة إلى البيت الأبيض ندّد بهذا الاتّهام "الزائف والمخزي"، معتبراً إيّاه من تدبير الديمقراطيين، ووصف الملاحقات القضائية بحقّه بأنّها "حملة اضطهاد"، موجّهاً انتقادات للقاضي المكلّف النظر فيها.
وأمرت شرطة مدينة نيويورك التي تضمّ 36 ألف شرطي و19 ألف مدني، الجمعة، كلّ عناصرها وضبّاطها بالانتشار بلباسهم الرسمي على الطرق العامة ولمدة أسبوع، بحسب ما نقلت شبكة "أن بي سي" عن مصادر في الشرطة.
ولم ترد معلومات وافرة بشأن الإجراءات القضائية المتوقّعة، الثلاثاء، في مانهاتن حيث تتهيّأ الشرطة ووكالات إنفاذ القانون لتظاهرات احتجاجية وأخرى مضادّة.
وفي تصريح لوكالة "فرانس برس" من أمام برج ترامب، قال فيتو ديكيارا، وهو مناصر للرئيس السابق، ويبلغ من العمر 71 عاماً: "أعتقد أنّ الحزب الديمقراطي يفعل ذلك فقط للتدخّل في الانتخابات".
من جهتها، قالت ليا ستارلي، المقيمة في نيويورك: "أعتقد أنّ من الأهمية بمكان أن نفهم أنّ الأمر لا علاقة له بالتحيّز لأيّ طرف. الأمر له علاقة بالقضاء".
ورفض محامي ترامب جو تاكوبينا، الأحد، التّهم المرتقب توجيهها رسمياً لموكّله، ووصفها بأنها أشبه بسيناريو في "عالم مقلوب رأساً على عقب"، وقال في تصريح لشبكة "سي أن أن" الإخبارية الأميركية: "إنها قضية اضطهاد سياسي". لكنّ تاكوبينا أكّد أنّ موكّله يستعدّ للمواجهة.
والشاهد الأساسي في الملف هو المحامي السابق لترامب مايكل كوهين الذي أصبح عدوّه اللدود. وكوهين هو الذي دفع المبلغ لستورمي دانيالز عام 2016 وأعيد تسديده له لاحقا.
ليست القضية الوحيدة
وليست هذه القضية الوحيدة التي يواجهها ترامب. فهناك قضية الهجوم الذي شنّه حشد من أنصاره على مبنى الكابيتول في السادس من يناير/ كانون الثاني 2021.
ومن أبرز القضايا التي تلاحق الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتّحدة، الاتّهامات الموجّهة إليه بممارسة ضغوط على مسؤولين عن العملية الانتخابية في ولاية جورجيا في 2020، وتحقيق بشأن طريقة تعامله مع أرشيف البيت الأبيض.
والرئيس جو بايدن هو من الديمقراطيين القلائل الذين لزموا الصمت بهذا الصدد، والرئيس الديمقراطي الذي لم يطلق رسميا بعد حملة ترشيحه لولاية ثانية على يقين بأنّ أيّ تعليق يصدر عنه سيكون بمثابة سلاح للملياردير الجمهوري يؤكد نظريته حول تسييس القضاء.
والتفّ الجمهوريون صفا واحدا حول ترامب للرئاسة جاعلين منه، في مقابلاتهم وتغريداتهم وبياناتهم، ضحية. ومن بين هؤلاء خصمه المحتمل لنيل الترشيح الجمهوري رون ديسانتيس الذي ندّد بتهم "مخالفة لقيم أميركا".
لكنّ الجمهوري آسا هاتشينسون، الحاكم السابق لولاية أركنسا في جنوب الولايات المتّحدة والذي اعلن ترشحه، الأحد، للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لخوض السباق الرئاسي، طرح تساؤلات جدّية حول مثل هذه الاستراتيجية، داعيا ترامب إلى الانسحاب من السباق.
وقال الحاكم السابق: "أولاً، وقبل كل شيء، المنصب أهمّ من أيّ فرد. وبالتالي، من أجل المنصب الرئاسي، أعتقد أنّ هذه (اللائحة الاتهامية) ستشكّل تشتيتاً كبيراً له ويجب أن يكون قادراً على التركيز على العملية القضائية".
(فرانس برس)