اتهمت تركيا، اليوم السبت، خفر السواحل اليوناني باستهداف سفينة تحمل علم جزر القمر وإطلاق رصاصات باتجاهها من دون سقوط ضحايا، وذلك ضمن المياه الدولية في بحر إيجة.
وأصدرت قيادة خفر السواحل التركية التابعة لوزارة الداخلية بياناً، قالت فيه إنّ الحادثة وقعت في سواحل جزيرة "بوزجا أيضا" التابعة لولاية تشناق قلعة، عند ساعات الظهيرة، خلال حركة السفينة في المياه الدولية، وذلك عبر مركبين تابعين لخفر السواحل اليونانية.
وجاء في بيان خفر السواحل التركي: "وصلت معلومات بتاريخ 10 سبتمبر/أيلول عند الساعة 13:27 بالتوقيت المحلي (+3 ت.غ) عبر خدمة حركة السفن على بعد 11 ميلا بحريا، واستهدفت رصاصات سفينة تحمل علم جزر القمر، باسم (أناتوليان)، وهي من نوع رو-رو، من قبل مركبين تابعين لخفر السواحل اليوناني".
وأضاف البيان أنه "هرع مركبان تابعان لخفر السواحل التركي على الفور إلى موقع الحادثة، ولدى مشاهدة المراكب اليونانية قدوم المراكب التركية ابتعدت مسرعة من المنطقة".
وأكد البيان أنّ "عملية الاستهداف وإطلاق النار هذه تعتبر مخالفة للقوانين الدولية واستهدفت السفينة التي تضم على متنها 18 من طاقمها وهم 6 من مصر، و4 من الصومال، و5 من أذربيجان، و3 من تركيا، ولم تسفر عملية الاستهداف هذه عن سقوط أي ضحايا". وشدد البيان على أن "السفينة يرافقها حالياً مركبان من خفر السواحل التركية، وأن النيابة العامة في مدينة تشناق قلعة فتحت تحقيقاً بالحادثة".
وتزامن مع إعلان خفر السواحل التركي عملية الاستهداف هذه نشر وسائل إعلام تركية مشاهد مصورة من هاتف جوال أحد أفراد طاقم السفينة الأتراك، وتظهر سماع صوت إطلاق الرصاص من قبل مراكب تابعة لخفر السواحل اليونانية.
كما تضمنت المشاهد آثار إصابة نافذة السفينة وسقفها من الداخل برصاصات حيث تكسر زجاج النافذة بطلق ناري، كما يسمع صوت المتحدث باللغة التركية عن أن خفر السواحل اليونانية يهاجم سفينة "أناتوليان".
وتأتي هذه التطورات في ظل توترات تسيطر على العلاقات التركية اليونانية أخيراً، واتهامات متبادلة بين سياسيي البلدين بالاستفزاز والتصعيد، حيث تتهم تركيا اليونان بالتحرش بمقاتلاتها وخرق المجالين الجوي والبحري التركيين، فضلاً عن تسليح الجزر المتنازع عليها والتي يفترض أنها منزوعة السلاح.
في المقابل، تتهم اليونان تركيا بأنها تنتهك مجالها الجوي والبحري وتصعّد عسكرياً ضدها في تصريحات لا تتضمن نوايا سليمة، وأن أنقرة تسعى لعمل عسكري يستهدف الجزر، وهو ما يدفعها للدفاع عن نفسها.
وخلال الفترة السابقة، صدرت تصريحات على مستوى رفيع من تركيا، وعلى لسان الرئيس رجب طيب أردوغان، يتهم اليونان باحتلال الجزر، بعد أن كانت التصريحات السابقة تتكلم عن عدم شرعية تسليحها.
واعتبر وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس أنّ التصريحات التركية "عدوانية وتظهر النوايا لدى أنقرة"، مشيراً إلى أنه ستُقدّم شكوى إلى قيادة حلف شمال الأطلسي "ناتو" (الدولتان عضوان فيه) حول التصريحات التركية هذه.
وقالت وزارة الدفاع التركية، الأحد الماضي، إنّ التحرشات اليونانية العسكرية البحرية والجوية بنظيرتها التركية بلغت 1123 مرة خلال الأشهر الثمانية من العام الحالي، فيما بلغ مجموع التجاوزات في العام الماضي 1616 تجاوزاً وتحرشاً.
وكانت وزارة الدفاع التركية قد أفادت قبلها بأيام عن عزمها تقديم شكوى بحق اليونان إلى حلف الشمال الأطلسي "ناتو" بسبب تحرشها بالمقاتلات التركية في الأيام الأخيرة، وآخرها تحرش عبر منظومة صواريخ "إس 300" روسية الصنع.
ونفت اليونان في وقت سابق الاتهامات الموجهة إليها باستخدام منظومة "إس 300" الروسية في استهداف المقاتلات التركية، وفق ما نقل الإعلام عن مصادر وزارة الدفاع اليونانية، مشددة على عدم تفعيل المنظومة الروسية، ومؤكدة عدم وجود مناورات للناتو في المنطقة.
الخلافات الأساسية بين البلدين تتمحور حول الجزر البالغ عددها 18، التي أعطيت لليونان بشرط عدم تسليحها وفق اتفاقيتي لوزان 1923 وباريس عام 1946، والحدود البحرية في هذه المنطقة، وأدت الخلافات على الجزر إلى توقف الاجتماعات الاستكشافية التي كانت قد استكملت بعد توقف لسنوات، حيث عقدت 4 جولات استكشافية ما بين يناير/كانون الثاني 2021 وفبراير/شباط الماضي، مناصفة بين الدولتين، إذ بدأت اللقاءات الاستكشافية أول مرة عام 2004، واستمرت إلى عام 2016، وعقد خلالها نحو 60 لقاءً، لم تحقق أي تقدم.
ويبدو أنّ الأيام المقبلة ستشهد مزيداً من التوتر في بحر إيجة وشرق المتوسط في ظل الخلافات المستمرة بين أنقرة وأثينا، وفي ظل بحث حلف الناتو عن مزيد من الوحدة جراء التهديدات الروسية بعد الحرب الأوكرانية، وهو ما تحاول كل من تركيا واليونان الاستفادة منها، للظهور بأنها محقة أمام الأطراف الدولية وأمام حلف الناتو.