تعثر مساعي هوكشتاين وتعويل على اقتراح بايدن بشأن غزة لتهدئة جبهة لبنان

20 يونيو 2024
عاموس هوكشتاين خلال لقائه نبيه بري في بيروت، 18 يونيو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعدت الخلافات بين حزب الله وإسرائيل مع فشل مهمة المبعوث الأمريكي في تحقيق التهدئة، وسط تهديدات إسرائيل بتوسيع المعارك وإمكانية دعم أمريكي لإسرائيل، مما ينذر بحرب شاملة.
- حسن نصر الله يؤكد استعداد حزب الله للمواجهة ويهدد قبرص في حال دعمت إسرائيل، بينما تنفي مصادر لبنانية تلقي تهديدات مباشرة وتشير إلى سعي الولايات المتحدة للتهدئة.
- تهديدات نصر الله لقبرص تثير بلبلة دبلوماسية، لكن الخارجية اللبنانية تؤكد على قوة العلاقات مع قبرص، التي تشدد على موقفها الحيادي ودورها كجزء من الحل لتهدئة التوترات.

ارتفعت في الساعات الماضية الحرب الكلامية بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي على وقع تصاعد العمليات العسكرية المتبادلة على الحدود، ومغادرة المبعوث الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين "خالي الحلول"، بعد جولة مباحثات أجراها بين بيروت وتل أبيب ترافقت معها العديد من التسريبات والتحليلات التي تحدثت عن فشل المفاوضات، خصوصاً بعد فيديو "الهدهد" الذي بثّه الإعلام الحربي التابع للمقاومة في لبنان وفيه مسح دقيق ومركّز لمواقع استراتيجية في شمال فلسطين المحتلة، وما تبعه من تهديدات إسرائيلية بتوسعة المعارك.

ونقلت أكثر من وسيلة إعلامية محلية وأجنبية معلومات تحدّثت عن فشل مهمة هوكشتاين في التهدئة ومنع التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، واقتراب ساعة الحرب الشاملة، وقد ذكرت وسائل إعلام كلاماً عن مهلة أسبوعين أو ثلاثة أعطاها الوسيط الأميركي للبنان لخفض التصعيد ربطاً بمسار العملية الإسرائيلية في رفح، جنوبي قطاع غزة، بينما تناقل آخرون تسريبات عن أنّ موفد الرئيس الأميركي جو بايدن نقل إلى المسؤولين اللبنانيين أنّ الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل في حال شنها هجوماً على حزب الله إذا لم يجرِ التوصل إلى حل دبلوماسي.

في الإطار، نفى مصدران رسميان لبنانيان التقارير التي تحدّثت عن تهديدات مباشرة بالحرب نقلها هوكشتاين إلى المسؤولين في بيروت، أو إعلانه الوقوف إلى جانب الاحتلال في الحرب، وأكدا أنّ "هوكشتاين حذّر من خطورة الوضع، ومن أن سيناريو الحرب وارد عند الإسرائيليين، لكن الولايات المتحدة تعمل بكل الجهود الممكنة للتهدئة، وهناك تعويل كبير على اقتراح الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف إطلاق النار في غزة وانعكاسات نجاحه لبنانياً".

هوكشتاين يركز على أهمية اقتراح بايدن

وقال مصدرٌ مقرّبٌ من رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لـ"العربي الجديد"، إنّ "هوكشتاين لم يحمل أي جديد في زيارته لبيروت، لكنه ركز على أهمية اقتراح بايدن لوقف إطلاق النار في غزة، وانسحابه على لبنان"، لافتاً إلى أنّ "سياسة الولايات المتحدة الأميركية معروفة في المنطقة، ونعلم انحيازها لإسرائيل، لكن المبعوث الأميركي لم يتحدث مباشرةً عن دعم للاحتلال في حال الحرب، بل شدد على أن الإدارة الأميركية لا تريد الحرب، وتعمل مع شركائها في المنطقة على احتوائها ومنعها بالنظر إلى تداعياتها وتأثيراتها الشاملة".

وأشار المصدر إلى أنّ "هوكشتاين أكد أن مساعيه مستمرة ولن تتوقف، وهو بات يعلم أكثر من أي وقتٍ مضى أن جبهة لبنان مرتبطة بغزة، وأن وقفها يتصل بإنهاء العدوان على غزة، وأن الجهود الدولية يجب أن تنصبّ هناك، لا في بيروت، وأن المفاوضات في الملفات الأخرى مؤجلة لحين وقف العدوان"، لافتاً إلى أنّ "الوسيط الأميركي لم يذكر أي مهلة، لكنه تحدث عن أهمية عامل الوقت، وأن التأخير في الحلّ يعزز المخاوف من احتمال توسع المواجهات".

من جهتها، قالت أوساط حكومية لـ"العربي الجديد" إنّ "هوكشتاين لم يتحدث عن مهلة لوقف التصعيد، لكنه حذّر من خطورة المرحلة وضرورة الإسراع في إيجاد حلّ للتهدئة ووقف العمليات العسكرية، وتوقف عند أهمية نجاح اقتراح بايدن وانسحابه على الجبهة اللبنانية"، مشيرة إلى أنّ "الجانب الأميركي لا يريد الحرب، ويسعى لتفادي هذا السيناريو، ولا يزال يؤمن بإمكانية منع توسع المعارك".

وحول ما إذا كان هوكشتاين قد نقل إلى المسؤولين اللبنانيين دعم أميركا لإسرائيل في حال الحرب، اكتفت الأوساط بالقول: "لم نسمع كلاماً كهذا، وبكل الأحوال لبنان قال كلمته بأنه لا يريد الحرب، ولا يسعى لها، وإذا حصلت سيكون العدو الإسرائيلي هو البادئ بها، ولبنان في موقع الدفاع عن أرضه وشعبه".

في الإطار، رفع الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في خطابه أمس الأربعاء من حدّة رسائله إلى الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أنّ "اقتحام منطقة الجليل الأعلى احتمال يبقى قائماً وحاضراً في إطار أي حرب قد تفرض على لبنان"، وحذّر إسرائيل من الحرب المفتوحة بالقول إنّ "على العدو أن ينتظرنا براً وبحراً وجواً، وسنقاتل بلا ضوابط وقواعد وأسقف، ولن يكون هناك مكان في الكيان بمنأى عن صواريخنا ومسيّراتنا"، عارضاً بعض قدرات المقاومة العسكرية وقدرتها على الوصول إلى جميع الأهداف الإسرائيلية الاستراتيجية، كما امتلاكها معلومات دقيقة عن مواقع الاحتلال الإسرائيلي الحساسة.

وكرّر نصر الله التشديد على أنّ الحل الوحيد لوقف النار في جبهة لبنان هو وقف الحرب والعدوان على غزة، بينما برز في خطابه تهديد هذه المرّة للسلطات القبرصية بأنه سيتعاطى معها على أنها جزء من الحرب في حال فتح مطاراتها للاحتلال الإسرائيلي لضرب لبنان، الأمر الذي أثار بلبلة دبلوماسية وسياسية كبيرة.

بلبلة بعد تهديدات نصر الله لقبرص

في هذا السياق، تناولت وسائل إعلام لبنانية وعربية اليوم خبراً يفيد بتعليق قبرص منح تأشيرات السفر للبنانيين عقب تهديدات نصر الله، ما أثار بلبلة في لبنان ترافقت مع استنكار سياسي لمهاجمة قبرص وتعريض علاقات البلدين للخطر، ما دفع الخارجية اللبنانية إلى نفي الأخبار، والتأكيد أنّ الإقفال هو ليوم واحد، وكان محدداً سابقاً لأسباب إدارية تتعلق برفع سعر التأشيرة، على أن تعاود العمل بدءاً من الغد. وكانت السفارة القبرصية في لبنان قد أصدرت، في وقتٍ متأخر من مساء أمس الأربعاء، بياناً أشارت فيه إلى أن القنصلية لن تستقبل أي طلبات تأشيرة أو تصديقات في 20 يونيو/ حزيران 2024، وأنه يمكن استلام جوازات السفر والتصديقات خلال إظهار الإيصال الصادر عن القنصلية عند تقديم طلب التأشيرة.

وأصدرت الخارجية اللبنانية اليوم الخميس بياناً أكدت فيه أن "العلاقات اللبنانية القبرصية تستند إلى تاريخ حافل من التعاون الدبلوماسي، وأن التواصل والتشاور الثنائي قائم بوتيرة مستمرة ودائمة على أعلى المستويات بين البلدين بهدف التباحث في القضايا ذات المصالح المشتركة". وقال مصدر في الخارجية اللبنانية لـ"العربي الجديد": "هناك اتصالات حصلت مع الجانب القبرصي بعد خطاب نصر الله، الذي أكد أنه ليس منخرطاً في أي صراع، والوضع جيد ولا خوف على العلاقات الثنائية، ولم نتبلغ بعد بزيارة مسؤولين قبارصة لبيروت، لكن الأمر يبقى وارداً". وتناقلت وسائل إعلام قبرصية وأجنبية تصريحات للرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس عقب خطاب نصر الله، أكد من خلالها أنّ "قبرص تظل غير متورطة في أي صراعات عسكرية وتضع نفسها جزءاً من الحل وليس المشكلة".