تتفق التقديرات داخل إسرائيل على أن الاستراتيجية العملياتية التي ينتهجها الاحتلال، ضد برنامج إيران النووي وتمركزها في سورية، قد فشلت.
وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن السياسة الهجومية ضد إيران، وضمنها الهجمات السيبرانية، التي استهدفت أخيراً بنى تحتية مدنية في إيران، والهجمات الصاروخية التي طاولت أهدافاً لها في سورية، فشلت أيضاً في إحداث تحول استراتيجي لصالح إسرائيل.
وفي تحليل نشرته اليوم الإثنين، وأعده معلقها العسكري عاموس هارئيل، لفتت الصحيفة إلى أن الهجمات الأخيرة ضد إيران "يحركها إحباط" في أوساط المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من عزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران.
وحسب هارئيل، فإن الهجمات السيبرانية التي شنتها إسرائيل على إيران أخيراً، بهدف المسّ بمستوى حياة المواطنين الإيرانيين، والتي ترمي إلى دفعهم إلى الاحتجاج على نظام الحكم، لن تسهم في تقويض هذا النظام، فضلاً عن أن الهجمات التي تستهدف العمق السوري، وإن كان يمكن أن تقلص حجم السلاح الذي يتم تهريبه إلى "حزب الله"؛ لن تضع حداً لتهريب السلاح الإيراني إلى لبنان.
وأشار إلى أن القيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل تواصل إطلاق التهديدات بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وضمن ذلك ما ورد على لسان رئيس الحكومة نفتالي بينت في المقابلة التي أجرتها مجلة "التايمز" البريطانية معه، وما جاء في المقابلة "النادرة" التي أجرتها صحيفة "الأيام" البحرينية مع قائد الشعبة الاستراتيجية في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي تال كالمان.
وحسب هارئيل، فإن تحليق القاذفة الأميركية "B1" في أجواء المنطقة، ترافقها طائرات إسرائيلية ومصرية، لم يثر قلق إيران.
ولفت هارئيل إلى أن إسرائيل قلصت من هجماتها البحرية ضد أهداف إيرانية، في أعقاب ردود طهران الانتقامية.
من ناحيته، اعتبر عوفر شيلح، أحد كبار الباحثين في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، والعضو السابق في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، الهجمات السيبرانية التي استهدفت "المسّ بجودة حياة الطبقة المتوسطة" في إيران؛ "غطرسة ستفضي فقط إلى مساعدة إيران على المضي قدماً في برنامجها النووي".
وفي تحليل نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، كتب شيلح أن الاحتفاء بنتائج الهجمات السيبرانية في إيران يحكي فقط قصة "الحماقة الإسرائيلية المتواصلة إزاء الملف النووي الإيراني، وإزاء مجمل القضايا الأمنية، والتي تقوم على الاستقواء عبر توظيف التطور (التقني) والغطرسة تحت شعار "يجوز كل شيء لنا"، والاستلاب لتنفيذ العمليات التكتيكية والاختراعات الإلكترونية في الوقت الذي يتواصل تهاوي مكانتنا الاستراتيجية".
وتساءل: "إن كانت عقوبات ترامب لم تخضع إيران؛ فلماذا نعتقد أن مجرد اصطفاف طوابير أمام محطات الوقود (نتاج الهجمات السيبرانية) يمكن أن يؤدي إلى نتيجة مختلفة؟".
وشبّه شيلح فشل السياسة العملياتية ضد إيران بالفشل ضد "حماس" في الحرب الأخيرة على غزة، حيث "سجلت "حماس" نجاحات هائلة على الصعيد السياسي وعلى صعيد الوعي، في حين اكتفينا نحن بتدمير الأبراج السكنية، وقلنا لأنفسنا إن هذا سيرسم (لحماس) خارطة ألم"، على حد تعبيره.
وأوضح العضو السابق في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست أن السياسة التي تبنتها حكومة بينت وحكومة سلفه نتنياهو منحت إيران الحق في تحديد الوقت الذي تعود فيه إلى الاتفاق النووي، في وقت "تستعطف" الإدارة الأميركية طهران لإقناعها بالعودة للاتفاق.