أجمعت قيادات عسكرية إسرائيلية ومعلقون صحافيون على أنّ السؤال الذي يجب أن يشغل تل أبيب في الوقت الحالي هو عن مشاركة حركة حماس في الرد على عمليات الاغتيال، التي طاولت قيادات الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، فجر اليوم الثلاثاء.
وتوقع مئير بن شابات، مستشار الأمن القومي السابق، أن تشارك حركة حماس في الرد على اغتيال قادة "الجهاد الإسلامي"، مرجحاً أنّ قيادات "حماس" و"الجهاد" يجرون حالياً مشاورات في طابع الرد، في أعقاب تشييع جثامين الشهداء.
وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم الثلاثاء، ادعى بن شابات أنّ الحملة العسكرية حققت هدفها الرئيسي المتمثل باستعادة قوة الردع الإسرائيلية، داعياً إلى استغلال تواصل الحملة في إلحاق أكبر ضرر بحركات المقاومة الفلسطينية.
وبحسب بن شابات، فإنّ على إسرائيل أن تحقق هدفين: أولهما عدم السماح بأن تفضي الردود الفلسطينية إلى تقليص قيمة الإنجاز الإسرائيلي المتمثل بتوجيه الضربة المباغتة لـ"الجهاد". وثانيهما استغلال الحملة في إلحاق أكبر ضرر بحركات المقاومة.
ودعا المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق إلى مراقبة سلوك "حزب الله" اللبناني، وما إذا كان يبدي مؤشرات على عزمه على الإسهام في الرد على اغتيال قادة "الجهاد الإسلامي".
أما تامير هايمان، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، فقد تساءل عن مشاركة "حماس" في الرد على الضربة التي تعرضت لها "الجهاد"، مشيراً إلى أنّ قيادة الحركة في الخارج هددت بالرد، قائلاً: "علينا الانتظار لنرى الأفعال بعد الأقوال".
وفي سلسلة تغريدات على حسابه في "تويتر"، حذر هايمان من أنّ انضمام الحركة يزيد من فرص انضمام ساحات أخرى، وعلى رأسها "الساحة الشمالية"، وهو المصطلح الذي يطلق على ساحتي لبنان وسورية.
ولفت إلى أنّ لدى حركة حماس قدرة كبيرة على الدفع نحو تفجير الأوضاع في الضفة الغربية ومناطق فلسطينيي الداخل، مشيراً إلى أنّ انضمام الحركة إلى الرد على العملية، يزيد من فرص انخراط هذه المناطق في المواجهة.
واعتبر هايمان أنّ توقيت تنفيذ العملية كان "جيداً جداً" لأنه جاء قبل الاحتفاء بـ"يوم القدس"، وهي المناسبة التي تحمل في طياتها إمكانية تفجير الأوضاع، لافتاً إلى أنّ تنفيذ الحملة يمنح إسرائيل القدرة على التخلص من هذه الإمكانية بشكل كبير.
ومن ناحيته، قال عاموس هارئيل، معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، إنّ مشاركة "حماس" في الرد على عمليات الاغتيال، يعني إطالة أمد المواجهة وزيادة مدى إطلاق الصواريخ لتصل إلى منطقة تل أبيب.
وفي تعليق نشره موقع الصحيفة، اليوم الثلاثاء، لفت هارئيل إلى أن ّعمليات الاغتيال يمكن أن تفضي إلى تفجر مواجهة على عدة ساحات في آن واحد، مشيراً إلى أنّ استشهاد أطفال ونساء في عمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل قد يقلص من هامش المناورة أمام "حماس"، ويدفعها إلى المشاركة في الرد.
وأضاف هارئيل أنّ إسرائيل درست إمكانية توجيه الضربة إلى قادة "الجهاد الإسلامي" بعيد إطلاق الحركة حوالى 100 صاروخ من غزة، رداً على استشهاد الأسير الفلسطيني والقيادي في صفوفها خضر عدنان، متأثراً بإضرابه عن الطعام في سجون الاحتلال، لافتاً إلى أنّ إسرائيل أجّلت العملية من منطلق الافتراض أنّ قادة الحركة قد أخذوا في ذلك الوقت الاحتياطات الأمنية اللازمة.
ولفت إلى أنّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اتخذ قرار شنّ الحملة العسكرية تحت ضغوط داخلية كبيرة، ضمنها الاحتجاجات الواسعة على الإصلاحات القضائية التي أعلنتها حكومته، وقرار حركة "المنعة اليهودية"، التي يقودها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، التوقف عن التصويت إلى جانب الحكومة في الكنيست، احتجاجاً على رد إسرائيل "الضعيف" على إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، فضلاً عن اتهام المعارضة للحكومة بأنها عاجزة عن توفير الأمن للمستوطنين في الجنوب.
وأشار هارئيل إلى أنه على الرغم من دعم المعارضة والجمهور الإسرائيلي للحملة على قطاع غزة إلا أنّ هذا الدعم غير مرشح للاستمرار، لافتاً إلى أنّ المعارضة يمكن أن تتهم نتنياهو بأنّ اعتبارات غير موضوعية تدفعه إلى التصعيد في قطاع غزة.
وشكّك هارئيل في إمكانية أن تؤدي الحملة العسكرية إلى تغيير الواقع في قطاع غزة بنحو يفضي إلى تحسين الأوضاع الأمنية في جنوب إسرائيل لوقت طويل.