قرّرت الحكومة العراقية تمديد عمليات "فرض القانون" في محافظة ديالى، شرقي العاصمة بغداد، والإبقاء على قوات النخبة التي جرى استقدامها في شهر مارس/آذار الماضي إلى المحافظة، تمهيداً لبدء المرحلة الثانية من العمليات خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً بعد تسجيل حوادث أمنية جديدة في المحافظة الحدودية مع إيران. وتعد عمليات ديالى الاختبار الأمني الأبرز لحكومة محمد شياع السوداني منذ نيلها الثقة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خصوصاً لجهة القدرة على ضبط السلاح المتفلت وفرض القانون.
مخاوف من تصعيد أمني جديد في ديالى
ولم تستطع القوات الأمنية العراقية الخاصة التي وجّهها السوداني في 8 مارس الماضي إلى ديالى، وأمهلها أسبوعين فقط، إنهاء التوتر الأمني، وسط استمرار المخاوف من تصعيد جديد بأعمال العنف في ديالى، التي تتمتع الفصائل المسلّحة بنفوذ كبير فيها.
الدهلكي: السوداني يواجه ضغوطاً سياسية بشأن العملية
وقال ضابط رفيع المستوى في قيادة عمليات ديالى، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني، أصدر أمراً ببقاء قوات النخبة الآتية من بغداد في محافظة ديالى بغية استمرار عمليات فرض القانون، التي مرّ على إطلاقها ما يقارب شهرا".
وبيّن الضابط أن "الهدف من بقاء قوات النخبة هو إطلاق عمليات فرض القانون في ديالى لمرحلة ثانية، خلال الأيام القليلة المقبلة"، مشيراً إلى أن "العمل متواصل على إعداد خطة هذه المرحلة من جميع النواحي العسكرية والمناطق التي سوف تستهدفها، بعد جمع معلومات استخباراتية عن المجموعات الإرهابية والمليشيات المتفلتة على حد سواء، وتحديث بيانات الشخصيات المطلوبة لدى القوات الأمنية".
وأضاف الضابط أن "القوات الأمنية حقّقت نجاحاً كبيراً خلال المرحلة الأولى من عمليات فرض القانون في ديالى، من خلال اعتقال أكثر من 250 شخصاً مطلوبين للقضاء بجرائم مختلفة، إضافة إلى إحباط عشرات عمليات التهريب من المشتقات النفطية وكذلك العملة الصعبة، وإحباط عدد من المخططات الإرهابية والجرائم الجنائية".
اختبار أمني أول للسوداني
من جهته، أكد النائب عن محافظة ديالى، رعد الدهلكي، تلك المعلومات، وكشف في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، عن وجود "أوامر مباشرة صدرت من قبل رئيس الوزراء باستمرار عمليات فرض القانون في ديالى، من دون تحديد أي موعد لانتهائها من أجل ضبط الأمن والاستقرار بشكل كامل في المحافظة".
وبيّن الدهلكي أن "القوات الأمنية حققت نجاحاً كبيراً في عمليات فرض القانون خلال الفترة الماضية، لكن هناك مناطق لم تشملها العمليات، كما هناك شخصيات خطيرة مطلوبة لا تزال حرة ولم يتم القبض عليها". وأكد أنه لهذه الأسباب "جاء قرار تمديد العمليات الأمنية، فيجب ضبط الأمن والاستقرار بشكل كامل لمنع أي خروقات أمنية خلال الفترة المقبلة، خصوصاً أن السلاح المتفلت لا يزال موجوداً في المحافظة".
وشدّد النائب عن محافظة ديالى على أن رئيس الوزراء "يواجه ضغوطاً سياسية بشأن عمليات فرض القانون في المحافظة، كون هذه الجماعات الخارجة عن القانون لها غطاء وحماية من قبل بعض الأطراف السياسية، وهو ما زال يواجه تلك الضغوط وعليه الاستمرار برفضها والتصدي لها". وأعتبر أن الملف "حسّاس ويعد أول اختبار أمني للسوداني".
الخفاجي: تعاون كبير من قبل الأهالي ساهم بشكل كبير بنجاح خطة فرض القانون
في المقابل، قال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية اللواء تحسين الخفاجي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "القوات الأمنية خلال عمليات فرض القانون تمكنت من إحكام سيطرتها على ديالى، وتمكنت من اعتقال العشرات من المطلوبين للقضاء والمتورطين بالأعمال الإجرامية الأخيرة".
وبيّن الخفاجي أن "وضع ديالى الأمني مستقر حالياً، والقوات الأمنية لا تزال تجري عمليات استباقية ونوعية لضبط الأمن ومنع أي خروقات أمنية، وكل هذه العمليات تستند للمعلومات الاستخباراتية". وأكد المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية أن "الانتشار الأمني ما زال في محافظة ديالى والعمليات الأمنية مستمرة ومتواصلة"، مشيراً إلى أن "هناك جهداً استخباراتياً كبيراً تقوم به القوات الأمنية لإحباط أي مخطط إرهابي أو إجرامي قبل وقوعه، كما أن هناك تعاوناً كبيراً من قبل الأهالي ساهم بشكل كبير بنجاح خطة فرض القانون".
وكان الناشط السياسي البارز في محافظة ديالى، سيف سعد، قد أوضح في تصريحات سابقة هذا الأسبوع، أن "هناك ثلاث مهام دفعت السوداني إلى خيار تمديد العمليات في ديالى، وهي إكمال ملف إنهاء قوائم المطلوبين، وتفكيك شبكات التهريب والعصابات الإجرامية والخارجة عن القانون، وإنهاء مصير 6 مناطق مهجورة لم يعد نازحوها إليها منذ سنوات طويلة نتيجة إشكاليات معقدة". وأكد سعد وجود "مرحلة ثانية لخطة فرض القانون سيتبنّاها السوداني بشكل مباشر، وهي خلق التوازن المفقود منذ سنوات في القرار الحكومي والذي يمثل أكثر الملفات حساسية وتعقيداً في ديالى"، لافتاً إلى أن "حصول تغيرات مهمة في المحافظة وارد جداً".
وتعتبر ديالى واحدة من أبرز المحافظات التي تحتوي على مناطق منزوعة السكان، جرى تهجير أهلها من قبل الجماعات والمليشيات المسلحة، أسوة بمناطق أخرى، مثل جرف الصخر في بابل والعويسات في الأنبار. ولا تزال بعض المناطق، مثل السعدية وقرى المقدادية وحوض العظيم وسد حمرين، خالية من سكّانها وتنشط داخلها جماعات مسلحة.
وتتزايد المطالبات الشعبية للحكومة العراقية بسحب القرار الأمني من المليشيات والجماعات المسلحة في ديالى، والدفع بقوات أمنية إضافية إلى مدن المحافظة، بعد تسجيل هجمات وجرائم قتل واغتيال تصاعدت حدتها خلال الفترة الأخيرة.