تتواصل حملة التحقيقات والإيقافات التي شهدتها تونس طيلة الأيام المنقضية، فيما أُعلن يوم الخميس عن إحالة عدد من المحامين (14 محامياً) إلى القضاء، بعد تسلم الفرع الجهوي للمحامين دعوات لاستنطاقهم خلال شهر مارس/ آذار عند تعيين مواعيد من قبل حكام التحقيق.
ومن بين المحالين العميد الأسبق للمحامين، عبد الرزاق الكيلاني، وزوجة نائب رئيس "حركة النهضة"، نور الدين البحيري، المحامية سعيدة العكرمي، والمحامون سمير ديلو، وأنور أولاد علي، ورضا بالحاج، ومحمد سامي الطريقي، ومالك عمار، والناصر الصغير هرابي، ومحسن السحباني، ومنية بوعلي، ورمزي بن دية، ونزار التومي، وإيناس حراث، وعبد الرؤوف بن الهادي.
وقال المحامي المحال للقضاء سمير ديلو في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الإحالات بالجملة تبين استهداف كل وجوه المعارضة السياسية والقوى الحية والقطاعات التي في طليعة الدفاع عن الحقوق والحريات، بما في ذلك المحاماة"، مؤكدا "اختيار التوقيت تزامنا مع حملة الإيقافات الحاصلة في البلاد".
وأوضح ديلو أن "اختيار هذه القائمة يعود إلى أحداث سابقة شملت اختطاف نور الدين البحيري، وبقيت القائمة في حالة خمول شكلي إلى أن حلت الأحداث الأخيرة وتسارعت وتيرتها فتحركت بقدرة قادر"، مبينا أن" التوقيت غير بريء".
وأضاف أنه "ليست المحاماة فقط التي تعيش اليوم مظلمة، بل كل تونس"، مشيرا إلى أنهم "سيمتثلون للقانون دون الحاجة لمداهمة منازلهم ليلا.. تكفي دعوة كتابية لتوجّههم للقضاء لأنهم لا يخشون العدالة. إن تطلب الأمر تضحيات فهم جاهزون".
ودونت المحامية إيناس حراث، عبر صفحتها على "فيسبوك" قائلة: "ورد على الفرع الجهوي اليوم إعلام بإحالة عدد كبير من المحامين وبتعيين مواعيد لاستنطاقهم من قبل حكام التحقيق. على سبيل الذكر لا الحصر هناك 14 محاميا ومحامية (منهم أنا) أُثيرت ضدهم التتبعات في نفس القضية، وسيقع سماعهم على دفعات من قبل قاضي التحقيق خلال شهر مارس/ آذار. العدد مرشح للارتفاع".
وبحسب حراث، فإن "هناك ملفات أخرى لبعض المحالين، وإن إيقافهم وارد حتى قبل المواعيد المحددة للاستنطاق"، مؤكدة "أن لا أهمية لنوعية القضية أو التهم أو الوقائع أو الإجراءات... لسنا في دولة قانون ليكون لمثل تلك المعطيات معنى أو نتيجة، ويفترض أن الجميع يدرك أن الهدف الواضح والمعلن من كل ما يحصل هو تصفية المقاومة وإخراس الجميع نهائيا. هذا طبعا أمر مستحيل".
سعيد: لا علاقة للإيقافات بحرية التعبير
في المقابل، أكّد الرئيس التونسي، قيس سعيد، أن "حرية التعبير مضمونة، ولا وجود لعلاقة إطلاقا بين هذه الإيقافات وحرية التعبير، بل بالتآمر والفساد، وبالاستيلاء على أموال ضخمة من مؤسسات مصرفية وُزّعت خارج كل إطار قانوني، وأدّت إلى الإعلان عن إفلاس بعضها"، وفق قوله.
واجتمع قيس سعيّد، اليوم، بوزير الداخلية توفيق شرف الدين، الذي كان مرفوقا بإطارات أمنية عليا.
وبحسب بيان للرئاسة التونسية، فقد "تداول هذا الاجتماع في سير الأبحاث في قضية التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، حيث جدّد رئيس الجمهورية حرصه على معرفة الحقيقة كاملة في كنف الاحترام التام للقانون". وقال سعيد إنه "قد جرى احترام جميع الإجراءات بالرغم من أن البعض يبحث في الإجراءات عن أحكام للتفصّي (للإفلات) من المساءلة والمحاسبة، كمن ادّعى المرض وتظاهر بالجنون حين طاولته يد القضاء".
وأشار الرئيس التونسي إلى أن "من يدّعي أن حرية التعبير مهدّدة فإمّا أنه لا يعلم حقيقة الملفات، وإما أنه يتجاهلها للإساءة لبلده ووطنه، ويرفض المحاسبة التي ينادي بها الشعب".