تحول اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، الغرفة الأولى للبرلمان المغربي، الأربعاء، إلى ساحة للملاسنات الحادة بين حزب "العدالة والتنمية"؛ قائد الائتلاف الحكومي الحالي، وحزب "الأصالة والمعاصرة"؛ أكبر حزب معارض، في إشارة جديدة إلى عودة التوتر في علاقات الغريمين السياسيين خلال الأيام الماضية.
وبدأت الملاسنات الحادة بعد أن طالب النائب عن حزب "العدالة والتنمية" محمد خيي، خلال مداخلته أثناء انعقاد اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية لمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2021، حزب "الأصالة والمعاصرة"، المعروف اختصارا بـ"بام"، بالاعتذار للمغاربة عن "أخطاء الماضي"، متهماً إياه بأنه كان، منذ تأسيسه في عام 2009، يشتغل بمنطق "العصابة السياسية"، و"التخويف وزرع الرعب في تعامله مع المغاربة، وتهديد الفاعلين والتحكم في مصائرهم والاستقواء بالمؤسسات وتسخيرها لصالح الحزب".
وتابع خيي هجومه، متهماً "الأصالة والمعاصرة" بـ"المقامرة بالثوابت الجامعة للأمة المغربية"، وبالضلوع في "حراك الريف"، وأحداث ملف مخيم "أكديم إزيك" بالعيون، كبرى حواضر الصحراء، وكذلك "صناعة الخريطة السياسية بالمغرب"، قائلاً إن "لم يكن الاعتذار على مثل هذه الأمور الخطيرة فمتى سيكون؟".
وألقت الأجواء المشحونة التي خلقتها اتهامات برلماني "العدالة والتنمية" بظلالها على اجتماع اللجنة النيابية، حيث سارع برلمانيو "الأصالة والمعاصرة"، للاحتجاج بشدة، مطالبين بسحب تلك الاتهامات "جملة وتفصيلاً"، ومهددين بالانسحاب من الجلسة.
ويأتي التوتر الجديد في ظل بوادر انهيار آمال التطبيع بين الحزبين وطي صفحة العداء القائم منذ 2009، بعد أن وجه المكتب السياسي لـ"الأصالة والمعاصرة" انتقادات حادة، الأسبوع الفائت، إلى حزب "العدالة والتنمية"، مبدياً استغرابه لما وصفه "بشروع البعض من الآن في كيل الاتهامات والتشكيك في مضمون الانتخابات حتى قبل إجرائها، مكرسين بذلك لسلوكات وممارسات كنا نعتقد أنها من الماضي وتم تجاوزها، لا سيما وأنّ الحزب قام بكل ما بوسعه لخلق علاقات سياسية مبنية على الاحترام والصدق في ممارسته للصراع السياسي".
وأثار موقف المكتب السياسي أسئلة عدّة حول ما إذا كانت العلاقة بين الحزبين قد عادت إلى المربع الأول، أي العداء والصراع، بعد أشهر من محاولة طي ماضي الخلافات، التي قادها الأمين العام الجديد لـ"الأصالة والمعاصرة"، عبد اللطيف وهبي، الذي تجمعه علاقة طيبة بالعديد من قادة الحزب، مثل الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران، كما كان من الداعمين للتحالف بين الحزبين في انتخاب رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة العام الماضي. وهو التحالف الذي وصفه بـ"الإنجاز الحقيقي والأمر المحترم الذي يسعى لتصحيح أخطاء الماضي".
وكانت اللقاءات التي أجرتها قيادة "الأصالة والمعاصرة"، في يوليو/ تموز الماضي، مع الأحزاب السياسية لا سيما الغريم السياسي، حزب "العدالة والتنمية"، قد فتحت المجال واسعاً لحدوث تغييرات في علاقات الحزب مع محيطه في اتجاه "التطبيع" مع المشهد السياسي، بعد أن كان قد بنى خطابه السياسي التأسيسي في عام 2009، على مواجهة الإسلاميين، وهو الخطاب الذي استنفد أغراضه منذ الفشل في الفوز بالانتخابات التشريعية عام 2016.