- الرئيس قيس سعيّد ورئيس الهيئة العليا للانتخابات ينفيان وجود تعارض، مع ميل السلطات لعدم تعديل القانون الانتخابي رغم التغييرات الدستورية.
- هذا التعارض يهدد بتعقيد العملية الانتخابية ويثير تساؤلات حول شرعية الإجراءات الانتخابية، مما يضع هيئة الانتخابات أمام تحديات كبيرة في تنظيم الانتخابات.
نبه خبراء القانون الدستوري في تونس من فراغ تشريعي على مستوى شروط الترشح للانتخابات الرئاسية في خريف 2024 بسبب تعارض الدستور الجديد مع القانون الحالي، مع توجه السلطات إلى عدم تعديله.
وكان الرئيس قيس سعيّد قد قال خلال لقائه رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر، في 6 مارس/ آذار الماضي، إنّ "دستور 25 يوليو/ تموز 2022 جاء بشروط جديدة للانتخابات الرئاسية وليس هناك أي مبرر للحديث عن إدخال تنقيحات على القانون الانتخابي"، مشيراً إلى أنه "لا وجود لتعارض بين أحكام الدستور والقانون الانتخابي".
وتنتهي هذا العام ولاية الرئيس سعيّد، الذي فاز في جولة إعادة الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
وأعلنت هيئة الانتخابات في تونس عن انطلاق الاستعدادات لعقد الانتخابات الرئاسية التي ستكون إما في شهر سبتمبر/ أيلول، أو أكتوبر/ تشرين الأول المقبل احتراماً لدورية هذه المحطة الانتخابية.
ونفى رئيس الهيئة في تصريحات صحافية لوسائل إعلام محلية، أي نية لتغيير القانون الانتخابي بصيغته الصادرة في 2014، مؤكداً التوجه نحو تنقيح قرار هيئة الانتخابات، الذي سينظم شروط وإجراءات الانتخابات الرئاسية، بهدف تطبيق ما ورد في الفصل 89 من الدستور، بشأن شرط سنّ الترشح التي أصبحت 40 سنة بدل 35 في دستور 2014، وشرط الجنسية الذي يشدد على الجنسية التونسية للترشح لا غير، وأن يكون المترشح تونسياً مولوداً لأب وأم تونسيين، وأن يكون الجدّان أيضاً من جهة الأب والأم، تونسيين، بالإضافة إلى تمتع المترشح بكامل الحقوق المدنية والسياسية.
3 نقاط بالدستور تتعارض مع القانون الانتخابي في تونس
من جانبه، أكد أستاذ القانون الدستوري، عبد الرزاق المختار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "وجود تعارض بين الدستور الحالي والقانون الانتخابي لسنة 2014 في ما يتعلق بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية، وهو ما يتطلب ضرورة تدخلاً تشريعياً".
وبحسب المختار فإن "هناك ثلاث نقاط رئيسية جاء بها دستور 2022 تتعارض مع القانون الانتخابي، تتمثل في شرط السن، وشرط الجنسية، ومسألة التزكيات، التي كانت في دستور 2014 تُجمع من أعضاء المجالس البلدية أو مجلس النواب أو المواطنين، بينما صيغة الدستور 2022 تتحدث عن المنتخبين، بمن فيهم مجلس الجهات والأقاليم، في حين أن القانون الانتخابي لا يشير إلى هذه الشروط".
وشدد المختار على أنه "من غير الممكن أن تستوعب هيئة الانتخابات، بمجرد قرار ترتيبي، الشروط الدستورية الجديدة دون حاجة لقانون أساسي"، مؤكداً أن "الدستور يحيل على القانون الانتخابي وأنه بالضرورة لا بد من تعديل للقانون المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء".
وحذر أستاذ القانون الدستوري من أنه "في غياب ذلك ستعتبر كل الإجراءات اللاحقة غير دستورية، ويمكن الدفع لأي مترشح أو منافس بعدم دستوريتها أمام المحكمة الإدارية أو أي محكمة ستنظر في المادة الانتخابية، سواء بالطعن في النتائج أو عند رفض قبول الترشح أمام القاضي العدلي أو الإداري".
وأكد أن "المرور مباشرة من الدستور دون قانون، يتعارض تماماً مع القاعدة القانونية بأي طريقة وفي أي بلد كان، ويجب تنقيح النص أو سنّ نص جديد".
واستغرب المختار "عدم الانتباه لضرورة ضبط موعد الانتخابات في دستور 2022 وهو فراغ خطير، وفي غياب قانون أو بند في الدستور ينص على موعد انتخابات الرئاسة، (..) لا شيء يجبر على إجراء انتخابات هذا العام في هذا الموعد"، مستدركاً بالقول: "لعل ذلك الهدف من عدم التنصيص على موعد الانتخابات".
هيئة الانتخابات في تونس أمام مأزق
وعن شرط الحقوق المدنية والسياسية، قال المختار: "لا نعلم كيف ستتعامل الهيئة مع هذا الشرط وكيفية التنصيص عليه وتنفيذه مع وجود مرشحين محتملين في الإيقافات أو ملاحقين وفي طور التحقيق ولم تصدر فيهم أحكام باتة ولم يفقدوا حقوقهم بحكم قضائي".
وأكدت أستاذة القانون الدستوري، وخبيرة الشأن الانتخابي، منى كريم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك نصوصاً قانونية لم تعد متلائمة مع الواقع على غرار القانون الانتخابي ومجلة الجماعات المحلية".
كما أكدت كريم "وجود تعارض بين شروط الترشح للانتخابات الرئاسية المنصوص عليها في الدستور وتلك الموجودة في القانون الانتخابي لسنة 2014"، مرجحة "رفض الترشحات للانتخابات الرئاسية وفق قانون 2014 من حيث الشكل، لأن القانون غير متوافق مع الدستور".
وشددت على أن "الدستور يجب أن يُطبق باعتباره أعلى قاعدة من القانون، تليه القوانين الأساسية، منها القانون الانتخابي، وبالتالي هناك فراغ تشريعي لتعارض قانون 2014 مع الدستور"، وتابعت أن "هيئة الانتخابات ستجد نفسها أمام مأزق تنفيذ القانون، سيحتم عليها اتخاذ نصوص تطبيقية تنفذ بها مباشرة الدستور إذا تواصل الفراغ القانوني".