أثار الخلاف بين مستشارة الرئيس التونسي السابقة، رشيدة النيفر، والرئيس الأسبق لهيئة مكافحة الفساد الموضوع قيد الإقامة الجبرية، العميد شوقي الطبيب، جدلا حول حقيقة إسقاط حكومة إلياس الفخفاخ وكواليس الحكم في تلك الفترة التي بقيت غامضة.
ويمثل إسقاط حكومة الفخفاخ أحد الأسباب التي أشعلت الخلاف بين الرئيس التونسي قيس سعيد والأغلبية البرلمانية بقيادة حزب النهضة والتي سعت لسحب الثقة من الفخفاخ بلائحة برلمانية ليسارع الأخير إلى تقديم استقالته، بما أعاد صلاحية تعيين رئيس الحكومة الذي يليه إلى سعيد ويمنع عودة المبادرة إلى البرلمان.
واتهمت المستشارة السابقة المكلفة بالاتصال والإعلام برئاسة الجمهورية، الطبيب، في تعليق على صفحة الحقوقي كمال الجندوبي في "فيسبوك"، بـ"خرق مبدأ سرية المعطيات الخاصة للمصرحين لدى هيئة مكافحة الفساد، وذلك بتسريب معلومات تتعلق بملف رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ قبل أن ينظر القضاء ويحسم في القضية"، معتبرة أن ذلك "كان منطلق سقوط الحكومة"، بحسب توصيفها.
وسرعان ما رد الرئيس الأسبق لهيئة مكافحة الفساد على اتهاماتها التي أرجعتها ضمنيا إلى ملف شبهات تضارب مصالح كان يلاحق الفخفاخ وتسبب في استقالته، قائلا إن "رئيس الحكومة السابق هو نفسه الذي كشف ملفه خلال حواره التلفزيوني واعترف صراحة بأنه صاحب شركات لا تزال تتعامل تجاريا مع الدولة، والحال أنه رئيس حكومة... كما أن الفخفاخ هو الذي اختار في الأخير الاستقالة وعدم الدفاع عن نفسه أمام الرأي العام".
وقال الطبيب: "الهيئة تعهدت بالملف في إثر تقدم النائب ياسين العياري بعريضته، وتقدمه في نفس الوقت بشكاية إلى النيابة التي طلبت على الفور من الهيئة نسخة من التصريح بالمكاسب والمصالح للفخفاخ، وعهّدت قاضي تحقيق في القطب بالملف".
وذكّر الطبيب بالضغوطات التي تعرض لها وبتحفظه عن التصريح والحديث أمام لجنة التحقيق البرلمانية وكشف المعطيات، مشيرا إلى أنه طالب بسرية الجلسة، بحسب تعبيره.
وأكد الطبيب أن مستشارة الرئيس السابقة نقلت في معرض حديثها "معلومات مغلوطة حول الهيئة وملف الفخفاخ.. من المهم اليوم أن نعلم أن دائرة رئيس الجمهورية مقتنعة بها أو تروج لها، من ذلك أن الهيئة هي التي سربت ملف الفخفاخ للرأي العام وأن النهضة هي التي دفعت الهيئة للقيام بذلك لإسقاط الفخفاخ".
واستنكر الطبيب اتهامه بالعلاقة مع النهضة لضرب الفخفاخ قائلا: “الهيئة يعتبرها جمهور النهضة وراء عدم منح حكومة الجمني الثقة حين كشفت عن وجود شبهات تحيط ببعض وزرائه المقترحين… وعلى صعيد شخصي اسألوا الأمين العام السابق لاتحاد الشغل، حسين العباسي، عن الحزب الذي اعترض على اقتراحي سنة 2013 لرئاسة حكومة الكفاءات خلال الجولة الأخيرة من الحوار الوطني، حين لم يبق آنذاك في السباق غير اسمي والسيد جلول عياد".
وللتذكير، فقد تمت إقالة الطبيب من رئاسة الهيئة، العام الماضي، من قبل الفخفاخ وبمباركة من الرئيس سعيد، والذي اعتبره ناشطون وأحزاب وقتها انتقاما منه وتشفيا بسبب كشفه ملف تضارب المصالح الذي تسبب في سقوط حكومة الرئيس.
وكان سعيد قد استقبل القاضي عماد بوخريص الذي خلف الطبيب ليبرز دعمه له مباشرة، علمًا أن الطبيب رفض في البداية قرار إقالته وتسليم الهيئة وملفاتها، وقامت قوات الشرطة منذ يومين بإخلاء مقر الهيئة من موظفيها وسط حالة ذهول من منظمات المجتمع المدني، خصوصا أنها تتضمن معطيات شخصية وسرية لآلاف الموظفين والمسؤولين التونسيين.