حذرت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، اليوم الأحد، من مخاطر الانهيار الوشيك للدولة، داعية إلى الإسراع بإيجاد حلول، مؤكدة في الوقت ذاته مواصلتها النضال إلى حين تحقيق مطالبها، ومنها إطلاق سراح الموقوفين، والدفاع عن الحريات.
ورفع المحتجون عدة شعارات، منها "يا قضاء أوقف استبداد الفرد"، "الحرية للمعتقلين"، "حريات حريات لا قضاء التعليمات"، "العدالة هي الكل".
وأكد رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، في كلمة له، إن الوضع في تونس "خطير وينبئ بالانهيار، وذلك نتيجة السياسات الخاطئة والتصريحات المتواترة وغير المدروسة لقيس سعيّد".
وأضاف الشابي أن "الحل في الحوار والحل في الوحدة الوطنية"، مؤكداً أن "الدعوة موجهة مجدداً لاتحاد الشغل ولكل الفرقاء السياسيين"، مشيراً إلى أن "المؤامرة ليست من المعارضين، بل هي من الداخل وجراء انقلاب قيس سعيّد".
ولفت إلى أنهم "حريصون على الاستقرار، ونحن أهل البيت، والرسالة لكل الأحرار في العالم أننا لا نقبل أي تدخل أجنبي وخارجي من أي دولة".
نحو الانهيار
ولفت الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لا وصاية ولا وساطة في الحوار من أي دولة"، مؤكداً أن تصريحات قيس سعيّد "تزيد في عزلة البلاد، وقد تقود للانهيار، خصوصاً بعد حديثه عن صندوق النقد الدولي، محاولاً إغلاق الباب على مصادر تمويل البلاد، ما يعني عجز تونس بعد بضعة أسابيع عن تسديد ديونها، مبيناً أن هذا يعني اللجوء إلى منتدى باريس.
من جانبه، قال عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين سمير ديلو في كلمة له إنه "مهما كانت أكاذيب النظام، فلا أحد يصدق أن الموقوفين متآمرون، وقادرون على تغيير نظام الحكم".
وأضاف ديلو أنه "رغم منع مكبرات الصوت لإخماد أصواتهم، ولكن حناجرهم كافية"، مؤكداً أنه "بعد السياسيين كان دور المحامين والقضاة والإعلاميين".
بدوره، أكد رئيس حزب العمل والإنجاز، عبد اللطيف المكي، في كلمة له، إنه "في ذكرى 9 إبريل 1938 التي سقط فيها شهداء للمطالبة ببرلمان تونسي، فإنهم اليوم أيضاً يحتجون للمطالبة ببرلمان تونسي، يمثل كل التونسيين ولا يمثل فئة".
وأوضح المكي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المطلوب "أن تقف السلطة وقفة عادلة وتكون هناك وحدة ويتم التوجه للعمل، ولكن للأسف لا يمكن في ظل احتكار سعيّد للسلطات، أن يفرض رؤاه على البلاد ويطلب من الشعب أن يضحي".
وبين أن الهدف من ضغط الشارع توحيد موازين القوى، فالانقلاب "في حصار نتيجة زيف الشعارات وذلك بفضل جهد المعارضة وخاصة جبهة الخلاص، وبالتالي الوضع يتطور ويتغير".
الهدف من ضغط الشارع هو توحيد موازين القوى
وفي السياق، قال القيادي في حركة النهضة، العجمي الوريمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هذه المسيرة "تأتي في ذكرى عيد الشهداء 9 إبريل، وهذا يذكرهم بالحركة الطلابية، فما بالنا والبلاد عرفت ثورة؟".
وبيّن الوريمي أن أجيالاً وراء أجيال تتعاقب لبناء تونس وما أشبه اليوم بالأمس، مشيراً إلى أن الديمقراطية متجذرة في الشعب التونسي الذي خرج في 9 أبريل للمطالبة بنظام ديمقراطي قائم على الفصل بين السلطات وببرلمان تونسي.
ولفت إلى أنهم مع الشرعية ومع الحريات، مبيناً أن المعارضة جزء من التقاليد النضالية، ولا يمكن بناء دولة دون معارضة، وجبهة الخلاص الوطني جبهة واسعة تضم عدة عائلات تؤمن بالثورة.
تفاقم الأزمة
ويرى مستشار رئيس حركة النهضة، رياض الشعيبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تصريحات سعيّد أخيراً حول المعتقلين "مثّلت منعرجاً في الأزمة، بسبب عدم إنصات الرئيس لكل النداءات المطالبة بحوار وطني، وبحل الأزمة السياسية، والتعاطي الإيجابي".
وأضاف الشعيبي لـ"العربي الجديد" أنه "للأسف تم تضخيم الأزمة وأدخلها سعيّد في متاهات، حتى إن المطالب تحوّلت من استعادة الديمقراطية، إلى إنقاذ الدولة، وسيتحمل الشعب الكلفة".
وأصدرت حركة "النهضة" بياناً في ذكرى عيد الشهداء قالت فيه إن هذا الاحتفاء يأتي "في وضع وطني صعب للغاية تتصدره الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصادية والمالية الصعبة وأزمة سياسيّة خانقة تكاد تعصف بكل المكتسبات التي راكمها التونسيون نتيجة التفرد بالسلطة وتهميش مؤسسات الدولة والانقلاب على المؤسسات الشرعية والعودة إلى المحاكمات السياسيّة".
وحذرت من "انهيار الأوضاع بالبلاد بسبب خيارات رئيس سلطة الانقلاب الشعبوية (سعيد) وأبرزها رفضه التفاوض مع صندوق النقد دون تقديم أي حلول بديلة، وهو ما قد يؤدي إلى منزلق خطير من الفوضى والمصير المجهول ويهدد بضياع مكتسبات الدولة الوطنية التي سقط من أجلها الشهداء".
بدورها، أصدرت هيئة الدّفاع عن المعتقلين بياناً، اليوم الأحد، ردّاً على تصريحات سعيد في مدينة المنستير يوم الخميس الماضي، واستغربت قوله عن المعتقلين السياسيين إن "أياديهم ملطّخة بالدّماء".
وقالت الهيئة إن "هذه التصريحات ليست الأولى من نوعها في خصوص هذه القضيّة بل سبق له أن قال إن ’إدانة المورّطين في هذه القضيّة ثابتة حتى قبل أن تنطق بها المحاكم’ كما أنه هدّد في مناسبة أخرى القضاة المتعهدين بهذا الملف قائلاً ’ومن يتجرأ على تبرئتهم فهو شريك لهم’، وتوعّد أيضاً في تصريح آخر مماثل كل من يفرج عنهم.... دون أن ننسى أنّه لم يُفوّت فرصة إلا وعمد إلى تشويه المنوبين ووصفهم بالعملاء والخونة والمجرمين".
وقالت الهيئة إنه "لا وجود في ملف التآمر لقتيل أو جريح حتى نتحدث عن أيد ملوّثة بالدّماء ولعل الجثة الوحيدة التي يمكن الحديث عنها هي جثة ’العدالة’ التي ذبحت من الوريد إلى الوريد، إذ تمّ تدمير مرفق القضاء من خلال مراسيم جديدة مكنت السلطة التنفيذية من التحكم في المسار المهني للقاضي و حتى من عزله إذا غضبت عليه".
وقالت إنه "ليس من حق رئيس الدّولة ولا من صلاحياته التدخّل في الملفّات القضائية، والتأثير على قرارات القضاة المتعهدين بها، بعد أن عزل الكثير منهم بلا ذنب اقترفوه وبعد أن حلّ مجلسهم الشرعي وحوّل القضاء من سلطة إلى وظيفة، عاملاً على تدجين القضاة بالكامل وتطويعهم لتنفيذ تعليماته وتصفية خصومه السياسيّين".
وأكدت أن" ملف "التآمر" يبقى ملفاً فارغاً يفتقد إلى أدنى دليل أو قرينة تثبت إدانة المنوبين أو تبرّر اتهامهم بارتكاب جريمة إرهابية، فلا وجود لخطة لقلب نظام الحكم، ولا وجود لتحضير لتفجير أو تدمير، ولا وجود لأسلحة أو محاولة اغتيال ولا أي جريمة أخرى من الجرائم الإرهابية، وحتى ما سمي بتهمة ’التّخابر مع دبلوماسيين أجانب’، نسفتها النّيابة العمومية عندما نزّهت كلّ الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين في تونس عن مخالفة القوانين، وتبقى هذه القضيّة قضية سياسيّة بامتياز تهدف بكل بساطة إلى تصفية المعارضة السياسيّة واستدامة السّلطة بيد من يحكم اليوم".
واعتبرت الهيئة أن "إجراءات هذه القضيّة بعيدة كل البعد عن المعايير الدوليّة للمحاكمة العادلة وليس فيها أي احترام لحق الدفاع، ولا تتوفر في الوقت الحاضر أي ضمانة من ضمانات استقلال القضاء، وبالتالي فإن عبارة "دعوا القضاء يشتغل" أصبحت فاقدة لكل معنى".